حين تفتقد الأمة واعظيها، وتدلهم لياليها، وتتسربل أنوارها بظلماتها، وتختفي عمائم مرشديها، وتتلاشى رجالات صولاتها وجولاتها، وحين يكون الدين غامضا لا يستطيع فهمه أو شرحه أبناء العرب وورثة الرسالة المحمدية، وحين تنقلب الموازين انقلاب الموت للحياة، والحياة للموت، يكون لزاما علينا أن نحمل مصاحفنا...
رأى تشارلز بوكوڤسكي، فيما يرى النائم، أنه في حانة الطائر الأزرق، بشارع سان برنار، بمدينة باريس. كان واقفا عند الركن القصي من الكونطوار، يشرب كؤوس الجنّ، GIN،واحدة بعد الأخرى، ويتحدث إلى البارميطة الحسناء، ويقرص خدها أو صدرها كلما اقتربت منه، ثم يضحك ضحكة عالية، وينفث دخان سيجارته الكثيف. كانت...
أقبل الشتاء ، وأقبلت معه زخات المطر وسكون السحر ، وتعانقت فيه أنفاس البرودة وأحضان الدفء ، أحن فيه إلى خبز جدتي وطهوها البسيط ، ونحن نتحلق دوة الجمر نستدفيء بشعاعها وحنان حضن الجدة الممزوج برائحة الطين اللبن المعتقة بالجدران. يطرق المطر سطح بيتها المصنوع من السعف فتساقط علينا بعض قطراته في...
في زيارتي مؤخرا للبنان ، كان لزاما علي أن ألتمس عبق الفن والأدب والأناقة والسحر والجمال الذي كلل كتابات معشوقي الأول في الشعر جبران خليل جبران ، فمذ ناهزت الثالثة عشر بدأت جوهرة الشعر تتبلور في مخيلتي لتأخذ مكانها على ساحتي الاجتماعية ؛ فيلقبني المحيطون بالشاعرة ، كنت وقتها أستقي من نهر شعراء...
ماذا لو أعطيت كل صباح أربع وعشرين خزانة، وطلب منك أن تملأ كل ساعة، واحدة من تلك الخزائن بما يمكن أن تجده بعد عشرين عاما في انتظارك، فبم ياترى ستملؤها؟ هل تفحصت ذاتك جيدا؛ لتعرف ما يمكنك أن تحتفظ به بصدق لسنواتك المقبلة؟ وهل تفكرت في سني عمرك التي تنسرب من بين أصابعك كماء هارب كيف يمكنك أن...
الى يمام 9 مطر مازال لم يغادرني... مطر في الذاكرة... مطر في الأحلام... مطر يتساقط بين الذكرى والذكرى ليجعلها تسيل من بين أصابعي... ذكرياتي تتسايل ولا أستطيع أن أمسك بها... لا أقوى على الاحتفاظ بخصوصيتها، وسريتها، وانتهاكها الآن بفعل التطهر ربما، أوبقصد الوفاء للجميل من الذكرى الجميلة التي كانت...
هل سألت نفسك يوما لماذا خلقت؟ ربما تكون الإجابة هي أن الله خلقنا جميعاً لنعمر الأرض، فكل البشر مستخلفون فيها لأداء دور معين. وهل تساءلت داخلك وبحثت عن دورك في تلك الأرض؟ أم أنك مازلت تمثل عليها دور المستهلك فقط؟ لا شيء في هذا الكون خلق عبثا، كل فرد منا موجود في هذه الحياة لحكمة، فإن أدركت دورك...
الرواية النسائية بالكويت و حرب الخليج الثانية ذ.الكبير الداديسي على الرغم من كون الكويت من أقدم الدول العربية عهدا بالرواية إذا ما قورنت ببعض دول الجوار أو دول عربية أخرى- إذ ترجع بواكير روايتها إلى النصف الأول من القرن العشرين برواية (آلام صديق) لفرحان راشد الفرحان الصادرة سنة 1948- فقد ظل...
("حرب الرواية الجزائرية" فصل يروي صراع بطل الرواية خالد لأجل الوجود في عالم الكتابة.. إنها ثورة على الاحتكار والإقصاء والتهميش في الحقل الأدبي اعتمادا على قصة حقيقية.. وهي بلا ريب تشكل لونا أدبيا جديدا في الأدب.. إنه صنف أدبي سيري واقعي مستقل يُكتب بحزن وألم منتقدا الاحتكار الأدبي، مطالباً بفتح...
ثمة جمر وتضاريس مانحة للغواية تحت فستانك الأحمر وقلاع وحصون لممالك منسية فتن ومؤامرات لا تكتبها عيناك اللتان تشعان طيبة وحنانا عيناك اللتان تقاومان افلاس العالم ذاك المحروم من بهاء اشراقاتك وانت تضمين الوردة للوردة وتخفين براعاتك وجنون رغباتك المنداة بأنين الشهوة وشبق القناديل الليلية حين يلتقي...
("حرب الرواية الجزائرية" فصل يروي صراع بطل الرواية خالد لأجل الوجود في عالم الكتابة وكيد البطل الثانوي "الشقي"، الذي يجسد الاحتكار والتهميش، لإقصائه... يُنشَر هذا الفصل في أجزاء، اعتمادا على قصة حقيقية) يكاد موضوع السرطان هذا ينسينا موضوع الحسد وصديقك الشقي الذي راح يتهجَّم عليك! هههههه! أين...
قصتنا اليوم – يا من تقرؤون – سيرويها أبطالها .. وهم ليسوا أبطالاً إلا لأن قصتنا تتناولهم ، هم بالحقيقة صعاليك مجهولون وفاشلون..طرطشاتٌ مائية تنقذف من برك الطريق عندما تشقها عجلات السيارات المسرعة .. ومن يأبه بتلك الطرطشات الموحلة .. بل على العكس يتحاشاها الجميع وينظفون ثيابهم لو تطرطشت بها .....
(يُنشَر هذا الفصل في أجزاء ويصوّر صراع الأديب للوجود في عالم الكتابة اعتمادا على قصة حقيقية) الجزء الثاني \ إنّي أذكر، يا صديقتي يا وفاء، أنّه استعان يوما بالأصدقاء من خلال منشور تحدّث فيه عن مشروعه، وعبّر فيه عن حاجته إلى من يساعده على إنجازه، وعرض بعض النماذج الفوتوغرافية يختار منها الأصدقاء...
حقّا، تداخلتِ الولادة بالجنونِ على أثيرٍ واحدٍ... و تنكّر الحلم العتيق لكلّ آفاقِ الرؤى حتّى يغيّر وجهه أو ينـقُـلَهْ ... كلّ الحواسِّ تآكلت في صمتي النّابي كأنّ الصمتَ ضدّ يستظلّ بضدّه، رجلٌ يثنّي في المهالكِ مقتــلَهْ. ماذا أقولُ لكم إذا دعس الغبار جميع خيلي في الطريق و كثّر الشفقُ...
حين يهم الباحث أو الناقد بإنجاز عمل ما فإنّ أول نقطة يركز عليها هي احتياجات المتلقي والدارس لمختلف المعارف العلمية التي تذلل له مختلف الصعوبات، وتفتح له منافذ التواصل مع تاريخه وتراثه الفكري عبر حقبه التاريخية، ونحن في هذا المؤلف سلطنا الضوء على " متلقي الشعر العربي الحديث المعاصر" وما يهتم...
نولد عراةً، ونخجل من عرينا، نُوصى بأن نتحدث بخفرٍ وحياءٍ، لذا سرعان ما ننسى أوّل صرخةٍ وهبتنا الحياة بمزيج من خوفٍ وفضولٍ. لاأختار ما أكون، تختار لي آلهتي أن أكون، وتهبني عقلاً وأعضاء لأكون ما تريده!. في الخامسة من عمري تسرّبت إلى أذنيّ جملةٌ من ثرثرة نساءٍ، فهنّ أقل ما تكترثن به حضور طفلٍ،...
مرت الأيام سريعة في موسكو، وبدأت المفاهيم المترسخة داخلي بالذوبان كالثلوج بعد أن قمت بالتخلص من الصوت الغريب الذي كنت أسمعه يصدح في عقلي، لكني لا أشعر أني على ما يرام. لم يعد هناك شيء يمنعني من إشعال سيجارة كل دقيقة دون توقف. أو إلقاء قارورة ماء على الرصيف؛ ثم مغازلة فتاة شقراء في محطة الحافلات...
مرة أخرى أقف أمام بابه الخشبي الطامس في الأرض لقدم البناء، هذا الباب وحده يحمل على كتفيه ثقل البيت، كنت مشتاقا جدا أن ادخل إلى باحته، واقف في رواقه المجسم والمقسم بفواصل خشبية على شكل شبابيك عمودية الوضع قد مضى عليها دهر من الزمن ... الباب لأول مرة مقفل والممر فارغ تماما من المارة والزائرين وحتى...
الى صديقي الراحل الشاعر( محمد درويش علي)... طيلة حياتي ابحث عن الشهرة والعلو واصنع في رأسي الصغير أوهام المجد بتخيلات العظمة والقوة والسلطة والإنسانية والتمرد على الشر وقوانين الغابة السائدة في الشارع، الكل له سلطان وحكم بافتراءات وغيرها، حتى منظف الشارع يحكم ويسجن بسلطة المكنسة التي تزيح كل...
أيَّ باب بعد أطرق؟ ،وأي جهة استعين بها ؟، ها هم الأطباء يعجزون عن تثبيت ابني في رحم أمه، وعجز الطب الروحاني عنه أيضا ،من يساعدني لحل أزمتي ،كل الأشياء قبلتها وكل الأمور ذهبت إليها حتى النذور أقمتها ولم يعش لي بنت أو ولد ، احلم أن أكون أبا ... وقد مرَّ على زواجي عشر سنين وكل سنة ادفن فيها ابني...
لم أتوقع منها سوى شيء يبعث روح الأنانية بطريقة الحقد الدفين بعد أن تغلغل الى أعماق روحها الشريرة،فلم تعد تصبر على الاحتفاظ بضحكتها وابتسامتها السمية التي تكشر عن أنياب السم التي تقتل نفسها إن لم تجد من تقتله. اعرف ذلك الوجه، منذ أكثر من عشرين سنة ونيف... ها هي لم تتعلم من الحياة وتجاربها إلا...
وجد نفسه مشدودا الى خلية (سعيد متروك) للعمل والفكر اللذين نذر عمره لهما منذ تحسساته الاولى بان الفكر لا يمكن ان يقف على قدميه ويؤثر ويقاتل الموتورين واعداء الهمجية الا بالإقدام دون هوادة.. والمثقف لا يمكن ان تثمر ثقافته واقعا متغيرا ما لم يغادر لعنة الجبن والتردد طالما ان هناك بعض الاقوام لا...
فجأة وجد نفسه إزاء موقف لا يحسد عليه، ولم يفكر يوما بأنه يفكر في شخص أخر أو يعره أي اهتمام بعد أن عانى كثيرا من رتابة وملل الحياة التي يغوص في بقاياها...وجد نفسه مرة واحدة عاشقا، ومد لها حد النخاع.. حلما بتلك المرأة الارستقراطية المزهوة بجمالها وكأنما يتسلم شفرة سرية ،فلقد ايقظت في أعماقه أحاسيس...
كانت علاقتي بأبي تشهد شدا وجذبا بين الفينة والأخرى؛ فبالرغم من الحذب الذي كان يشملني به، فقد كانت بيننا أزمة أفكار. كان له عالمه الخاص، الذي يتأثر بظروف عمله واحتكاكه باللصوص والقتلة والمجرمين؛ فهو دائما يقع في شرك التداخل بين عمله وبين حياته الخاصة.. فتراه يمارس لعبة الإسقاطات على كل أفراد...
أحتفظ بوريقات, سبق وأن دونت البعض منها في مواقع أدبية وثقافية إلكترونية وورقية, وقلت في جزء يسير منها أن فلسفة الشعر والحداثة هي صناعة معقدة, صعبة الولوج ومداخلها تؤشر لمشاهد متنوعة, يحتار من يبغي تأويلها وحتى النخب ومن يرتقي الى تحليلها,يجد فيها كل مناهج التبويب والترميز والاشارة والاستدلال...
يُغادركَ كلُّ ما تشتهيه اللوز المرّ و معطفكَ الوحيد العتيق المعبّق برائحةِ الماضي و جرّة الفخار التي تأخذُ من ذراعيّ أمّكَ شذاها الرقيق... وعشقٌ لا يزال غباره متناثراً على حيطانِ روحك يلتهمُكَ كالحريق... يُغادرُكَ كلُّ ما تشتهيه إلاّ النسيان و وخزُ الحنين في وجدانِكَ للأحباب... و وطنٌ يتعرى فيه...
على شاهدة قبر قد يكتب بدل اسمه ضاع و لم يمت هيمنة الشعر على صاحبه أن يتيه عن طريقه نحو تاريخه الكاذب "و الشعراء يتبعهم الغاوون " لذا في كل ضياع حب القصيدة مفقود قالت الحمقاء : " اسمي قصيدة مزخرفة في قلب شاعر " كذب من قال أن الشاعر " عاشق سيء الحظ " على شاهدة قبر قد يكتب بدل اسمه لا يزال هنا على...
يختصرُني شارعٌ يتباهى بصمتهِ يُغلقُ منافذهُ أمام الصدى الظمآنِ للمجهول يتبادلُ القهقهات مع راعٍ أنساهُ النبيذُ أن يعدَّ أغنامه قبل أن يلتهمها ذئبٌ مسلول شارعٌ يقمعُ حفيف ريحٍ تحنُّ لعناقِ الحورِ على أطرافهِ تتبخرُ أشواقها و تزول و تلوذُ إلى النومِ بعيداً حيثُ الغيم يولي ظهرهُ لها ضجراً و بغيثهِ...
كان كِرام في تلك الساعة متشرباً بالأحزان، مفعماً بالأخيلة والتصورات فدارتْ اسطوانة ذكرياته التي لا تنفكّ تعيده إلى ذكرى وفاة والدته التي لم يظنّ بأنّها ستموت يوماً. فنحن البشر لا نتخيل بأنّ منْ نحبهم بشدة سيرحلون، فإنْ رحلوا ملأوا دلو مآقينا بالدمعِ، وغلّفوا ربيع القلب بخريفِ الحزنِ الدفينِ،...
بدأ الحب يُشيّد أركان روحٍ تهالكت يوماً، و يتأبط السعادة ليدلف جدران كيانه الذي ظنّ بأنه تفحّم و ترمد، لم يكن من شيء يشوب سعادته إلا الذكريات الموجعة ، و خيال أحمد الذي لا يفارقه، و انحناء رأس أبيه ذلّاً و فقراً، و قهر أمه التي تقضي الساعات تناجي الحضور اللامرئي لولدها الشهيد. نمشي و نمشي و نتعب...