كامل الدلفي - قراءة تأويلية لنص (صلاة) للمبدعة المغربية جيهان القاضي

--- صلاة ---

[ أنبتُ رقصةً
حين ترتقيني أنفاسكَ
سُلَّماً، سُلَّماً..
حين تنهض شفتاكَ
إلى شرفة صدري
وتؤذن في الليلِ
بدء الصلاة..

جيهان القاضي

القراءة
=======

الكاتبُ يتقن ترك المساحات البيضاء لقلم التأويل من بعده، تلك هي منعرجاته الاثيرة . فعلت جيهان ، ان تركت لي حرية الانبساط والقبض ، في حركية نصها الأميز "صلاة" فهو مفارق بمسافات للاحقْيّهِ "اصدار" و"حب"..
وحري بجيهان لو أنها قدمته منفرداً ، فهو حاملٌ لتكامله و جديرٌ بمحمولاته ومغري بالاشتغال عليه..
حفل النص بتكنيكات اسلوبية وبلاغية متنوعة ، مابين استعارة وتشبيه وتناص، وسيمياءات جدلية ، تؤكد صراع الفكر في الذات الفاعلة والصانعة ضمن فضاء تحقيبي يمر بالميثولوجيا والدين والفلسفة ، كأن السؤالٓ ينبثق برعماً على ساق شجيرة صبارٍ، هل لنا ان نغادر كل هذا؟ وكيف؟.
من فضائل التكنيك في النص ان ابتدأ بنتيجة ، "أنبتُ رقصةً " ، متقدمة على سببها،" حين ترتقيني انفاسك".. ذلك السبب الذي يمثل فعل الري ، الاسقاء ،بث الحياة فهو موسم التلذذ الشمي ، الملبد بالانفاس الخالقة،التي أوجدت نتيجة تنطوي على وحدة التضاد المعبأ بالولادات، فالجملة بمركبيها الفعل انبتُ، الثابت المرتكز على جذر يمتد اسفل ورديفه الحال الحركي والفعل الايقاعي المليء بالاهتزازات والدوران والحركة، لقد جاءت بتناص مذهل من اجواء قرآنية تتكلم عن سر وجودية الانبثاق الحيوي على الارض الاية ٥ سورة الحج (فترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج)..
نخرج بثنائيات متساوقة
الجسد/الارض
رقصة/اهتزت وربت
انفاس/الماء (الامطار)
وثنائيات ضدية
ترتقيني/ انزلنا

اما تكملة قراءة النص فهو تناص لمسار السورة الكريمة بأتمها ، فهي سورة الحج، المتلازمة مع بيت مقدس يأتيه الناس من كل فج عميق، عمدت جيهان الى معمارية جسدية توحي بطقسية الركن الديني المعروف، فمنذ سُلّماسُلّما جرى الارتقاء والطواف الى شرفة الصدر بفاعلية لثم الاسطوانات التأثيثية ورفع الاذان وذلك تناص لاية اخرى في السورة (وأذن في الناس يأتوك رجالا..
لاستكمال الوحدة الوجودية مع الانثى ، الشجرة ، بيت الرب ، اصل الحياة ، نقطة البدء، والادراك..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى