أسامة كامل كيوركيس - التشكيلية المغربية خيرة جليل... سفيرة أرض الفن و السلام الخالدة

في سعيي الى استعراض مجموعة من التجارب التشكيلية النسوية العربية عبر سلسلة مقالات نشرتها في الحوار المتمدن - محور الأدب و الفن - و هي تجارب متنوعة في مساراتها التعبيرية و اتجاهاتها الفنية، فإني على وعي تام و مدرك لحقيقة إنها لا تمثل التجارب الوحيدة التي تحظى بموقع الأولوية و الأهمية بل جل هدفي تقديم نماذج تصويرية و نحتية و غرافيكية بهدف دراستها و إستعراضها في محاولة للتعرف بمبدعات يؤلفن اطيافا مختلفة من النسيج التشكيلي العربي المعاصر الآخذ بالنضوج و الأرتقاءالى جانب التجارب العالمية و من حرصي على الوقوف الى جانب النتاج الإبداعي الذي يعمق صلة الإنسان بالحياة بإعتباره حلقة مهمة من حلقات الثقافة و ركيزة قوية من ركائزها . هنا سأقدم لتجربة الفنانة التشكيلية المغربية خيرة جليل و التي تمثل تجربتها الإبداعية حالة شديدة التميز و الخصوصية في المشهد التشكيلي المغربي المعاصر و التي تبرز موقفا خاصا لها من علاقة الفن بالمجتمع بإعتباره وسيلة تعبيرية ذات صفة جمالية و دلالة إجتماعية . خيرة جليل المرأة ، الإنسانة ، المبدعة ، عاشقة الفنون التي جمعت بين العقل و العاطفة و الإنفعال عرفتها دائمة الإبتسام لا تعرف التصنع و التكلف تفوح من روحها عطور البداهة و التلقائية برغم الألم الذي يعصف بقلبها بعد ان اودى حادث سيارة بحياة والدها لتتعرض لحادث سيارة آخر عانت جسديا منه الكثير ، اتخذت التجربة التشكيلية عند خيرة جليل مسارها في المحترف التشكيلي المغربي بوصفها تجربة إبداعية لم تغرق في خضم التيارات التقليدية الجامدة و لم تنجرف مع التيارات الحداثية المسرفة في التجريب و التجريد و الذي يحرم العامة التي تعاني الأمية الفنية من الاقتراب من فنها و التفاعل معه . تشعرك أعمالها الفنية بعميق اقتناعها بأن العمل الفني الحق عليه التنزه عن الغرضية و أن لا يحمل بأسلوب صريح و مباشر أهدافا دعائية سياسية أو وعظية تبتلعنا بأصنامها ، هذه القيم أصبحت أعمدة راسخة لأسلوبها الفني الذي تميزت به ، منذ نضجت الفتاة المتحررة لتصبح فنانة واعية مثقفة ثقافة رفيعة ،

تبدو أعمال خيرة جليل واقعة تحت تأثير المدارس الفنية التشكيلية الواقعية التجسيدية و التجريدية و التكعيبية و الانطباعية و الفطرية إلا أنها تنتمي إلى التجريدية -تجريدية مغربية كونية - استخدمت فيها دمج الرموز والأشكال الكونية صينية و هندية و فرنسية بالإضافة إلى ثراء و تعدد الروافد الفنية في التراث المغربي بحكم انفتاح المغرب على الثقافات الأخرى عبر تاريخه الطويل و تجربتها الجمالية تدور بأبعادها الفكرية و الفنية حول العديد من المفاهيم التي تتعانق و تتشابك و تتفاعل خلال رحلة تواصل بين الذات و معطيات البيئة بكل جوانبها الاجتماعية و الإنسانية و التراثية و الجمالية ، حفلت موضوعاتها دائما بالتعبير عن الإنسان كوجود و مصير و غاية لينطلق مارد الفن داخل خيرة جليل احتجاجا و تمردا على كل ما هو ملوث للذوق و مكرس للجمود الفكري و التخلف السلوكي ،ضد كل ما لا يصنع حاضرا بعيدا عن الخوف و يؤسس لمستقبل حضاري كما أنها استعملت التضاد و التنافر بين بعض الألوان وجعلتها تتجاور ، استطاعت توظيفه في أعمالها باقتدار أعطى لها بصمة واضحة تجعلك تتعرف على أعمالها و هي تتعمد استعمال ذلك لتبرز جمالية استخدام الألوان بوصفها رمزا في جميع الثقافات و الى تأثير اللون على المشاعر و السلوك البشري وإن هذه الرمزية اللونية مبنية ثقافيا على روابط تختلف باختلاف الزمان و المكان و الثقافة ، فقد يكون للون الواحد رمزية في حضارة ما و في نفس الوقت له رمزية مختلفة في حضارة اخرى ، ولتخلق وعيا لدى المتلقي بأن الأحكام المسبقة هي مصدر الرفض للآخر فيدرك أن الحياة هي مجموعة من المتناقضات و هي مصدر الغنى و الجمال ، و كذلك فإن مكونات المجتمع متناقضة في مظهرها لكنها منسجمة في جوهرها إشارة إلى التكامل بين مكونات المجتمع هو ناتج عن تكامل اجزاء تظهر مختلفة عن بعضها ، لكنها تكمل بعضها، هذه البراعة التي تتميز بها خيرة جليل ما جعل تجربتها تنتشر و تتجاوز حدود الجغرافيا لأنها تجاوزت اي مرجعية تحاول ان تحجزها فهي شكل ينمو و يتطور ، الغاء للمفترض مسبقا الذي تمركز حوله الآخرون ، خيرة جليل توحدت ذاتها في المجتمع فمزجت حب الوطن بحب الفن أكسب إبداعاتها شاعرية لمناضلة بحق تتجه بفنها الى الضوء و الحرية الحقيقية منحتها شهرة و تواجد على المستوى العالمي .
بقي أن نذكر أن التشكيلية و الكاتبة خيرة جليل ناشطة جمعوية في إطار العمل الإنساني و الحقوقي و الإبداعي و الإجتماعي ، و سفيرة سلام أسهمت في إظهار المغرب أرض سلام ، هي من مواليد المغرب أم لثلاثة أبناء و بنت و جدة لحفيديـن لها معرض وطنية وعالمية متعددة بأوربا وإفريقيا واسيا وأمريكا .
- هي أستاذة في في المغرب و وكيلة آركونكشن في نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية
- مثلت المغرب و إفريقيا في الصين - تشنغداو عام 2014
- تأهلت لتمثيل إفريقيا و العالم العربي بآر ايكسبو اند سترييل في الصين- بكين عام2014
- حاليا هي مؤسسة اجنحة السلام للتشكيل العالمية التي تنظم عروضا تشكيلية لدعم التشكيليين المغاربة والعرب في نيويورك , بامريكا والعالم


أسامة كامل كيوركيس - العراق
الحوار المتمدن 17-3-2017-
  • Like
التفاعلات: ماماس أمرير
عن الكاتب
خيرة جليل
https://www.facebook.com/khira.jalil
https://www.facebook.com/KhiraJalilArt/
https://www.facebook.com/KlmtWmny/
https://www.facebook.com/%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%DB%8C-%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%DB%8C%D8%A9-101273344766649/

تعليقات

تومض في سمائنا دوماً نجوم لماعة ، لا يخبو بريقها عنّا أبدا ، نترقب سحرها بمهج ولهة ، ونفرح بها مرشدا في درب الحياة .. سيظل اسمها منقوشا في العلياء !
انحناءة إجلال و إكبار للنجمة : خيرة جليل !
 
ممتنة لروحكم الراقية أصدقائي الكتاب المميزين ودمتم رمز العطاء المستمر والباقي الشاعرة ماماس أمارير والكاتب ادريس الهراس معكم اكتشفت روعة السفر بين الاحرف
 
أعلى