عبد القادر وساط - طاغية نجدان يعين حكومة جديدة

جاء في الجزء الخامس والسبعين من كتاب " إتحاف الخلان بأخبار طاغية نجدان مع الشعراء والوزراء والأكابر والأعيان "
حدثنا شيخنا أبو الفضل، قال:
حضرتُ يوماً مجلسَ الطاغية، عند تعيين الوزراء الجُدد في حكومة نجدان، وهم:
- كبير الوزراء، الشيخ أبو عبدالله المنجم، الملقب بضمير الغيب .
- وزير الشعر، الشيخ أبو عثمان الجهمي، الملقب بنسيم الصبا .
- وزير الأحلام، الشيخ عمر المهلبي، الملقب بلَمْع السراب.
- وزير الشمس والقمر ، الشيخ يوسف الأصبهاني، الملقب بواسطة القلادة.
- وزير البرق والرعد المطر، الشيخ سعيد البلخي، الملقب ببَرْد العجوز.
- وزير الحب والمرأة والغزَل، الشيخ أبو الحسن الكوفي التميمي، الملقب بقُطْب السرور .
- وزير العَروض والقوافي، الشيخ أبو فُرات العجْلي، الملقب بقافِ رُؤْبَة .
- وزير الأصمعيات والمفضليات وباقي مختارات أشعار العرب، الشيخ أبو أحمد الحلواني، الملقب بنطاق الجوزاء.
- وزير الزمن، الشيخ عبدالحميد القرافي، الملقب بصاعقة ثمود .
- وزير السجون والبناء والعمران، الشيخ قيس بن شراحيل، الملقب برُقْية الأفاعي .
- وزير المروءة، الشيخ أبو شبل الكناني، الملقب بسَجْع الحَمام.
- وزير الفقر، الشيخ مقداد الطائي، الملقب بقَرْن الكركدن.
- وزير الشرطة، الشيخ المستهل الغَنوي، الملقب بلعاب المَنيّة .
- وزير الطغيان، الشيخ خالد الجَرْمي، الملقب بحَيّة الوادي.
- وزير النوائب، الشيخ نوفل بن مالك السلولي، الملقب بخَبْط عشواء.
- الوزير المنتدب لدى وزير الشعْر، المكلف بالضرورات الشعرية، الشيخ أبو الحسين العسقلاني، الملقب بظل الحجَر.
- الوزير المنتدب لدى وزير الزمن، المكلف بالحدثان، الشيخ أبو جعفر العتّابي، الملقب بعَيْن الديك .
قال شيخنا أبو الفضل:
فلما تقدم الوزراء الجدد واحدا بعد الآخر وسلموا بسلام الطغاة، خاطبهم المستبد بقوله:
معشر الوزراء،
اعلموا أن ما دفعني إلى تعيين حكومة جديدة هو جهل الوزراء السابقين بأشعار العرب وأخبارهم وأيامهم، وقد لمستُ ذلك بنفسي غير مرة. فمن ذلك أني دعوت وزيرَ الشمس والقمر، في الحكومة السابقة، وسألتُه عن قائل الأبيات التالية:
منعَ البقاءَ تَقَلّبُ الشمسِ = و طلوعُها منْ حيث لا تُمْسي
وطلوُعُها حَمْرَاءَ صَافيَةَ = وغُروبُهَا صَفْراء كا لْوَرْسِ
تجري على كبد السماء كما = يجري حِمام الموت في النفس
اليومَ أعْلمُ مَا يَجيءُ بِهِ = وَمَضى بفَصْلِ قَضَائهِ أمْسِ
فلم يستطع جوابا، وإني أسألكم، أيها السادة، كيف يكُون وزيرا للشمس والقمر في نجدان مَنْ لا يعرف قائل هذه الأبيات البديعة عن الشمس؟ كما أنني سألتُ وزير الزمن السابق عن قائل هذا البيت:
ثم انقضتْ تلك السّنون و أهلُها = فكأنها و كأنهمْ أحلامُ
وذلك من قصيدة مطلعها:
دِمَنٌ ألمَّ بها فقال سلامُ = كمْ حَلّ عقدةَ صبرهِ الإلهامُ
ومن أبياتها البديعة:
و لقد أراك فهل أراكِ بغبطةٍ = و العيشُ غضٌّ و الزمان غلامُ
أعوام وصْلٍ كان يُنسي طولَها = ذكْرُ النوى فكأنها أيامُ
ثم انبرتْ أيامُ هجْرٍ أردفَتْ = بجَوىً أسىً فكأنها أعوامُ
فلم يعرف جوابا. فكيف يكون هذا الشخص وزيرا للزمن، في حكومتنا الموقرة، وهو على هذا المستوى من الجهل ؟
وقد سألت كذلك وزير الطغيان، في الحكومة نفسها، عن القائل:
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ = فاحكمْ فأنتَ الواحدُ القهارُ
فلم يدل بجواب. وسألتُ وزير الفقر عن القائل في وصف الفقير:
يَرى درجاتِ المجْد لا يستطيعها = و يقعد وسْط الناس لا يتكلم ُ
فلم يعرفه. وإني أتساءل: كيف يحلّ مشكلة الفقر في نجدان مَنْ كان لا يعرف أشعار العرب عن الفقر؟
عموما فهذا ما دفعني إلى تغيير تلك الحكومة، غير المأسوف عليها. وأتمنى وقد تسلمتم مناصبكم ألا تخيبوا ظني، والسلام عليكم ورحمة الله .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى