عبد القادر وساط - من أحلام الكاتب والشاعر الأمريكي جيم هاريسون

رأى الكاتب الأمريكي جيم هاريسون، فيما يرى النائم، أنه يقف وحيدا أمام قاعة سينمائية قديمة متهالكة، في منطقة قاحلة، بصحراء نيڤادا.
كانت تلك القاعة هي البناية الوحيدة في ذلك القفر الشاسع، اللامتناهي.
أمام بابها كان رجل أسود البشرة، شديد الضخامة، يجلس على كرسي خشبي مهترئ ويحدق في الفراغ، بينما العرق يتصبب من جسده.
توجه جيم هاريسون نحوه وهو يلهث من التعب، وحين صار قريبا منه، فوجئ بأنه يشبهه تمام الشبه. كان كأنه هو. بل كان هو، لولا سواد بشرته.
نهض الرجل وصافحه بحرارة ثم قال له:
- أهلا بجيم هاريسون الأبيض. أنا جيم هاريسون الزنجي. لقد كنت متأكدا أنك ستأتي للقائي يوما ما في هذا القفر. لكنك تبدو متعبا للغاية. انتظر لحظة. سآتيك حالا بشراب من النوع الذي تحبه...من النوع الذي نحبه معا.
توجه جيم هاريسون الزنجي مسرعا إلى داخل البناية.
جلس جيم هاريسون الأبيض على الكرسي الخشبي في انتظاره، وطفق يحدق في الخلاء الشاسع أمامه، وهو يتساءل عن المكان الذي يخبئ فيه جيم هاريسون الأسود قناني الخمر، داخل تلك القاعة.
في الجهة المقابلة للبناية كانت هناك ربوة رملية، قد غرست في أعلاها إشارة مرور صدئة. كان الضوء الأحمر هو الذي يشتعل بين فينة وأخرى، أما الأخضر والبرتقالي فكان زجاجهما مهشما.
في الجهة الأخرى كان هناك حبل غسيل، علقت عليه بعض الملابس الداخلية للنساء. كانت ريح الصحراء الحارة تتلاعب بذلك الحبل المشدود بين شجرتين ميتتين.
لم يلبث جيم هاريسون الأسود أن عاد يحمل كأسين وقنينة خمر.
وقبل أن يفتح القنينة، نظر بإمعان إلى جيم هاريسون الأبيض وسأله:
- أرأيت؟ نتشابه مثل قطرتي ماء - ما عدا لون البشرة- ونحمل الاسم نفسه ونكتب الروايات نفسها، ومع ذلك لم نلتق قط. لكن قل لي، هل انتهيت أنت أيضا من كتابة رواية (السلاحف)؟ هل تحدثت فيها عن سلاحف ضخمة تعيش في حديقة الأرملة آيبي مارتينيز؟
أطلق جيم هاريسون الأبيض ضحكة عالية، ثم اتجه إلى صاحبه متسائلا:
- تقصد تلك السلاحف الضخمة التي لها أرجل آدمية؟
شرع جيم هاريسون الزنجي يضحك هو أيضا بصوت عال وهو يردد:
- تماما، سلاحف ضخمة ولها أرجل آدمية، لكنها شديدة البطء رغم ذلك.
قال جيم هاريسون الأبيض:
- يا إلهي، لكم هي بطيئة ومضحكة !!
ثم شرعا في الشرب.



-------------------------
* ( من كتاب: النمر العاشب)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى