عبد القادر رابحي - عودة سيزيف.. شعر

أَتَرَيَّثُ
حِينَ يَمُُرُّ عَلَى كَاهِلِي
ثِقْلُ سِيزِيفَ
أَهْجَعُ حِينَ يُصَدِّقُنِي
حُزْنُهُ
وَ هْوَ يَذْرُو جِرَاحَاتِهِ لِلرِّيَاحِ
وَ يَصْبِرُ...
عَلَّ الذِي فَاتَ أَكْبَرُ مِمَّا تَبَقَّى
وَ عَلَّ الذِي يَتَعَلَّمَهُ الجُرْحُ..
أَجْمَلُ مِنْ حُزْنِ هَذَا المَسَاءِ الكَئِيبْ..

+++ +++

أَتَرَيَّثُ
حِينَ يَمُرُّ عَلَى أَحْرُفِي ظِلُُّهُ..
حِينَ أَسْمَعُهُ يَتَحَدَّثُ عَنْ نفسِهِ..
وَ يَقُولُ لَهَا:
كُلُّ آتِ قَرِيبْ..

+++ +++

أَتَصََوَّرُهُ غَامِضاً
وَ جَمِيلاً..
وَ يَحْمِلُ أُبَّهَةَ المَطَرِ المُسْتَفِيقِ لِأَعْدَائِهِِ..
وَ كَثِيراً مِنَ المُدُنِ النَّائِمَاتِ
تُؤيّْدُهُ..
وَ تَسِيرُ وَرَاءَ ابْتِسَامَاتِهِ
كَيْ تُبَلِّلَ أَحْلاَمَهَا بِالكُرُومِ التِي خَثّرتْهَا لَهُ الآلِهَهْ..

+++ +++

أَتَصَوَّرُهُ نَازِلاً مِنْ سَمَاءاتِِ أَبْرَاجِهِ
وَ الجِرَاحَاتُ،
مِنْ فَرْطِ فَرْحَتِهَا،
تَتَزَيّنُ فِي غَفْلَةٍ مِنْهُ..
تَمْلأُ كُلَّ المَنَافِي التِي طَرَّزَتْ حُزْنَهَا بِالوُرُودْ..
تَتَذَكَّرُهُ أَرْضُه ُ
وَ تَقُولُ لِأعْدَائِهِ:
كُنْتُ أَعْرِفُ أنَّ الفَتَى
ذَاتَ يَومٍ
يَعُودْ..

+++ +++

أَتَصَوَّرُهُ نَيِّئاً
وَ طَرِيّاً
وَ يَخْجَلُ حِينَ تُحَدِّثُهُ أُمُّهُ
عَنْ حَبِيبَتِهِ...
يَخْتَفِي خَلْفَ أَوْهَامِ آبَائِهِ
لِيُضَيِّعَ عُمْرًا
وَ يَلْعَبَ مِثْلََ الكِبَارِ بِأَسْلِحَةٍ فَاسِدَهْ..
يَجْرَحُ الطِّفْلُ أَحْلاَمَهُ
فَتُحَوِّطُهُ أُمُّهُ
وَ تََدُورُ كَمَا هَذِهِ الأَرْضُ
حَوْلَ شُمُوسِ انْكِسَارَاتِهِ
وَ تَذُرُّ الرَّمَادَ
لِتَحْرِسَهُ مِنْ نُتُوءَاتِ أَعْدَائِهِ الحَاسِدَهْ..

+++ +++

أَتَصَوَّرُهُ فَارِعاً
وَ الجَمِيلاَتُ يَهْدِينَ أَيْدِيَّهُنَّ لَهُ..
عَلَّهُ يَتَلَفَّتُ عَنْ طَوْعِهِ لِضَفَائِرِهِنَّ
فَتَنْتَبِهُ الأَرْضُ...
تَصْرُخُ:
هَذَا الذِي كُنْتُ رَاوَدْتُهُ عَنْ نُبُوءاتهِ
ذَاتَ يَومٍ
وَ كُنْتُنَّ لُمْتُنَّنِي فِيهِ..
هَذَا الذِي حَرَمَتْنِي الجِبَالُ الحَزِينَاتُ مِنْ غَيْمِهِ
حَرَمَتْنِي السِّنُونُ..
وَ مِنْ يَومِهَا لَمْ أَرَ السُّنبُلَهْ..
لَمْ تَطِرْ بِي حُقُولُ الحَنِينِ إلَى مَا تَراكَمَ فِي قَلْبِهِ
مِنْ حَنِينٍ
وَ لَمْ يَفْتَحِ السِّجْنُ أَبْوَابَهُ المُقْفَلَهْ..

+++ +++

أَتَصَوَّرُهُ وَطَناً..
وَ الحُشُودُ تَطُوفُ تَوَارِيخُهَا
حَوْلَهُ..
عَلَّهَا تَتَطَهَّرُ مِنْ رِجْسِهَا..
مِنْ عَذَابَاتِ سَقْطَتِهَا..
وَ تُطِيلُ الدُّعَاءْ...
عَلَّهَا تَرْتَوِي مِنْ سَحَابَاتِ زَمْزَمِهِِ
عَلَّهَا تَتَمَاثَلُ مِنْ غَيِّهَا
للِشِّفَاءْ..
كَانَ يَعْرِفُهَا..
مَنْذُ أَنْ دَلَّلَتْهَا المَرَاحِلُ
فِي رَحِمِ الكُتَبِ الحَائِرَهْ..
كَانَ يَعْرِفُهَا..
مُنْذُ أَنْ أَخْبَرَتْهُ بِهَا الذَّاكِرَهْ..

+++ +++

(هَا..
أَنْتَ وَحْدَكَ
مَقْلُوبٌ
وَ مُنْقَلِبُ
فَلَيْسَ يَنْفَعُ
مَا تُدْلِي بِهِ الكُتُبُ
قَطَفْتَ مِنْ شَوْقِ لَيْلَى
مِنْ ضَفَائِرِهَا
مَا يَجْعَلُ الصَّخْرَ نَبْعاً
دُونَهُ العِنَبُ
تَذَكّرُوكَ
عَلَى حَرِّ
وَ لَيْسَ لَهُمْ
فِي حَرِّهِمْ
غَيْر مَعْنَاكَ الذِي شَرِبُوا )

+++ +++

فَرِحاً
كُنْتُ أَمْسِ
إِذْ اسْتَوْقَفَتْنِي العَصَافِيرُ
خَبَّأَتِ الشَّوْقَ فِي مَمْلَكَاتِ البَهَاءِ
وَ فِي بَوحِ هَذِي الظِّلاَلْ..

+++ +++

فَرِحاً
كَانَ سِيزِيفُ
وَ الأَرْضُ تَرْقُصُ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِ
فَتَذُوبُ الثُّلُوجُ
وَ تَلْتَئِمُ الاِنْكِسَارَاتُ،
ثمَّ تُجَرْجِرُ لَوْعَتَها خَلْفَهُ
تَتَمَنَّاهُ..
مَاذَا بِإمْكَانِهَا أَنْ تُقَدِّمَ لِلرَّجُلِ
البَطَلِ
الهَرَمِ
المُسْتَحِيلِ..
وَ مَاذَا بِإِمْكَانِهَا أَنْ تَقُولَ لَهُ..
وَ هْوَ يَحْمِلُ أَحْزَانَ مَنْ غَادَرُوا لَونَ هَذَا التُّرَابِ
و لَمْ يَشْرَحُوا سِرَّهُ لِلتِّلاَلْ..

+++ +++
...
....
....
هَا هِيَ الآنَ تَحْضُنُهُ
تَحْتَفِي كَالصَّبِيِّ بِعَوْدَتِهِ
تَتَطَلَّعُ فِي طُولِهِ..
تَتَسَلَّقُهُ
رَجُلاً
رَجُلاً
تَسْتَرِيحُ عَلَى ضِلعِهِ
لَحْظَةً
حِينَ تَتْعَبُ
ثُمَّ تُوَاصِلُ رِحْلَتَهَا
لِلكَمَالْ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى