رَشاش الْمَاء

[SIZE=5]عبد الهادي شعلان- رَشاش الْمَاء[/SIZE]

حرارة الجو تنفذ في نخاعة فتهدّ جسده هدَّاً. ارتمى على المقعد اللَّيِّن لعله يمتص أشعة الكسل المخزونة في جسده. نزع قميصه وألقاه فداعب الهواء حبات العرق المتناثرة على جسده فنشط من عقال أسلمه للُزُوجة باردة اجتاحت خلاياه. نهض في تراخ صوب الحمام ليزيل تراكمات الكسل التي خلَّفها اليوم. خلع ملابسه. فتح رشاش الْمَاء. اصطدمتْ القطرات بالرَّأس. اخترقتْ مسامه التَّعبة. داعب خصلات شعره المبلول فانسابتْ الذكريات عبر قطرات الْمَاء في تداخل غير متتابع فلم يستطع الإمساك بذكري واحدة.. غيامات. كم السَّاعة الآن؟

عمر طويل وهو يلهث وراء هذا المجد. القطرات سنوات متعاقبة، متلاحمة. ارتطمت قطرة بعينه فأطبق جفنه. لا يدري لماذا فعل ذلك ولكنه فعل ذلك وانتهي الأمر. فرك عينيه يزيح الحُرقة. لم يكن في وعيه حين وَقَّع على الأوراق، أغشته الألاف. ولكن العمارة استقر حالها حَتَّى نسي ما فعل. انقطع تيار الْمَاء فجأة. تحسس جسده المغمور بالْمَاء. غزته صورة الأشلاء المتخلفة عن العمارة المدكوكة. سخن جسده. من بين فقاعات الصَّابون فتح عينيه بصعوبة. اكتشف عورته. لم يشعر أنَّه عار تماماً إلا الآن. حاول أن يداري عورته حَتَّى لا يراها. لسعته سياط الْمَاء المندفعة فجأة. حاول أن يغلق رشاش الْمَاء. يداري عورته. استعذب لسعات الْمَاء. راح يغنِّي وأذنه لا تسمع.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى