ديوان الغائبين ديوان الغائبين : محمد الجراحي - مصر - 1915 - 1935 م

محمد عبدالحكم الجراحي.
ولد في القاهرة وتوفي بها.
قضى حياته في مصر وزار فرنسا.
تلقى تعليمه قبل الجامعي في مدارس القاهرة، ثم التحق بجامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، ولم يكمل دراسته إذ توفاه الله وهو طالب برصاص الإنجليز في ثورة الشباب ضد المحتل من أجل المطالبة بعودة الدستور للبلاد.
كان عضوًا في الجمعيات والتنظيمات السرية التي تناهض الإنجليز وتطالب بالاستقلال، وقد نشط بشعره وخطبه في مناهضة المحتل والمطالبة بالحرية، وبعد استشهاده برصاص الإنجليز كرمته الجامعة بنحت اسمه على لوحة تذكارية تخلد الشباب الذي استشهد في حربه من أجل الحرية.

الإنتاج الشعري:
- له قصيدتان منشورتان في مجلة «أبولو» هما:«حجرتي الأولى» - أكتوبر - 1934- «الشيخ النائم في المشرب» - نوفمبر - 1934.

الأعمال الأخرى:
- له عدة خطب موجهة لزملاء الكفاح وضد رئيس الوزراء البريطاني في ذاك الوقت وردت في كتاب «مواكب الحياة»، وله عدة قصائد ترجمها عن الفرنسية للشاعر الفرنسي «بودلير» نشرت في مجلة أبولو (نوفمبر 1934) وقد نشرها تحت عنوان «طيف» منها قصائد: «الظلمات - العطر - الإطار - الصورة».
شعره قليل، تأثر بروح الشعر المترجَم، ومال إلى الاتجاه الوجداني، له قصيدة يصف حجرته الأولى التي قضى فيها أوقاته السعيدة ممتزجة بأحلام الصبا العذبة، ويتصور فيها أرواحًا أخرى ترف حوله بأجنحتها الشفافة، ومن شعره قصيدة يصف فيها كهلاً رآه نائمًا على أنغام الموسيقا في مقهى في مدينة ليون الفرنسية، لغته عذبة رقيقة، ومعانيه واضحة، وصوره محلقة.

مصادر الدراسة:
1- محمد عبدالمنعم خفاجي: مواكب الحياة - (جـ 1) - رابطة الأدب الحديث - القاهرة 1980.


الشيخ النائم في المشرب

سَرَتْ فـي صـفـاءِ الخمـرِ آيـــــــاتُ أنغامِ
وطـارَتْ بنـا نشـوَى إلى عـالـمٍ ســـــــامِ
وقصَّتْ عـلـيـنـا فـي حديثِ مُسـامـــــــــرٍ
دَرَى حكـمةَ الـدنـيـا أقـاصـيصَ أعـــــوام
فكـان لهـا مِنّي فؤادٌ يضمُّهــــــــــــــا
ويـنهلُ مـنهـا مـثلَمـا يـنهلُ الظامــــي!
وشـيـخٍ مَهـيبٍ فـي جـــــــــــواري ورأسُه
محـا الـدهـرُ مـنهـا الشعـرَ فـي لهْوِ ظلاّم!
ولـحـيـتُه بـيضـاءُ زانـــــــــــتْ بصدرِهِ
أغانـيَ أفراحٍ وآهــــــــــــــــاتِ آلام
لقـد نـام هـذا الشـيـــــــخُ تحدوهُ نغْمَةٌ
كأمِّ صغـيرٍ فـي حنــــــــــــــانٍ وإكرام
ألا مـا رُؤَى ذاك الـمـنـامِ ومـا الــــذي
تُتـرجِمُه الأنغامُ فـي سِفْرِ أحـــــــــلام؟
أمَا هـو مـثلُ الطفل أحـلامُ ســـــــــادرٍ
تُنـاجـيـه فـي لـونٍ مـن الطُّهـــــر بسّام؟
أوَ انَّ رؤَى حُبٍّ أطـافتْ بقـلـــــــــــــبِه
وذِكرَى شبـابٍ لا يعــــــــــــودُ لإضرام؟
وحُسن فتـاةٍ رطْبةِ العـود فِتــــــــــــنة
كبـاقةِ زهـرٍ أو كلـمْحَة إلهـــــــــــام؟
أوَ انَّ رؤى أخرى - إخـالُ - سعـيــــــــدةً
تُخـامـرُه فـي مـثل سحـرٍ وإيـهــــــــام؟
ويحـلــــــــــــــمُ إذ يغدو بخلْدِ جزيرةٍ
بُعَيْدَ عُبـاب الـدهـر والزمـنِ الطـامـــــي
ولـيس لـيرثـي مـا مضَى مـن سنـيـــــــنهِ
ومـا برحتْ تُضنـيـه رحـلةُ أيـــــــــــام
فـنم هـادئًا يأيـهـا الشـيـخُ هــــــانئًا
لعـلَّ صـبـاحًا ضـاءَ فــــــــــي طَيِّ إظلام
ـــــــــــونَمْ مُسعَدًا روحًا إلى صدر
تطـيرُ بنـا نَشْوَى إلى عـالـمٍ ســـــــــام
ويـزهـو بـهـا مـنـا فؤادٌ يضمُّهـــــــــا
ويـنهلُ مـنهـا مـثلـمـا يـنهل الظامـــي!


***


حجرتي الأولى

سلامًا حُجْرتـي مـن قـلـــــــــــــــــــ
ـبـيَ الــــــــــــــــــــذاوي وإجلالا
سلامًا أنـت يـا مـيـنــــــــــــــــــا
ءَ روحـي فـي الـدُّنـا جـــــــــــــــالا
وشـاءَ الله مـا شـــــــــــــــــــــاءَ
فراحَ يـهـيـمُ تَرحــــــــــــــــــــالا
ومـا عهدٌ مضَى فـــــــــــــــــــــــيكِ
بسحـرٍ، آهِ لـو طـــــــــــــــــــــالا
أذِي نـافذتـي حـــــــــــــــــــــــيثُ
ــــــــــــــــــــــــإذا أُسْدِل إسد
ستـارُ اللـيلِ فـوق الأفْـــــــــــــــــ
ـقِ واستـرسلـــــــــــــــــــــتُ تَسْآلا
لِبـدرٍ تـاهَ فـي طلعـــــــــــــــــــــ
ـتهِ السمْحةِ واختـــــــــــــــــــــالا
رفـيـــــــــــــــــــــقُ الجنِّ والأروا
حُ تدخلُ فــــــــــــــــــــــي تَحِيّاتِ؟!
يرِفُّ جنـاحُهـا حـولـــــــــــــــــــــي
ـــــــــــــــــــــــوأسمعُ غامِضَ ال
كأنَّ حفـيفَ أفـنـــــــــــــــــــــــانٍ
سـرَى مـن حــــــــــــــــــــائرِ الشَّجَر
وأطلقُ فـيك يـا حُجـــــــــــــــــــــر
تـيَ الغرّاءَ مـــــــــــــــــــــن فِكْري
تُداعبُ جـبـهتـي النسمــــــــــــــــــا
تُ فـــــــــــــــــــــــي مِثلِ شذًا عَط
أُحدِّقُ فـي مـنـامِ الكـــــــــــــــــــو
ن والإظلامِ بـالـــــــــــــــــــــبصر
وطـــــــــــــــــــــــاب لفُرقةِ الضفد
عِ والكَرَوانِ مــــــــــــــــــــــن ذِكر
نقـيـقٌ أو نشـيــــــــــــــــــــــدٌ ر
يثَمـا أُذِّنَ بـالفجــــــــــــــــــــــر
وأُرسِل للصَّبــــــــــــــــــــــاحِ الغضِّ
مـن أوَّلِ لـمحــــــــــــــــــــــــاتِ!
أهـذا مكتبـي حـــــــــــــــــــــــيثُ
لرأسـي حـيـنمـا مـــــــــــــــــــالا
حنـونٌ ضَمَّ مبـهـــــــــــــــــــــــورًا
مـن الـحُبِّ وآمـــــــــــــــــــــــالا
ومـا أسْطُرُ مـن شعــــــــــــــــــــــرٍ
بـمَزْجِ جـوانِحـي ســــــــــــــــــــالا
ومـا تلفتـنـي «لـــــــــــــــــــيلى»
بحُسن العـــــــــــــــــــــــودِ مَيّالا
بشُرْفتِهـا، وتبعث لـــــــــــــــــــــي
مــــــــــــــــــــــن الرَّنَوات إدلا
وقُبـلاتٍ إلى قـلـبـــــــــــــــــــــي
فحـلَّتْ فـيـه إبـــــــــــــــــــــلالا
وأحـلامًا كـنـور النجـــــــــــــــــــ
ـمِ فـي الظلـمةِ مـــــــــــــــــا والَى
بـهَدْيٍ هـائمًا فـي الـتـيــــــــــــــــ
ـهِ، مـن صحـراءِ إعـنــــــــــــــــاتِ؟!
سلامًا حُجـرتـي مـن قـل
ـبـيَ الــــــــــــــــــــذاوي وإجلالا
سلامًا أنـت يـا مـيـنــــــــــــــــــا
ءَ ،روحٍ فـي الـدُّجى جـــــــــــــــــالا
وشـاء الله مـا شـــــــــــــــــــــاءَ
راح يـهـيـمُ تـرحــــــــــــــــــــالا
ومـا عهدٌ مضَى فـــــــــــــــــــــــيكِ
بسحـرٍ آه لـو طـــــــــــــــــــــالا!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى