محمد آدم - نشيد آدم.. أو ( أغنية اليوم السادس)

[ونبلوكم بالشر والخير فتنة]
الأنبياء 35


الشكل يقيدنى
لكنى أريد أن أدخل بذاتي فى كل الأرجاء
الشكل هو القسوة الواضحة بلا رحمة.
  • أرنست شتاولر
***
إلى متى سنصبر على غيابنا
لا أحد يلاحظ كم نحن ممتلئون بالسواد
كم نحن منسحبون إلى داخلنا
إلى ظلامنا.
  • فولفجانج هلبيج

***

[1]
إيه
أيتها الروح الصدئة الرنانةُ
مثل صنج
أيتها الروح الخربة مثل مقبرةٍ
كم تضجين بالكلاب الضالة
وقطط الهواء المتوحشة
آه يا روحى التي تنزلق إلى الضلال
والإثم
أيتها الروح التى لا تعمل
بلا أنشوطاتٍ
قويةً
أو سكاكين خالصةً
ماذا عن اليقين ذى الضلال
وما عن الروح
التى تتهدد؟!

[2]
سوف أخرج من شواطى النسيان هذه
وأبعث الوحدة من مرمرها
وسأعمل بيدين ضالتين
وقلب بلا
فاكهةٍ
وسأنصِّب نفسي ملكاً للفوضى العارمة
واليقين المنعدم.

[3]
بلا
يقين واحد
أمد رجلىَّ فى الفراغ الغويط وأتردد ما بين الأمل واليأس بضراوةٍ ولا
أبحث عن مساومة
أعقد صفقات متوالية مع الأنقاض والهزائم
وأوسوس لنفسى
بنفسى
وأبحث عن السماء فى الأرض
وأبحث عن الأرض فى السماء
وأملأ رئتى من هواء العدم المحض
وأحدق ملياً فى قيعان اليأس
أنا الكائن
المتناقض والمنسجم فى آن معاً
أنا الذى أبدد كل شيء وأجمع كل شىء إلىّ
هذه هي إذن هياكلى التي أعرفها
ولا أعرفها
سوف ألملمها واحدة
فواحدةً
وأعبث بها على الأرائك
وفوق أسرة النوم المتوحشة
أعرش على
[4]
أنا زعيم اليأس الكامل والخراب المنعزل
أنا اليقظة الدائخة فى النوم والنوم الدائب فى اليقظة آهٍ
من تلك الفوضى الآتية من كل فجٍّ
ومن النسيان الذى يسيطر على كل اتجاهٍ
آه
من الزمن الذى فقد الزمن ومن الدقائق التى ضلت الحكمة
آه من الساعات التى تعترف باليأس ولا تبرر الأمل
من السنوات التى بلا رنينٍ خالصٍ
أو حتى دهشةٍ واحدةٍ
لم يعد للوجود معنى
لم تعد للروح مشاركةٌ
إلي متى أكون بينكم وأصمت؟
إلى متى أكون فيكم ولا أتكلم؟
سفن أخرى سوف تأتى
وموانىء آفلةٌ تتهيأ لاستقبالي الحار.

[5]
بحارٌ هائلةٌ تودُّلو ألقى إليها بتحياتى المعلبة
وأتوقف على قيعانها الإسفنجية
لأتأمل السماء
وهى تنقبض وتنبسط كخيمة هائلة للرب
مجرات كاملة تجلس معى على الأرصفة
وتتناول كسرات خبزى الجافة
وتحتسى معى الشاى المر
كم هى واطئة كل هذه السموات
وكم هى بعيدة أيضاً كل هذه الأرض؟
أيتها الزرقة الغاوية
خذينى إليك
ضمينى
واحضنينى
أنا الخائف البردان فى
الجحيم المنجرد
ارحمينى أيتها السماء من أساطيرى التى لا تجرحنى
وخرافاتى التى لا تتوقف
وخيالاتى التي لا تريد أن تنام.

[6]
من قال/
أن الله هو الكلمة فحسب
هو الكينونة فقط
ما معنى الكلمة؟!
ما معنى الوجود والموت؟
ماذا عن الزمن بأظافره التي يبخُّ منها الدم؟
آه
يا غبارى الذى يتمدَّد..!!

[7]
كل البحار تنبع من روحى
كافة المحيطات تغتسل تحت قدمى وتنام تحت أشرعتى
فوق مخداتى يتقاتل الليل والنهار
ويشتبك النورمع الظلمة
فوق بدنى
- المحشو بالخيانات والحصى -
تتوافد كافة القارات
لتعقد صلحاً مع الطبيعة الغاوية
وتعيد توزيع جغرافياتها
من أنا؟
ماذا أفعل فى هذه الوحدة التعسة؟!
ماذا أفعل بكل هذا الوجود الممض؟
كل شىء غامض فى هذا الكون..!!
المتاهة تلو المتاهة
لا أمل فى الخلاص أبداً.

[8]
أيها الأقيانوس العظيم خذنى إليك
خذنى إلى فضائك الشاسع شسوع روحى الخربة ونفسى المضللة
المضمحلة
تلفت روحى
وأنهار بدنى
جفَّ حلقى
وأصبحت مثل كومةٍ من الوساخات
حصبائى بالغة الغور وشمسى بلا يقين أبداً
أنا القداس الأخير لمملكة العدم
أنا الندم الذى لا يعرف الرحمة أبداً والرحمة التى لا تعرف طريقها
إلى الأرض دائماً
أنا المهرج العظيم فى مملكة السيرك الكونىِّ
والحصاة الناتئة
فوق سفح كل جبلٍ
أنا لاعب السيرك الأعزل والمطارد العظيم
فوق جبل النار الذى يمتد من الأزل إلى الأبد
أنا الغيمة المتلاشية فى بنطال التفاضلات والتكاملات.

[9]
دعني أتلاشى أيها الغمر المتلفع بغياهب الظلمة
وسواسن الندم
انعدم أيها النور الخائن - أنا منعدم بك ومنعدم ورائك ومنعدم أمامك -
أريد أن أبلل شفتى المشققتين بتراب الحقيقة وهواء الكينونة الملون بدماء
الضحايا...
أريد أن أقترب أكثر وأكثر من فقاعات الجنس
وتكوينات الجسد الكامل.

[10]
آه
يا ديمومة الروح الخالدة
أقدامى تعبر الأزل والأبد فى لحظةٍ واحدةٍ
سأفكِّك اللغة كالخرادل
وأدلق الحروف
على الطرقات
- كالكائنات الضالة -
وسأترك المعانى فى العراء
إلى أن تجف
أو تموت
بلا معنى لأى شىء
ولكل شىء.

[11]
معلقٌ أنا مثل فضيحة مدوية
ومصلوب مثل خطيئة بألف رأس
قدماى زائغتان
ولا تستقران علي شىء
عن أى شىء أبحث أنا المهمل فى هذا الكون الخرب؟!
لا شىء
لا شىء يحدث تحت قبةِ هذه السماء الواطئة
لا جديد تحت هذه الشمس الحارقة
حتى المعرفة الخالصة
حتى اليقين الكامل
حتى السلام الذى يعم
لا وجود لأى شىء
ولكل شىء
أنا وحيد فى هذا الكون
ولا عزاءَ لى.

[12]
أشرب من كافة الينابيع ولا أرتوى
أجلس تحت كافة الأشجار ولا أشعر بالظلِّ
أنزل إلى كافة البحار
ولا أتبلل
أسير على رمل الشاطىء
ولا أرى البحر
أسير فى قلب الظلمة المعادية ولا أقبض ولو على نجمة واحدة
- كلى
واشربى
أيتها الديدان التى ترعى فى بدنى
وتنحلُّ فى ذاكرتى
ولتنزلي
على سواحلى
بسلام - .

[13]
لتستوي
أيتها الديدان المتوحشة - الجمة - فوق روحى الهشة
روحى التى تتلامع مثل سمكة مجوفة فى سماء خرافية
بألف عين
- أيتها الديدان التى ترعى الخراب على سواحل اليأس الجهنمية هذه -
ولتقهقهى هناك إلى الأبد
فلا مردَّ لك
أنا هالكٌ
لا محالة.

[14]
من ينقذ سلام نفسى المملوءة بالحفر والشك؟
من يطبطب علي كفل روحى المشققة مثل صحراوات تقهقه؟ آه
من هذا البرق والرعد اللذين يمسكان بتلابيبى ولا يتركانى سوى جثة
- حامضةٍ -
بين الأنقاض
وضراوة اليأس الممضِّ؟!

[15]
أنا نغمة الطبيعة النشاز وعضوها الهيولى الأجوف
سنواتنا بلا رحمةٍ واحدة
وحياتنا بلا يقينٍ خالص
كلماتنا البدد
نفسه
إيه يا خلاص روحى ويا نفسى المنسحقة مثل كوابيس ضاريةٍ
تكللى بالسواد
أيتها الأرض
أيتها الأرض المنتفخة بالجثت
والعداوات
أفقد الرغبة في الخلاص
كما أفقد الرغبة فى اليقين حقاً.

[16]
أتدثر تحت أغطيتى البردانة وأضمحل
أسمع صفير نفسى التى تتفحمُ
من ألقى بى إلى هذه المتاهة الغفل؟
من ذا الذى دفعنى إلي هذه الناحية من الجسر؟
من ذا الذين يقودنى - أخيراً - إلى المنزل
إلى بيت
أبى
- حيث الجرار والخمر -
أنا المكلل بالخسارات
والخيبة
أنا المملوء بالشك
حتى النخاع
سأرحل بلا بداية
واسأل بلا
أمل
ولا يقين لى فأعول عليه.

[17]
وحدى أعرف خلاص نفسى
سأنفجر مثل بالونةٍ معبأة بالخيبة وآلاف الأسلاك الكهربائية
المتماسة
سأعبِّىء نفسى باللاشىء
وسأنام مثل قارورة
مندلقة
تحت سفح جبل
ربما
سأدهن هواءكم الملوث بالسواد
ومثلما تدهنون روحى
المشبعةَ بالألم.

[18]
أى فاكهة سوف آكل أنا الجائعُ الأبدى إلى المن والسلوى
سوف أغلق - علىّ - باب حجرتى
وأدحرج البحر بخياشيمى
وألعب بالأرض
كالنرد
إلى أن أعبر البرازخ
أنا المصاب بالانهيارات والتصدعات
دائماً
أنا المسافر الأبدىُّ إلى العدم ولا رفيق لى
أنا الحامل فوق كتفى كل هذه التعاسات الإنسانية ولا أنيس لى
أنا المرتكب كل خطيئة
عن قصدٍ
وغير قصدٍ
أنا المتأبط الدائم لطيور اللامبالاة الهرمة
الراسى فوق جبل الإثم المدوخ
أنا الضاحك الأزلى من الألم حتى الزلزلةِ ومن الموت حتى الرعبِ
المتوقف أمام كل شارع لأحصى عدد خيباتهِ وأوهامه
أنا العاطل عن كل حكمة
والخالى من كل إرادةٍ.

[19]
أنا العائدُ من الجحيم دائماً
أنا الخارج من كافة المعارك بلا سلاحٍ واحدٍ وأحمل على ظهرى
كافة الهزائم
لا تحية لى من أحدٍ
ولا يقين - حقيقى - لى عند أى حد
ليس لى من شارة واحدة من مجد أكيد لأضعها فوق صدرى
سوى مخيلة
بائدة
لملك مخلوع
وبنياشين عصر كامل من الأكاذيب والخدع السينمائية
على جسدى تنطبع صور لكافة الخسارات والندم
لن أسمع لهوائكم الملوث بالأحقاد والضغينة أن يتسرب إلى
أنا المطرودمن طرقكم الهرمةِ ومدنكم الشائخة والتي لا تحمل سوى رائحة العفن الخالص
وخرائبكم الملقاة على الشوارع كالمطبات والحفر - إلى أطراف
الصحراوات -
كأننى جريمة مدويةٌ
إلى حيث جنتى الشائكة التى سوف أصنعها بيدىَّ ولا تتسع إلا لى
أنا المطارد الأبدى
كأننى كومة من الأوحال
والوساخات
مرارة واحدة من مراراتى - اللا نهائية -
تكفى لستةٍ من العوالم
مثل هذه.

[20]
سأقتفى أثر الظلمة على الأرض
- ربما أقاسمها النهار
مثلما تقاسمنى الوحدة
والضغينة -
وبملابسى المتسخة هذه
سوف أرقد عارياً إلى الأبد تحت سماواتكم المدججة بالنجوم والتخيلات
وسوف أدحرج كرة الأرض
فوق قدمىَّ
كلاعب يلهو بالطبيعة
مثلما يود.

[21]
أنا ابن الصدفة المدوخة واليقين الأعمي
أنا ابن الشهوة الراجفة والحنين المضلل
سنواتى
طافحةٌ بالشهوة وغاصةٌ بالأفاعى
أجزُّ علي أسنانى مثل حشرة قارضةٍ
وفى مهب الريح أتوقف
لأقضم فراغى المتسخ كثمرةٍ حامضةٍ
وها أنذا
أترك لروحى المتسخة أن تتفتت تحت أقدام المارة
وعابرى السبيل..!!

[22]
بلا هدفٍ
أواصل السير فى الظلمة
وأنكش العتمة
بأظافرى
وأخز الضمير بأنيابى
ألملم شباكي الطافحة بالشهوة وأضيف إليها خرائبى
وأحملها فوق ظهرى مكسوراً
وبلا متاعٍ
سوى صلصلة الأمعاء
سوف أقطع البحر
بفردى.

[23]
أبتنى موائدى المتآكلة على الحواف المتهدمة لهذا الغمر
من يكلِّل رأسى بالرماد
والشوك؟
من يزرع عاصفة روحى على الطرقات كالشك؟
من يمسك جنون نفسى التي تنفجر فى كل لحظةٍ إلى آلاف الشظايا؟
أنا الخالى من كل حكمةٍ
والعاطلُ عن كل إرادة
دورى أيتها السفن المفككة على أمواه البحار السبعة
والمحيطات اللانهائية
واعبرى حاجز الزمن مثل سمكةٍ
منافيةٍ.

[24]
كيف أكتب عن هذا الذى يزأر بداخلى ويعتملُ مثل أسد منجرحٍ؟
كيف أعبر تلك الصحراوات التى تتراءى أمامى وبلانهاىة؟
لم أتحدث سوى عن الزمن الذى ينطفىء مثل فقاعةٍ طائشةٍ لتصحنها أقدام
كل عابرى السبيل أنا العابر الأبدىُّ فى الفراغ الغويط ولا مصير لى
إلى أين أتجه أنا المتخبط الوحيد فى هذا الكون الشائه ولابوصلة لدىَّ ولا
رياح لسفنى - الخاوية - فتحملنى إلى جبلٍ عالٍ ليعصمني من الماء صُرتى
خاوية وفى جعبتى ترقد ملايين الأسئلة وعلى مقربة من روحى القلقة تعوى الكلابُ
الضالة وقطط الهواء المتربصة وبقسوةٍ هائلةٍ أتأبط حصير أيامى الجافة
وأرقد منزوع السلاح وبلا أملٍ خالص على بوابات نفسى العميانة يتكوم
العدم إلى ما لا نهايةٍ ومثل جيش من الأفاعي أهش على سلاحف الموت
المسننة هذه باحتقارٍ وتؤدةٍ كيف أمسك هذا الهواء الذى يعشش فى
مخيلتى كالوطاويط؟

[25]
أنا صورة الأشياء كلها
أنا الوردةوتلك الروح
أنا الوجود المحض
والعدم
المحض
أنا صورة الحقيقة
وضراوة الشك المالح
أنا الصحراء المتوحشة
والندى الجارح
أنا فتنة النوم المدهشة وكوابيس اليقظة الجمة
وأنا...
أنا
سيد التناقضات
بلا منازعٍ
أنا الكائن المتناقض والمنسجم
فى آنٍ معا.

[26]
بداخلى يصرخ بوذا
فى أحشائى تولد حضاراتٌ مندثرةٌ وتستيقظ الروح كالدببةِ
فى كلماتى
ينشد زارا
أجهل ولا علم لي بالحقيقة
أين ينتهى الصدق
وأين يبدأ الكذب؟
ما هى خدع المنطق
وما هى نهاية الميتافيزيقا؟

[27]
يا أصدقائى - المنسيين - الذين ماتوا فى سنوات الصمت والصبر
سلاماً لكم من البحر
وسلاماً لكم من الريح والأرض سلاماً - لكم - من العالم ذى العينين المطفأتين
والنجوم الوهاجة وسلاماً لكم من كل شىٍء
وأى شىء.

[28]
سأشير إلى هذه الناحية من السماء
وسأتخلى كثيرا عن آنيتى المكسورة
وسألعب بالنوم واليقظة مثلما أودُّ
وألملم كوابيسى المتناثرة
فى بقجة خفيةٍ
من الضلال
والإثم
وأتبع هوائيات الضوء العابرة للقارات.

[29]
ليس هناك من لحظة واحدة لتسكن هذه الروح
لايوجد هنالك من زمن واحد خال من الألم والإثم
أينما سرت
وفى كل طريق
أبصر ما لا أرى
وأسمع ما لا أعرف
توكأت على أشجاري الجافَّة حتى احترقتُ
نزلت صوب برارى الشاسعة وما قبضت ولو على يقينٍ واحدٍ
أغرقت وديانى بالماء
- حتى اندحرت -
وما أرتويت
يا لهذا الألم الصخَّاب مثل سوسنة
يا لهذه الروح المذبوحة
مثل جبلٍ
مندكٍ.

[30]
كيف أتخلص من حجارة روحى التى تتكبكبُ؟
كيف أصرخ علي جبل نفسي المدنس؟
منذ سنوات وأنا أطارد خيالاتى الضارية هذه مثل حشرةٍ قارضةٍ
على موائدكم
الملآنة بخضار الروح أصرخ/
لا شىء يبعث من جديد
ولا شىء يموت إلى ما لا نهاية
كل ما كان
وما هو كائن
سوف يكون على ما كان.

[31]
أكره الميتافيزيقا
أكره حضارة المثلثات
والمربعات
واقتصاد السوق
أكره البنوك والسوبر ماركت
وميكانزمات العولمة
والكوكبية
أكره كل ما يمت إلى الميكانيكا بصلةٍ
هل صارت الميكانيكا
بديلاً عن الله؟!

[32]
أرفض حضارتكم الملوثة ببقع الدم وطراوة الأنقاض
أرفض نواياكم الحسنة والسيئة على السواء
أكره هواءكم المدبوغ على الطرقات
بالأكاذيب
والخزعبلات
مثل جيف لفئران ميتة
أكره مصحاتكم المعبأة بالبلاجرا
وفقر الدم
أكره صحافتكم الخربة
المملوءة بالروث
والبلهارسيا
أكره أغنياتكم الفجة وموسيقاكم التى تشبه المرض العضال
أسخر من موتكم المجانىِّ
وحياتكم الاعتباطية
أكره الصادر والوارد وحساباتكم الحشرية التى تطاردنى عند كل شهقة
وتنام كالمخدرات تحت رئتىَّ
آه
من زيفكم أيها الكلابُ؟!!

[33]
ما جدوى كل شىء
وأى شىء
كل ما هو كائن سوف يكون على ما كان
سوف أفعص الزمنَ تحت قدمىَّ كحشرةٍ
وأركن رأسى إلي الأنقاض دائما
كيف أتخلص من حجارة روحى التى تتكبكب - داخل نفسى -
كيف أصرخ على جبل نفسى المدنس
أنا المملوء بالبراءات
والإثم
لا زمن لى
ولا وقت لدىَّ
الوجود نفسه فارغٌ
والحياة عبث
والموت عبث
والعالم لا شىء!!

[34]
لا جديد تحت هذه السماء الواطئةِ
ومثل كل يوم
الشجرة لها نفس الملمس
والقمر له نفس الهيأة
نفس المجرة
ونفس الأرض
سيعملان - معاً - وبموتورات الجاذبية وسيدوران إلى أن تنطفىء الشمس
ويظلم الليل
أسير فى الطرقات ولا أسمع سوى عواء الكائنات الضالة مثل
سردينات هائلة
فى علب من الصفيح المشرشر
أنظر إلى الشوارع التى تضيق أو تنفرج كالأرحام
أنا بهلوان الموت المفاجىء
وضحكة الموت البرىء.

[35]
مثل سمكةٍ
أتبلبط على الأرض
وعلى القاع
أتأمل كم هو عميق وهزلى كل هذا الموت
لا أحد يعي
ولا أحد يحسُّ
مثل فراشةٍ
ذائبة
أضيء أو أنطفيء
ألملم الظلمة المعادية فى سراويلى الجافة
وفى...
أحذيتى البلاستيكية أكوِّم الهاوية مثل الرملِ
والحصى
وألقى بها
إلى النفايات.

[36]
هل العقل فعلا أساس كل شىء
وماذا
عن المادة الحيَّة
والمادة الميتة على السواء؟!
كيف أتفرس جيداً فى أسنان الموت - المتوحشة - ولا أهتمُّ ؟
كيف أحدق ملياً
بعينين
غائرتين
إلى القاع
ولا أبالى؟
إلى العدم
إلى العدم
أيتها الظلمة المعادية
إلى العدم أيها النور الخائن
أنا شكل نفسى
ثم لا شىء.

[37]
هدأت العاصفةُ
وها هى سفن القاع تعلو
الليل أثر الليل
والنهار أثر النهار
بلا بدايةٍ نأتى
وبلا
نهاية نمضى
هذه هى دورة الأشياء كلها
هذا هو العالم ولا شىء بعد
من يوقف تلك العجلة الجهنمة؟ من يعمل على إيقاف تلك
الطاحونة الحمراء؟
من يصمد أمام تلك الدائرة اللعينة؟
من هو الذى يعرف ليقول
من هو الذى رأى ليحدث؟
من يضع خاتمة لكل شىء
وأى شىء؟
الموتُ/الحياةُ/النومُ/اليقظةُ/الليلُ/النهارُ/
البياضُ/الظلمةُ/
الخيرُ/الشرُ.....
الألمُ/الفرحُ.... إلخ إلخ
أين تذهب هذا المساء؟

[38]
كيف أصعد إلى السماء لأنظر ماذا تحتوى؟
كيف أحصى عدد ذرات الأرض ولا يصيينى القرف؟
يا هوائيات السديم الأعظم
ماذا هنالك بعد الروح
والموت؟
كم دورةٍ سوف نأتى؟
انسحقت مثل غيمة وما عرفت
أيها الموتُ
اترك
لى
سراويلى؟!

[39]
أمسك هذا الفراغ الهائل بأسنانى
وأنتشل غرقاى من اللجة
وأبحث عن جزيرةٍ
- نائية -
لأقيم فوقها شرائعى
أنا إله الجسد
ولا معنى لحقيقة الروح هذه
لم يعد هذا الهواء ملائماً لى
العالم
ملوثٌ بالخيانات
والحصى
أنا تمثال الضغينة المنكسرُ.

[40]
كيف أقبض بيدىَّ - الكليلتين - على هذا العالم مثل رغوةٍ
وبحركة واحدة أفركه بين أصابعى وأذريه كالنفايات ثم أجلس على حصيرةِ
الفراغ لأغنى أغنيتى الأخيرة تحت سموات العدم هذه فلا سماء لى لآوى
إليها ولا أرض هناك لتحتوينى ولا جبل - لي - ليعصمنى من الماء ولا ظل
هناك فى الفلوات لأرتكن عليه.

[41]
فى قلب الظلمة المعادية وقفت وصرخت/
يا أبى
أين كلماتك التى تطبطب بها عليّ
أين مأواك لأتسلل إليك فى ظلمة النهار ومتاهات الليل
أين كلماتك التى أخذت تلاحقنى ومنذ أن ولدت
- ها أنذا أحفظها عن ظهر قلب -
لم فعلت بى ما فعلت؟!
لم يعد لى مجد
أنا العابرُ المنهزمُ المأزومُ العارفُ الجاهلُ المتخبِّط الضلِّيل الضريرُ الأعمى
الفقيرُ المنجحدُ الناقصُ الضئيلُ الشائهُ المشوهُ
عائرُ الحظِّ.

[42]
قوّنى ببركتك يا رب
فقد ضعفت وانحللتُ
أدخل يدك الرحيمة فى جيبي فقد وَهَنَ العظم مني واشتعل الرأس شىباً
انزع ظلام روحى عن نفسى
- التى بين جنبىَّ -
أنا الأعزلُ من كل قوس وسيف
غسلنى فى نهرك اللانهائى
فأنا متسخ حتى النهاية ومبلولٌ بالوجع حتى الهلاك
بللْ شفتى بريقك العذبِ
حتى لا يهلكنى الجحيم
والندم
ضمنى إلى جناحك
فأنا فى العراء
والبرد.

[43]
هبنى سلامك الأكيد يا رب
أنا الأعزل من كل معرفة وحكمةٍ
لا لغة لدىَّ لأتعرف بها
عليك
ولا سلاح لى - لأتقاتل مع الشرِ -
سوى هذا الألم الخالص
ولا يقين عندى سوى حَجَرَةِ الشك هذه
أنا مرعوب من كل شىء
من الملل الخالص
والمصير المضمحل
مرعوب من المعرفة الكاملة
والسلام الناقص
مرعوب من السفر الذى بلا نهايةٍ
والإياب الذى بلا يقين
مرعوب من الجنة الخالصة
والجحيم المستعر.

[44]
كانت الدموع
خبزى الوحيد
كان الألم
ثروتى المكتنزة
يداى
زائغتان
ولا تستقران على شىء
فى كل يوم أنفجر مثل آلاف الفقاعات ولا أعثر على سلام نفسى
الكامل
وفي كل ليلة أصنع أساطيرى الشائهة وأدمرها بيدىَّ
هذا الحزن
ثروتى الأكيدة
فراشى
لم يكن سوى محصلةٍ
لساعات الندم
والحسرة.

[45]
بين أشواكٍ أمضى
مقيدٌ أنا حتي النهاية
ومشلول
حتي النخاع
بلا قوة
أو إرادة
بلا مصير
أو حتى حكمة واحدة
بصرى محكومٌ بالعالم
وبصيرتى خاوية
أنا على الأرض مثل حشرة متفحمةٍ
قدماى غارقتان فى الوحل
ولا تستقران
إلا على حشيشة الندم الشائكة
صباحاتى رهن الخطأ ذاته
أيامى قبضة من الرميم
هذا الإثم مقدر علىَّ
هذا الألمُ
نصيبى من الفرح.

[46]
حبي
لم يكن حقيقة بل كان حربة تستقرُّ
حياتى خربة مثل مقبرةٍ
وخاوية مثل صحراوات تقهقهُ
أنا هرم مثل حصان يئن
ومنكسر مثل طاحونة بأطلالٍ
تحت وطأة الرغبة أندفع
ولا أقبض إلا على
الضلال والحسرة
أشجارى غامضة مثل كل شمس
وفى كل صباح لا أتعرف أنا علىّ
مياه أنهاري سحيقة ومالها من غورٍ
قلبى بالونة تكاد أن تنفثىء
وصدرى مثل ثلجة
فى الجحيم
أنا جامد مثل جبل
ومياه أبارى جافة آهِ
مراياى
كلها مكسورةٌ.

[47]
فى كل يوم لي تجربة
ولكن بلا منٍ أو سلوى
من بين الأموات أقوم
ورقادى كوابيس مؤجلة
فى كل يوم
أحصى عدد هزائمى وخيباتى بلا حد
وانكساراتي مدوية
لا أبصر صباحك الذى تملؤه الشمس
لأستقيم
بل
لأكدِّس مراراتى التي لا تعدُّ.

[48]
هبنى سلامك يا رب
فلتضمنى عيناك
وليشرق علىّ قلبك الذى يعمل مثل كرّاكاتٍ لا تكلُّ
لتشملنى محبتك الرائقة
وليشرق علىَّ سلامك الأكيد
آه
من رحمتك الكاملة وكلامك الشامل
أنا العائش فى الخطىئةِ
حتى النخاع
وأنا القابض على الإثم حتى انجرحتُ
ما من حقيقةٍ واحدةٍ أمام عينىَّ
أنا الزائغ عن كل طريق قويمٍ
المنحرف عن كل
خط كامل وخطأ غير مقصود
ما من حقيقة أمام عينى لألتمس منها مبرر وجودى
يقينى خائخ مثل قشة
وكينونتى مضطربة
أنا زادى إلى نفاذٍ
وزائفة كذالك نفسي الذى بين جنبىَّ.

[49]
ما من مرة تعرفت فيها إلىّ
أنا الزائغُ البصر والمعتلُ البصيرة
أنا العائش فى الحقيقة التى لاتقبل الشك والغائص فى الشك الذى لا
يأوى إلى أية حقيقة
لتضع يدك الرحيمة تحت سنواتى المسيجةِ بالشوكِ والحصرمِ
ولتصنعنى على عينك
ولتأخذ بتلابيب روحى
ولتضع يدك الرحيمة تحت مخداتى المحشوة بالخياناتِ والحصى
خلنى أمشى فى طرقك التي ما بها من ضلالٍ خالصٍ
أو حتى يقينٍ مرتبكٍ
المعرفة عسرة
والجهلُ محيق
وكل الطرق وعرةٌ
والجبل نفسه عالٍ
أنا تلك الحصاة التى تنحدر
وقطرة الماء التى تضمحلُّ
أين بحرك الذى بلاقاع
ولاسمكة واحدة تشخلل أمام عينى
وأين موجتك التى بلا قرار
فى أى جهة تقوم شطآنك التي بلا زوالٍ أبداً
وفى أيةِ أصقاعٍ تكمن أراضيك التى لم يطأها بشر
أو تدخلها معرفة
تعبت من السؤال والشكِّ.

[50]
أرضى لم تكن لينةً
ولا بها من ثمرةٍ واحدةٍ
أشجارى جافةٌ
كأعواد ملح
وصحراواتى متشابكةٌ
وفى كل اتجاهٍ
ماذا أفعل؟
أين هو طريق الخير الخالص فأسلكه
وأين هو طريق الشر الكامل
لأبتعد عنه
فى كل الطرق أمضى
لا نعمة
ولا أمل.

[51]
ولأن العقل خالدٌ وكلمته آمرة
ولأن الروح مزدهرةٌ وتشرق على الأرض
كانت الكلمةُ.

[52]
الكلمة الفعلُ
والكلمة العقلُ
الكلمة التى - هى - أساس كل فعلٍ وكل عقلٍ
ولأن كل شىء ناقصٌ
وبلا اكتمال
فكل شيء يخرج من الكلمةِ
مثلما يخرج النور من الظلمةِ
وتنبثق الظلمة من الفجرِ
لا شيء يفنى بالكاملِ
ولا شيء يموت
بالضرورة
كل شىء يتحول ويتغير
- إنه التحول الذى يصيب كافة الأشياء -
ولأن العقل خالد وكلمته آمرة
كانت الكلمة
الكلمة الفعل
والكلمة العقل.

[53]
النور والظلمة
الخير والشر
الفعل
واللا فعل
المادة والحس
الإدراك
واللا إدراك
أن توجد يعني أن تفعل
أن تقترب من حقيقة الفعل واللا فعل
- هو الهدف النهائى للوجود
والحسِّ
من حقيقة الكلمة الواحدةِ
الكلمة الحقة
والأفعال الجمة -
من يعرف حقيقة الروح
من يدرك عمق الكلمة
من كان هناك ليقول
من رأى منكم ليحدِّث
الكل فى العتمة
والظلمة مدوية.

[54]
درت فى كل اتجاه
وقرأت كل شىء
الطبيعة وما جاورها
العالم وما فيه
الشهوة
وفقدان البصيرة
- فوجدت أن الكل باطل -
الكل فى الواحد
والنور فى الظلمة
والظلمة فى النور
الكل واحد
لا ينقسم ولا يتجزأ
ولأن الطبيعة عاجزة أحياناً
ولأن الروح عمياء دائماً
تهت فى الطرق
الذهاب في الإياب
والإياب فى الذهاب
كل الطرق متشابكة
و
لاشىء.

[55]
سألت عن كل اسم
وما هى طبيعة كل حرف
فما وجدت أى شىء
فقدت يقين نفسى وامتلأت بالضلال
أنا المنقسم ضد الله
وضد العالم
ليس لى من طريق واحد لأسير فيه
وليس لى
من هدف أكيد
لأعرفه
لا يقين لى لأتشبث به
لا حول
ولا
قوة
كل الطرق متشابهة فى عينى نفسي
وطرق الربِّ كثيرة
ووعرة.

[56]
أن أحس بالشىء ونقيضه فى نفس اللحظة
أن أكون المرئى واللا مرئى فى نفس الوقت
الرؤيةُ
والفهمُ
الوضوحُ
والحقيقةُ
الحكمةُ
مجد كل الأشـياء
من يمسك بيدي الضريرتينِ
عن العمل؟!!

[57]
كل الأشياء تتحرك واللا كائنُ وحده ثابت.


[58]
أريد أن أستعرض كافة المبادىِء
أريد أن أحس كافة الأشياء
أريد أن أختبر كافة اليقينياتِ
كيف أجعل بدنى يفهم وروحى تحس
أنا الثابت
والمتحرك فى نفس الوقت
العاجز عن الفعل
والفهم
فى نفس اللحظة
لا قدرة لدى لأقعد وأتأمل.

[59]
لا طاقة لدى لأنتسب إلى حقيقة العشب هذه
هذا هو يقين كل شىء
- كل الأنهار تجرى إلى البحر والبحر نفسه ليس بملآن -
جسدى أكبر من روحى
وروحي أكبرُ من العالم
جسدى حدُّ اللغة وحد العالم
آه يا روحى التى لا تنتسب ولا تتسع إلا لجسدى
أريد أن أضطجع
وأنام
أحلم وأتأمل.

[60]
ما هى حقيقة الأمور بالفعل
ما الذى يحدث فى الحقيقة
فهمٌ
ولا رؤية
معرفة
ولا أملْ
الجسد فى الشكلِ
والشكل فى الطاقة
الشكل
والطاقةُ
هما هما كل شىء.

[61]
الخالدُ
لا يتلقى عن الفانى
والفانى لا يأخذ عن الخالدِ
- كل الأنهار تجرى إلى البحر
والبحر ليس بملآن -
أية حكمة فى الموت
أية صيرورة فى الأبد
والأزل
نقطة البداية هى
هى نفسها نقطة النهايةِ.

[62]
ولأننا
نريد الخير عاجلاً أو آجلاً
ولأننا لا نتأثر إلا بما هو إلهى وخالد
نسير فى الشوارع المطهمة بالألم
نقطف الشر كما نفعل الخير
- ومثلما نقطف نباتات العليق المزدهرة -
نحصد الندم بأظافرنا التى يبكُّ منها الدم
هذا الحسك غذاؤنا اليومى
لا خبزٌ
ولا خمر
الإناء فارغٌ
والماء شكل الإناء
وها نحن نسير فى المتاهة
بقدمين
فارهتين.

[63]
فعلنا الشر
لأننا لا نعرف أين هو طريق الخير الخالص
وبحثنا عن الخير الخالص
لأننا سئمنا طرق الشر كلها
الخير
والشر
متكاملان
ما من خيرٍ خالصٍ
ولا من شرٍ
أكيد.

[64]
العقل فى الله
وعلى الإنسان
أن يدرك حقيقةَ وجوده
العقل يمتنع عن الألم
والألم يمتنع
عن الحسِّ
والعقل
لا يمكن لقوانا الداخلية أن تنحل
ولا يمكن لعيوننا أن تهدأ
هذا الفساد غير قابلٍ للفهم
الرؤية فوق المعرفة
والمعرفة أبعد من
حقيقة الرؤية.

[65]
كيف أطأ هذا الهواء الذى يتكدَّس
تحت قدمى مثل كومةٍ
أسير ولا حركة
أقوم ولا فعل
منذا الذى يشاركنى الرغبةَ فى الفعلِ والفهم؟
منذا الذى يقاسمنى الأمل
فى المعرفة
والحسِّ؟
وها هى حدائق الموتى
تعلو!!

[66]
أنا النملة الواثقة التى تبرر الزمن ولا تسأل
أنا الليل ذو النجوم الدفاقة فى الأفق بقبعاتها الصفراء
لا أعرف ما هو اليقين حقاً
ولم أعد أبحث عنه
أجفف أنهارى بشفتى المندلقتين كالملح
وأفرك الزمن بين يدى
كالعصارة
وأقهقه مثل الرماد
المنبتِّ
لا حس ولا حركة
لا رغبة
ولا سلام
فقد اليقين ذاته
وانتصبت أوائل الشهوةِ
انظر...!!
ماذا يفعل كل أولئك الموتي؟!

[67]
سرت فى كل اتجاهٍ وما رجعت
دخلت فى مغاليق الجبال وما خرجت أو دخلت
حصدت كل ضوء شارد أو واردٍ
وما أبصرت
صعدت إلى معاصم الأفق
وما رأيت
لا شىء يكون..
كل ما هو كائن سوف يكون
كأن الأقلام رفعت
وكأن الصحف
نشرت.

[68]
ها أنذا أتمدد فوق حصيرة المخيلة إلى ما لا نهاية
أنا الوهم المختلط بالحقيقة
والحقيقة المختلطة بالوهم
أتحرك
ولا أحس بالحركة
أشعر ولا أدرك سوى السأم
لا أبلغ الموت
ولا أقترب من حقيقة الحياة
أبصر في اليقظة ما أراه ماثلاً فى النوم
لا شىء يبقى على ما هو عليه
الموت يقابل الحياة
العدم سيد الحقيقة بلا منازعٍ
الوجود - نفسه - وهم
والعالم مجرد خيال
ما من شىء يستمر إلي ما لا نهاية
كينونتى تتلاشى
وبدنى يضمحلُ
وها هي الروح تغزو.

[69]
ماذا أفعل بكل هذا العدم الذى يتكدَّس
ماذا أفعل بكل هذا الفراغ الذى يمتلىء
حدة الضوء تخبو
أصفِّر فى الخلاء الضخم لأطرد كافة الكوابيس - عن نفسى - التى تقشعرُّ
أقعد على الأرصفة المعادية
لألهو بغيمة تعدو
كيف ألملم كل هذه السموات الشاهقة - فى جيبى - وأتأمل النسيان مثل حشرةٍ؟
آه
يا ثمرة اليأس المعطوبة
غداً..
سوف تأتى الظلمة المعادية لتبتلعنى..
وأنا أقهقه قهقهة الرماد المنقعر.

[70]
أتمدد علي الأرصفة فارداً ذراعىَّ
- وها أنذا استنشق هواء الوحدةِ السامَّة -
هذه الوحدة جننتنى
تتمدد بجانبى
وتنام تحت رئتى مثل ذئبةٍ
هذه الوحدة
المجنونةُ العالمةُ المتأملةُ الهاديةُ النبيلةُ الجبانةُ الخربةُ الهشةُ الرثةُ الضعيفةُ الهالكةُ
المتهالكةُ
العاريةُ
الغاويةُ الهرمةُ
الرنانةُ الطنانةُ
ما هو الزمن
والوحدة طائر أخرس؟!

[71]
ما هى الحقيقةُ
لا فهمٌ
ولا معرفة
لا أمل
ولا يأس
الفهم والحقيقةُ والمعرفة لا شىء
ومثل بحار أعمى
أتعلق بقصبة
غارقة.

[72]
قرأت كافة الفلاسفة ولم أعثر علي حكمةٍ واحدةٍ
الفلسفة متناقضة بالأساس
والحكمة غائبة عن الكل
باطل الأباطيل
الكل باطل
وقبض الريح
ها هى أحجار السموات تتساقط علىّ ولا قدرة لدى على رفع الأنقاضِ
دائماً
عرتنى الظلمةُ
المدويةُ
وها هى عنكبوتاتٌ ضخمة بحجم السموات والأرض تلتف حول رئتىَّ
وتتصيدلى أخطائى
لم أعد أسمع سوى صلصلة روحى التى تتفتت
ثمة كوابيس غاشية تنتزعنى من ظلمتى الرحيمة هذه
وها هو فجر مبلل بالخديعة يتربص بى
من يقينى من الهاوية التى تتجسدُ؟

[73]
أستمر فى مداعبة البياض والسواد رغم كل شىء
وأتناثر فى الأنحاء
ولا أمسك ولو بغيمةٍ ضالةٍ
فوق سريرى
يتقاتل الألم
والوحدة
لا قمر لدى - سوى النسيان - ليتسلل
عبر الظلمة المدوخة
لا قدرة لدى على الفهم
ولا زمن لى بالأساس
ليس - لى - غير فمى الذى يقبض على كل ما هو باطلٍ وشر
لا أملك غير يدى الكليلتين اللتين تندسان فى الظلمة
ولا تقبضان إلا
على نشارة الندم
والخسارات
أنا وحيد وربما
أشعر بالأسى لهذا الكون..!!

[74]
فى كل يوم
أسير محدقاً فى اللا شىء
وها هى ذى أشجار العدم تصطفُّ على الحواف
ومن كل ناحية تتربص
أنا هو الفعل واللا فعل
آه
يايقين الأعمى؟!
ما معنى الحب أو الموت ؟
ما معنى الوجود والعدم ولماذا حدث ما حدث بالفعل
البداية مثل النهاية
الصعود هو مقدمة الهبوط دائماً
كل هبوط هو بداية لصعود آخر
- ومثلما لكل شىء بداية
فلكل شىء نهاية كذلك -
إنها نفس الدائرة التى تتكرر وتتكدَّس ودائماً
دائماً عبر الزمن.

[75]
السهروردى مثل المسيح
نيتشة مثل بوذا
الحلاجُ يلتقى ببلاطس
الكلمة واحدة
والأفعال شتى!!
وطرق الرب كثيرةٌ ووعرةٌ
لا أحد يصرخ
ولا أحد يعرف ليتكلمَ.

[76]
فى ذاكرتى تتكدس كافة المدن إلى ما لا نهاية
أرتكب حماقات لا حصر لها وأخرج من شارعٍ لشارعٍ ولا ألوى علي شىء
أسأل نفس الأسئلة
وأتلقى نفس إجابات الروح المعطوبةِ
غيوم الروح كثيرة ولا أحد يسمع
مشكاواتى صدئة
وقطارات الروح
معطلة عن العمل
فى كل يوم لى تجربةٌ ولكن بلا من أو سلوى
لم فعلت ما فعلت يا إلهى.

[77]
إيلى
إيلى
لم شققتنى؟!
أما من حلٍ لهذه المعضلةِ
أى معنى لهذا العالم الذى يتكور ويتكدس إلى ما لا نهاية
أية حقيقة تكمن فى مطاردة الليل للنهار
ومطاردة النهار لليل؟
ماذا يعنى العجز الكامل للروح
وماذا تعنى الشيخوخة الكاملة لهذا البدن؟
ماذا عن تعب يدي
وما هو عملُ كل هذا النهار؟

[78]
ما معنى كل هذه الحروب التى بلاطائلٍ
ما هى غاية التاريخ
وما هدف كل هذه المذابح المدوية؟
أأنت فعلت الشر؟
هل قدَّرت الإثم الخالص للروح
ومثلما فعلت الخير المحض
قدرت الشر المحض؟

[79]
هذه السنوات تمضى بلا هدف أكيد
أين يكمن اليقين وما هى مادته
ما عادت الروح تبصر
القدم عمياء!!
والقلب فارغٌ والروح معاديةٌ
كيف أبدد الظلمة الشاهقة حول روحى التى تكتظ.

[80]
أنا بئر العطش الممتلىء باللا معني
أنا صَدَفَةٌ عاثرة الحظ
وممتلىء بالتفاهة حتى النخاع
أنا الغيبوبةُ الكاملةُ للجسد فى ديمومة الروح الهاربة وغيبوبة الروح
الكاملة فى أزلية الجسد المتوحش
أحدق فى الهاوية فلا يتردد إلا صدى القاع
أنفِّض التراب عن جسدى
فلا أشم سوى رائحة الموتى
فليشرق السلام على نفسى
ولتحل البركة
على حجارة روحى المتآكلةِ
أنا شجرة المتاهة التامة التى تدوم وتدوى إلى ما لا نهاية
أسند الظلام إلى ظهرى
وأبدأ صفيرى الحادَّ فى الخلاء الضخم
ولا أحد معى
فى جعبتى يسكن طائرُ النسيان
ولا مجد لى
على شفتى يسيل كرسى العدم المتحرك
ولا أحد يدرك.

[81]
أنا الأسئلة التى تبحث عن إجابات الروح الهرمة
كيف أعبر عن ظمأ روحى؟
كيف أكتب عن يقين نفسى التى تنحلُّ؟
أنا شجرة - النسيان - الغارقة فى العزلة
وأنا يقين الأرصفة الأعمى؟

[82]
أين أنت يا أبى؟
لم فعلت بى ما فعلت؟
أنا الضالُ الذى فقدت
أنا الحكمةُ الطائشة التى قدرت
أنا الشجرةُ الجافة
التي أحرقت
أو أهلكت
أنا...
نهرك الوحيدُ الذى ما عبرت
أنا ثمرتك الحامضة التى تقيأت
لم فعلت بى ما فعلت
أنا صحراواتك الواسعةُ من الملحِ الشاسعِ التي ما تخيلت
فلم فعلت بى ما فعلت؟

[83]
أنا العابر الأبدىُّ فى الفراغ الغويط
أنا الغارق فى الوهم والتفاهة
والقابض على الضلال الكاملِ
والعدم الراسخ حتى النهايات ولا خلاصَ لى
أنا الممسك بيدين
ضالتين
على جمرةِ اليأس هذه
أنا عابر السبيل الأبدى والعائد من الجحيم دائماً ومعى أغنياتى التى
تشبه البرازَ
أنا السائل المنوى الذى يتخمر فى الأنابيب البلاستيكية وأكياس النايلون
وثلاجات الدوائر الحكومية فى نفس الوقت
ما هو متاعى الحقيقى من هذه المهزلة
آه
من طول الرحلة
وقلة الزاد!!

[84]
كيف حدث ما حدث
لم أعد أذكر
كانت ظلمة
وكان الربُّ واقفاً وكنت هناك على وجه الغمر مثل قشةٍ
أحفظ أسماء كل شىء
قرأت كل اسم
وحفظت كل حرف
دونت أسماء كل نهر
وعرفت معنى
كل لون
الأنهارُ والبحارُ الأشجارُ والأمطارُ الجبالُ والمحيطاتُ
- كنت قريباً للرب وكان الرب - نفسه - قريباً منى
أحصيت كافة النجوم
وتسللت إلى كافة المواقع
فى أزمنة الروح تجولت وانحللت
لا معنى للماضى
ولا يقين للحاضر
الزمنُ نفسه وحده
الزمن لا شىء
والحركةُ كل شىء.

[85]
متى تستقر هذه الروح الخربةُ التى تعمل بداخلى ومثل حشرة بسكاكين
كيف أقبض على فراغى الذى ينهمرُ
ويأسى الذى ينمو؟
لماذا يحدق الموت دائماً فى وجهى
ويتشمم رئتى
ويتحسس جبهتى
ويتلصص علىَّ كالذبيحة
وينام تحت أرنبة أنفى
- محركاً ذيوله الخشبية أمام عينىَّ -
أيتها الروح التى تصرخ كالدببة
أيتها السموات التى تنوء كالضحايا!!
لم َيصاعد الدخان عالياً
وتعلو ألسنة اللهب حتى القبَّةِ؟!

[86]
سأجتر مراراتى الليلية
وأعد خيباتى التى لا تحصى
أنا شجرة النعاس الفضفاض
وحديقة الموتى
المسننةُ
أنا كرة الروح العمياء
وهواء الندم المبهور بالعدم
أنا نشاز الزمن الذى يكنس كل شىء وأى شىء
أنزل ضيفاً على الجحيم دائماً
وأتشبث بأحجار الروح
المسيجة بالأساطير
واللا معنى.

[87]
اصنعوا لى صنجاً من الريح لأغنى
اجلبوا لى
بخوراً من الأصقاع البعيدة لأضرب علي طبلة الأفق بأصابعى
بأبواقى الكثيرة سأسمعكم خراب نفسى
ها هى الأشجار تتنصت
وقصبة الريح تعوى
أريد أن أسمع أناشيد الليل الدفاقة
ومثل حصاة ناتئة فوق جبل
أقف لأتفرج على خساراتى التى لا تتهدد
وتحت سماوات بمخالب
أدلدل رجلىَّ
- فى الفراغ الغويط -
ولا أحد يرى أو يسمع
أدق طبولى أناء الليل وأطراف النهار
ولا أحد يبصر
من كان له عين فليأت
من كانت له أذن فليسمع وهذا هو
ختامُ الأمر كله.

[88]
لنتحد بالسماء والأرض
بنعمة الضوء التى لا تقهر
بحقيقةِ
وجودنا على الأرض
- فى العالم -
لنتحد
بكل ما له من معني
بالشجر والجبال
الحصى والرمل
بالظمأ وقطرة الماء
بالنعمة
وبؤس الأمل
لنتحد..
بسنواتنا الضالة
وأنهارنا الجامدة
وأنتِ
يا بذرة الليل الشفافة ويا شمس الربيع النديان
كلماتنا التى نطلقها عبرالرغبة الخالصة والحنين الغامض
تتوقف عبر محطات الألم الخالص
لتصبغ الليل بالألفة
ولتصنع النهار بالحكمة
والمعرفة الحسنة
ربما يعنى الميلاد موت شىء آخر
ربما يعنى الموت ميلاد حياة جديدة
ما هدف هذا النور؟
ما غاية تلك الظلمة؟
لنتحد بكل ما له من معنى
لنتحد بالأمل واليأس
لنتحد بالحقيقة والموت
بالليل
والنهار
وأنت - أيتها السيدة - يا صانعة الرغبات الحارة والأنهار اللامنهزمة
أنت النعمة الخالصة
واليقين الأكمل
- حتى أطراف أصابعك كلها شهوات -

[89]
بحثاً عن الرغبة الأكيدة
بحثاً عن الأمل المنبعث
بحثاً عن السلام المر
بحثاً عن النور الخالد
والظلمة الغاوية
بطرق الروح المتجددة
على صناجة المادة الخشنة
إلى أى مكان سوف نمضى
إلى أين تأخذينا يا سفينة الريح
أتوجس من كافة الينابيع
وأخاف من نجمة الصبح
التى لا تطلع.

[90]
لا علم لى
ولا أعرف ما هى الحياة الحقة ولا ما هو شكل العالم
ما هي الخفة الكاملة لهذا الكائن الذى لا يحتمل...
وأين يكمن الشر المطلق؟
ما هي غاية الخير المحض؟
وماهو هدف الشر الأخير؟
ليس ثمة شىء
أمور كثيرة سوف تحدث
حقائق كثيرة سوف تتغير
المعرفة عسرة
وطرق الرب كثيرة ووعرة
والفهم
أبعد منالاً من العقل.

[91]
كل الطرق متشابهة
اليد التى تغرس الحكمة تعرف - أيضاً - كيف تحصد الألم
البداية هنا
قد تعنى النهاية هناك
والنهاية هنا قد تعني البداية فى مكان آخر
ما هو اليقين حقاً؟!
وما هى المعرفة بالفعل؟
ما هى حقيقة العقل؟
وماذا تعنى الفضيلة
أو العفة؟
ماذا تعنى الرحمة وما هى غاية التقوى؟
أين طرق البر الكامل
وما هو السلام الأكيد؟
ماذا يعنى الخير أو الشر فى المحصلة النهائية
- المسألة أكثر غموضاً مما ينبغى -
لا فهم ولا معرفة
الصدفة قانون كل شىء.

[92]
ترى أين ذهب كل هؤلاء
المسيح وبيلاطس
بوذا
وزارادشت
ليس للإرادة مكان
والوعى بلا حقيقة سابقة
الأحجار كلها تتساند
والشوارع تهرب من النافذة
حركة ولا سير
لا هدف ولا أمل
فقدت الأشياء حكمتها
تعلو
وتهبط الرئة
مثل الأسفنج
الهواء حامض
مثل ذكرى.

[93]
أيتها البنايات الشاهقة مثل سدّادت تمنع الهواء والضوء
يا حوائط الأسمنت والرصاص المتكاثفة - مثل علقة -
هل حقاً
سوف يأتى الطوفان؟
أية سفينة يمكن لها أن تحمل هذا العالم بين رئتيها الجهنميتين؟
أى فُلك يمكن أن تعبر هذه البحار المتراصة مثل أخطبوطات ضخمة
وبأنياب؟!
لماذا فقدت عينى القدرة على الرؤية
لماذا فقدت أذنى القدرة علي السمع
والكلام؟
لماذا فقدت يداى القدرة على الفعل
واللافعل؟
تخففى أيتها الغاشية..!!

[94]
حياتى بلا رغبة خالصة
أنا العاطل عن اليقين والشك
أنا الخالى من الرؤية والإرادة
أنا الموصوم دائماً
بالهشاشات
والخيبة
إلي أين تأخذينا يا سفينة الموتى؟!
ترى
أين ذهبت كل هذه السنوات
كيف أبدد كل هذا الحصى عن يدى
حجر أنا....
وحياتى مبددة ومثل فقمة بألف عين أنظر إلى الحياة بازدراءات
وتعزية
فى فمى هواء حامض
وقطط مجففة
وبضراوة ينبجس الألم من تحت قدمى
أنا الأعزل.

[95]
أستبسل فى الفراغ الغويط وأدخن سجائرى المحشوة بسرطانات منقرضة
أتدحرج على الطرقات مثل بالونة منبعجة بألف فم
وأتأبط أيامى - الخربة - مثل كومة من الوساخات والأتربة
خرائبى أكبر منى
ويأسى أكبر من خراب نفسى
كيف أصعد إلى هذه السموات الشاهقة
لأقعد أنا والقمر كصديقين يتيمين
وفوق حشية السحب هذه
أتأمل الفضاء
بعين منجرحة.

[96]
دونما هدف
أو دونما أمل كذلك
دونما خداع للذات
ودونما شهوات
دونما حاجة إلى العقل
أو رجاحة الجسد
دونما حقيقة واحدة
أو حتى أمل زائف
الظلام بحار أعمى
والنهار
شيخوخة مبكرة.

[97]
الزمن يأتى ويعود
الظل يسقط فى الظل
والماء يسقط فى الماء
من ذا الذى يقدر أن يقول كل شىء
من ذا الذى يقدر على الفعل واللا فعل
إلى النسيان سوف نذهب
بلا طمأنينة واحدة للروح
بلا معرفة حقة أو
رحمة واحدة كذلك
كأنما الروح ضلت.

[98]
ما ينتهى سوف يبدأ
وما يبدأ سوف ينتهى
فى العالم
يسقط الكل فى الزمن
وفى الزمن
يسقط الكل فى الظلمة
الحكمة والمعرفة
اليقين وتبدد اليقين
الأمل
واليأس
من الموت إلى الميلاد
ومن الميلاد إلى الموت
كل شىء يتكرر إلى ما لا نهاية.

[99]
الموت يتهدد
ليس هناك من رغبة واحدة
الضوء جاف
والنهار بحار أعمى
لا رفة لورقة
ولا حركة لغصن
لا حياة يمكن لها أن تتبدل
ولا شمس تنبعث من الرماد
ثمة يقين غامض يأتى من الأرض
والعالم كله
يدور.

[100]
الزمن حركة
- من الخلف إلي الأمام
ومن الأمام إلى الخلف -
الحاضر قد يعنى الماضى
والماضى ليس إلا صورة الحاضر
وفى الزمن
يسقط الكل
إلى أين نتقدم
واأسفاه
مضى أغلب الوقت
ليس للإنسان وعي
وليس للبشر
إرادة
ضلت الحكمة طريقها
وفقد الخلاص ذاته.


1998
المقطم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى