أحمد الحجام - نقع الليلة المارقة.. شعر

* إلى محمد الحاضي

هيَ ذِي اللّيلةُ المشبُوبةُ..
تتسَابقُ رَبْواتُها الشّقْرَاوَاتُ
مُتدافِعَةً تَخْبُو إلَى مَنْفايَ
كُلّمَا أخَذتْنِي سِنَةٌ منْ توْقٍ عَاتِيَهْ
و بَعْثرَ المَدَى في فُؤَادِي أشْواقَهُ
نُجَيْمَاتٍ تتلألأُ فوق الذرى لَاهِيَهْ
غَائِضٌ أنَا بِعِنَايَةِ الأغْوَارِ
عَبْرَ النّفَقِ الدُّودِيّ لأحْزانِي
أُسْبِلُ الأهْدابَ شَوْكًا .. شَوْكًا
على ليْمُونةِ بيْتِِنَا القديمِ
نحْوَ مَرْمَى حُلْمٍ مِنَ الحديقة السّاحِرهْْ
كُلّمَا هسْهسَ الحَنِينُ الغَضُّ بيْنَ عَرائِشِهَا
و ارْتختْ أسَارِيرُ النّسِيمِ
مِلْءَ وُرَيقاتها النّاضِرهْ
أتَمَايَلُ مُلْتاعًا ..
لأُنَاغِي عُصْفُور الوَفَاءِ
و أغاريدَ الأمْنيات ِ
هِيَ ذِي الليلةُ الحَارقهْ..
تشْرئِبُّ بأعْناق الطّعناتِ
على حين غَفْلةٍ من ليْمُونتنَا الغافيةِ
يُجَلّلُ لَوَاعِجَهَا الكِتْمَانُ
إذْ عَسْعسَتْ فِي خَلَدِي الأشْجانُ
غَابَةً تنْدَاحُ ..
وَ أحْرَاشَ غائمَهْ
كُلّما ازْوَرَّ قِنْديلُ الفرَحِ
تُدمْدمُ غاضِبةً
سَمَاءُ الذِّكريَاتِ
كُلّمَا نَاوَحْتُ في الدُّجَى أطْيَافًا
تنْبُو وُجُوهُ الخِلّانِ
عَجْلَى من أمْرِهَا
تَقْتَفِي آثارَ الطّعْنِ وَ النُّكْرَانِ
كُلّما أيْقظتْني أيادِ الغَدْر رَقْطَاءَ
تسْعَى مِنْ جُحُورِهَا
يُجَلْجِلُ في رَأْسِي زَهْوُ الخِيَانَهْ
لِصِحَابٍ ما عَادُوا في مَجَالِسِ الحِكْمةِ
يَقْرَعُونَ أنْخَابَ العُنْفُوَانِ
..هِيَ ذِي غُرْبتِي تُكابدُ حُطامَهَا
أكَاسْيَا الألَمِ
في مَهَبِّ الرّيح نَائِحَةٌ
هِيَ ذِي اللّيْلةُ النّزقهْ
تُفْسِدُ بيْضَهَا المُشْتهَى
في خُمِّ النّزَوَاتِ
تُهْمِدُ أنْشُودَةً لِلْحُلْمِ جَذْلَى
غنّتْ فِي الأقْدَاحِ عَنَاقِيدُها الشّبقَهْ
هِيَ ذِي لَحْظةُ الرّشق مُوجِعَةٌ
يُضمّدُ نُدُوبَهَا صُبْحٌ
بِشُعَاعِ النّسيانِ
قطْرَةً .. قطرهْ
مِنْ عَلَى الخدّيْن أُخْمِدُ جمْرَهَا
أفرِغُ جُيُوبِيَ الرّثّةَ من خطاياهَا
و أُعْلِنُ صَفاءَ الطويّهْ
فَهَذَا التّيهُ لِي
هو الإسمُ ..و العُنْوانُ
هيْتَ لِي يَا "الأَنَا " المَنْذُورُ
لِأوْجَاعِ المَمْشَى
واشْتِعاَلِ المَساَفاَتِ
يَا صَاحِ فَدْ حَانَ الموْعدُ ..
و احْتَدَمَ المكانُ
لَعَلِّي أنْفُضَ عنْ حَقَائِبِي..
ما عَلِق من نَقْعِ اللّيْلةِ الخَابِيَهْ
تعْدُو في عُرْيِهَا
تُلمْلِمُ ما تناثرَ من مِزَقِ الكِبْرِيَاءِ
مَتَى غَسَلَ الصُّبْحُ كَعْبَهَُ
و تَسَنَّمَ الخَطْوُ
عَنْ قَتَامِ العَثَرَاتِ
مَتَى توَارَتْ في رَمَادِ الغسَقِِ
تباريحُ المَحْوِ و الخِذلانِ
مَتَى بَلْسَمَ الأفْقُ جِرَاحَ الشّفَقِ
.. و تَعَافَى فِي القَلْبِ المَسَاءْ
متى شَقْشَقَ الغَوْرُ نَشْوَانَ
يَنْبُوعَ الإبَاءْ..
آنذاك سَأَعْدُو ..
بِسَنَابِكِ الصّحْوِ.. أَعْدُو
على صَهْوةِِ ليلةٍ
تخِبُّ جامِحَةً
هِيَ الليْلةُ المَارقهْ...


أحمد الحجام
مكناس في 2/2/2016

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى