ديوان الغائبين ديوان الغائبين : محمود الأتـاسي - سوريـا - 1917 – 1950

ولد محمود الأتاسي في مدينة حمص (غربي سورية) وتوفي فيها.
عاش في سورية ولبنان.
أنهى تعليمه في مدارس مدينة حمص، ثم التحق بجامعة دمشق ونال إجازة في اللغة العربية.
عمل مدرسًا في المدارس الثانوية بمدينة حمص ولم يمهله القدر فتوفي في سن الثالثة والثلاثين.
كان شغوفًا بالأدب العربي فأمضى سني عمره القصير في الدراسة والإلمام بمعارف وعلوم عصره، تحدوه رغبة في تعميق تجربته الشعرية إلا أن القدر لم يمهله.

الإنتاج الشعري:
- له قصائد وردت ضمن بعض المصادر منها: الحركة الشعرية المعاصرة في حمص 1900 - 1956، وشعراء حمص - أخبارهم - آثارهم.
كتب القصيدة العمودية، والتمس فيها بعض المعاني الجديدة غير أنه حافظ على الروح العربية القديمة، سواء في لغته أو صوره، فاتسم شعره بالرصانة وقوة الخيال. اهتم بوصف الطبيعة واستوحى منها أكثر صوره، فاتسمت بالحيوية والحركة والإيقاع المتجانس والانفعال الصادق.

مصادر الدراسة:
1 - أحمد درويش: شعراء حمص - أخبارهم، آثارهم - مطبعة النجاح - حمص 1963.
2 - محمد غازي التدمري: الحركة الشعرية في حمص - 1900 - 1956 - مطبعة سورية - دمشق 1981.
3 - اتصال الباحث أحمد هواش مع الأديب عبدالمعين الملوحي - حمص 2003.



ظبية

يـا ظبـيةً قـد سقتْنـي الـحـبَّ نظرتُهـــــا
وصـبَّتِ السحـرَ والصهـبـاءَ عـيـنـاهــــــا
يـهفـو فؤاديَ شـوقًا حـيـن أذكرهــــــــا
ويـخـفق القـلـبُ حـبًا حـيـن ألقـاهـــــا
النفس ظَمْأَى شكت برْحَ الهــــــــــوى ولهًا
هل لامست أذنَ الـمحـبـوب شكـواهـــــــا؟
وهل دَرَى بـمحـــــــــــــــــب والهٍ دَنِفٍ
لـم يـهْوَ مـن بـاقة الغادات إلاّهــــــا؟
قـد صـاغهـا الله ألطـافًا مـرقـــــــرقةً
إنـي عـرفت بـهـنَّ الصــــــــــائغَ الله!
فتَّانةٌ مـن خـيـوط الشمس رونقُهــــــــــا
ومـن رؤى الـحـلُم الـمعسـول نجـواهـــــا
مـجْلُوَّة مـن تلامـــــــــــيع الضحَى ألَقًا
ومـن شذا الزهـر والأوراد ريّاهـــــــــا
قالـوا: أمـا زلـت تهـواهـا؟ فقـلـت لهـم:
إنـي مدى العـمـر مـا أنفكُّ أهـواهــــــا
يـدي ستـنـتزع الأشــــــــــــواكَ واخزةً
وتجعـل الزهـرَ مَغداهـا ومَسـراهـــــــــا
هل يُسْعـدُ الـدهـرُ روحَيْنـا فـيجـمعـنــــا
وتحت ظل الهـوى أحظَى بـلُقْيـاهـــــــــا؟
نحـيـا حـيـاةً، عبـيرُ الشـوق ضَمَّخَهــــــا
وسـاعـدُ الـحـب بـالآمـال وشَّاهـــــــــا
هـذي خـواطرُ حـبـي هل أعـيش بـهــــــــا
فـي ريِّق العـمـر؟ أم أحـيـا بذكراهــــا؟

***

من قصيدة: وحي الربيع

يـا حـبـيبـي كفـاك هجـــــــــــرًا وصدّا
وكفـانــــــــــــــــي جَوًى وسُهْدًا ووجْدا
أنـا ظـمآن، لـيس يُطفـي غلـيلــــــــــي
غـيرُ ثغر قـد طــــــــــــاب وِردًا وشهدا
فتحتْ صدرَهـا الطبــــــــــــــيعةُ وافْتَرْ
رَتْ ثغورًا، والروضُ قــــــــــــد رَفَّ وردا
إن يضِقْ صدرك الرحـيبُ فـمـا ضـــــــــــا
قتْ صدورًا أو ضنَّتِ الـيــــــــــــوم رِفْدا
أتـمـلَّى جـمـالَهـا، فأعبُّ الـــــــــــــ
مـاءَ خمـرًا وأقطفُ الـــــــــــوردَ خَدّا!!
يـا حـبـيبـي هـذي الطبـيعةُ تَخْتــــــــا
لُ بثــــــــــــــــــوبٍ يرفّ حسنًا وزهْوا
قـد سـرَى مـوكبُ الجـمـال فخــــــــــورًا
وعـدا فـي ريـاضهـــــــــــا الفِيحِ عَدْوا
وثُغور الأزهـار تَنفَحُ بـالطـيــــــــــــ
ـبِ فتزكـو الربـــــــــــــوعُ أرضًا وجَوّا
وبنـات الهَديل يـنشدْنَ ألـحـــــــــــــا
نًا فـيُسكرنَهـا غنـــــــــــــــاء وشَدْوا
رُوِّيـتْ بـالجـمـال عَيـنـايَ لكـــــــــــنْ
نَ فـمـي مـن فـم الهـوَى لـــــــيس يروى!
يـا حـبـيبـي فـم الربـيع يـنـاديـــــــ
ـنـا فأَتْرِعْ بخمـرة الـحـبّ كأســــــــــي
وامـلأ القـلـب بـهجةً وسنـــــــــــــاءً
وامحُ يـا فـاتـنـي شقـائـي وبؤســــــــي
واسكب الفرحة السنـيَّةَ فـي قـلـبــــــــي
وأغرق فـــــــــــــــــــي لُجِّ حسنك حِسِّي
واسْرِ فـي خـاطري ندَىً وطــــــــــــــيبًا
وشعـاعًا يُضـيء ظُلْمة يأســــــــــــــــي
ظـمئتْ مهجتـي اشـتـيـاقًا وتَحْنــــــــــا
نًا وذابت فـي هـيكل الـحـب نفســـــــــي
يـا حـبـيبـي هـذي الـحـيـــــــــاةُ خِضَمٌّ
مُزْبِدُ الـمـاء، صـاخبُ الأمــــــــــــواجِ
فأنر ظُلْمتـي فقـد أطفأ الـبـيـــــــــــ
ـنُ وعَصْفُ الأنـواء نـورَ سـراجـــــــــــي
تهْتُ فـي ظلـمة الـحـيـاة فـوا شــــــــو
قَ عـيـونـي لنـورهـا الـــــــــــــوهَّاج
دَمِيَتْ أرجُلـي عـنــــــــــــــــاءً وكَدْحًا
فـي دروب مـن الـمُنَى وفجــــــــــــــاج
فـمتى يسعَد الفؤاد بـلُقْيـــــــــــــــا
كَ وأحْظَى بـمتعةٍ وابتهـــــــــــــــاج؟!
يـا حـبـيبـي دنـيـاك تـــــــــرقص جَذْلَى
والنسـيـمُ الـمِعْطـار هَبَّ عـلــــــــــيلاً
رَقَّ كـالـحُلْمِ فـي جُفـــــــــــون العَذارَى
لامستْ كفُّه القـلـوبَ بـلــــــــــــــيلا
فـانـتشـتْ تبتغـي الـمســـــــــراتِ سَكْرَى
مـن رحـيـق الهـوى وتُطفـي غلـــــــــيلا
وتَمشَّى الصَّفْوُ الـحـبـيبُ وذاب السْـــــــــ
ـسِحْرُ فـيـهـا روابـيًا وسهــــــــــــولا
فـانهـبِ العـمـــــــــــرَ واستبحْه غرامًا
لن تـرَى فـي غدٍ إلـيـه وصــــــــــــولا


***

جمالك

جـمـالُكِ لَـحْنٌ فـي فـمـي وغنـــــــــــاءُ
وفـي خـاطري الـولْهـانِ روحٌ وأضـــــــواءُ
هـو الـحسن يـا لـــــــــيلايَ نفحةُ فِتْنةٍ
وفـي قـلـب مَنْ يـهـوى نَدَىً وسنـــــــــاء
فلـولاه مـا قـرَّتْ عـيـــــــــونٌ ولا هفَتْ
قـلـوبٌ إلى نَبْعِ الغرام ظِمـــــــــــــاء
ولـولاه مـا رانَ السـرورُ عـلى امــــــرئٍ
ولا شـاع بـيـن العـالـمـيـن هـنــــــاء
ولا صدحت قُمْريّةٌ فـوق غصنهــــــــــــــا
ولا انسـاب فـي بطن الخمـيلة مــــــــاء
ولـولاك يـا لـيلايَ مـا كـنـتُ عـــــاشقًا
ولا شفَّنـي وجْدٌ هـنــــــــــــاك ولا داء
ولا رفَّ زهـرٌ فـي الريـاض مـنـــــــــوَّرًا
له مـن دمـوع الصــــــــــبح زهْوٌ ولأْلاء
ولا فـاح عطرٌ مـن أزاهــــــــــــره ضُحًى
ولا اهتزَّ فـي صدر الـحـيـاة رجــــــــاء
ولـولاك لا بـدرٌ أضـاء عـلى الـدُّنــــــا
ولا شعَّ مـن شمس النهـار ضـيـــــــــاء!!
إلـيكِ أبثُّ الـحـبَّ لَهْفـــــــــــانَ والهًا
وأشكـو جـراحًا أنـتِ مــــــــــــنه بَراء
وكـم عـاشقٍ مـثلـي شكـا بُرْحَ حـــــــــبِّه
ومـثلك كـم صَدَّتْ عَفـافٌ وأسْمــــــــــــاء
غرامـيَ داءٌ فـي ضلـوعـيَ كـامـــــــــــنٌ
ألـيس لـدائـي عـــــــــــــندكُنَّ دواء؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى