ديوان الغائبين ديوان الغائبين : مصطفى سمـــــــك - مصــــــر - 1910 – 1945

مصطفى أحمد صالح سمك.
ولد في قرية القراموص (مركز أبو كبير - محافظة الشرقية بمصر) وتوفي فيها.
تلقى تعليمه في الأزهر حتى تخرج في كلية أصول الدين.
شغل عدة وظائف، منها: مفتش تموين بمدينة «فاقوس» - محافظة الشرقية، كما عمل خطيبًا ثم إمامًا لأحد المساجد في مدينة «قوص» - محافظة أسيوط.

الإنتاج الشعري:
- ليس له ديوان مطبوع، ونشرت له قصيدة «دموع» جريدة الوادي 22/10/1932. وقصيدة «البلى دون مجده» جريدة السياسية الأسبوعية 8/3/1941.
جلّ قصائده التي بين أيدينا في الرثاء ولعل قراءة سيميائية لعناوين القصائد بَلْهَ المضامين تشير إلى ذلك النفس الحزين البكّاء الذي يتفجع على الأصدقاء والأحباب الراحلين ويرثيهم بلغة لا تخلو من شفافية ووجدانية تتناسب والموضوع.
حصل على شهادة العالمية مع الإجادة والإرشاد من الملك فاروق عام (1942).

مصادر الدراسة:
- لقاء أجرته الباحثة سماح إبراهيم مع نجل المترجم له أنس مصطفى - قرية قراموص 2003.

نبع البيان
«في رثاء أحمد شوقي»

شَلَّ جسمُ القـريض بعـد لســــــــــــــانِهْ = وأُصـيب النثـيرُ فـي عـنفــــــــــــوانِهْ
جَزعتْ مـصرُ والفرنجةُ حــــــــــــــــزنًا = وبكى الشـرقُ فـيلسـوفَ زمـــــــــــــانه
مـن لعـرش الـبـيـان بعـد حكـيـــــــــمٍ = بَهـرَ الشـرقَ مـن جلالِ جَنــــــــــــانه؟
أيـن نـبعُ الـبـيـان مـن بعـد شـوقــــي؟ = قُدَّ وَحْيُ الـبـيـان فـي أكفــــــــــــانه
وَهْو إن كـان فـي الـتـراب مقـيــــــــمًا = فهْو بـيـن الـتُّراب تِبرُ مكــــــــــــانه
بعثَ الشعـرَ للـمسـامع لــــــــــــــحنًا = دونه العـندلـيبُ فـي بستـــــــــــــانه
مـن وراء الخـيـال يأتـي بشعـــــــــــرٍ = هـو روح الـحـيـاة مـن وجـــــــــــدانه
وسمـا يستـوحـي الطبـيعةَ ســــــــــــرّاً = هـو سـرّ الخلـود فـي ديـــــــــــــوانه
حِكَمٌ بـيـن دُفَّتـيــــــــــــــــــه غَوالٍ كلآلـي الرّجّافِ فـي قـيعــــــــــــــانه
وقـوافٍ تـنـبض معـنًى رقـيـــــــــــــقًا = يستفزّ القـلـوبَ سمْعُ قِيـــــــــــــــانه
وبـيـانٌ مـثل النّسـيـم عـلـــــــــــيلاً = تُذهل الصّبّ مـن حـريـقِ جَنـــــــــــــانه
خطراتٌ تســــــــــــــري إلى النفس راحًا = مـن عصـيرِ النُّهى عـلى أفـنـــــــــــانه
قـلَّد الشعـرَ مـن حِجـــــــــــــاه جلالاً كـان فـنُّ القصـيـد عـالـيَ شــــــــــانه
صـاغ وحـيَ الغِنـاء أعـــــــــــــلاقَ درٍّ == وسمـا بـالـتّعـلـيل عذبُ بـيــــــــــانه
يـا أمـيرَ الـبـيـان صـفْ لـي فـنـائــــي = كـيف عِزريلُ كـيف وخز طعـــــــــــــانه؟
أنـت فـي الـوصـف شـاعـرٌ لا يُجـــــــارى = فصـفِ الخلـد كـيف طِيبُ جِنـــــــــــــانه
عبقـريَّ الرثـاء أجهدْتَ شعــــــــــــــري = فـي رثـاءٍ عـلـوتَ عـن إحســــــــــــانه
ورثـائـي إلـيك مهجةُ قـلـبـــــــــــــي = سـال فـوق القـرطـاس مـن أشجـــــــــانه

***

البلى دون مجده

أيّهـذا الفقـيـدُ لستَ فقـيـــــــــــــدا = فـي سمـاء الخلـود حُزتَ خلــــــــــــودا
أنـت فـي عـالـم السمـاوات حـــــــــــيٌّ = تتلقى فـيـهـا الجزاء الرغـيــــــــــدا
قـد كرهتَ الـمقـام فـي عـالـــــــم الأر = ضِ، فقـد صـار عـالـمًا عِربـيـــــــــــدا
تتلظّى بجـانـبـيـه حـــــــــــــــــروبٌ = راح فـي نـارهـا الضَّعـيفُ وقــــــــــودا
كـنـتُ مـن قبـلُ أفهـم الـمـــــــوتَ رُزءًا = يـتـوالى عـلى الـورى تقـلـيــــــــــدا
فإذا رزؤك الشّديـدُ عـلى القـلـــــــــــ = ـبِ يريـنـي فـي الـمـوت رزءا جـديـــــدا
أيُّ رزءٍ أصـاب مـــــــــــــــــصرَ وأودى = بفتـاهـا فقـد أصـاب الـوريـــــــــــدا
عَظُم الرزءُ أن يـقـاربـه الصَّبْــــــــــــ = ـرُ، وصعبٌ أنـي أكـون جلـيـــــــــــــدا
عزَّ فـيك العزاء يـا مـنقذَ الشعْــــــــــ = ـب وقـد كـان حـائرًا مكـــــــــــــدودا
ضلّلـت روحَه الـحـيـاة وأمســـــــــــــى = لا يرى فـي الـحـيـاة رأيًا رشـيـــــــدا
فرفعتَ الأثقـال عـن كـاهل الشّعْــــــــــ = ـب وحطّمْتَ عـن يـديـه القـيـــــــــــودا
أنـت بصّرته بكلِّ كـمـــــــــــــــــــالٍ = وجعـلـت الأيّام تجـري سعـــــــــــــودا
أيـن يـا مـصرُ مـن رجـوتُ وأيـن الـــــــ = ـعَزَمـاتُ الـتـي تفلُّ الـحديـــــــــــدا؟
سـاعةَ الكرب يـختفـي النجـمُ لهفــــــــي = ويغـيبُ الربّان عـنّا بعـيـــــــــــــدا؟
أيـهـذا الربـانُ كـنـا نُرجّيـــــــــــــ = ـكَ غداة الأمـواجُ تجـري وعـيــــــــــدا
أيـهـذا الربـان كـنـتَ إلى النـيــــــــ = ـلِ نجـاةً وكـنـت ركـنًا وطـيـــــــــــدا
كـنـت بردًا عـلى الـحِمــــــــــى وسلامًا = وحـريـقًا عـلى الطُّغاة مبـيــــــــــــدا
كـنـت فـي شـاطئ الـوجـود مـنــــــــارًا = عبقـريّ السّنـا تضـيء الـوجـــــــــــودا

***

دمعة على صديق

جفَّ مـاء الشّؤون مـن هـول مـا بـــي = كـيف أبكـي الـوفـيَّ بـيـن الصِّحـابِ
سـوف أقضـي الـحـيـاة بعـدُ مُعـــــنّىً = بـيـن جـيش الهـمـوم والأنعـــاب
كـيف يحـيـا الإنسـان فـيـهـا خلـــــيّاً؟ = تلك دنـيـا كثـيرة الأوصــــــــــــــاب
هـي رؤيـا لنـائمٍ هـي وهـــــــــــــــمٌ = هـي لفـظٌ معـنـاه معــــنى السَّراب
قـام فـيـهـا الفـنـاء يـطلـب صـيـــــدًا = مـن عزيـز الأبنـاء والصـــــــــــــيَّاب
عـنده الـمـرء فـي الـممـات ســــــــواءٌ = كـان كهلاً أم فـي ربـيع الشَّبــــــــــاب
وسـواءٌ بـيـن الرّجـال عـظيـــــــــــــمٌ = أم مـن الخـامـلـيـن والأوشـــــــــــاب
أنـت يـا مـوتُ لا تبـالـي قـلــــــــوبًا = طـاح فـيـهـا الصّواب يـوم الـمُصـــــــاب
كلّمـا لاح بـيـن عـيـنـيك نجـــــــــــمٌ = جئت تسعى إلـيـه سعـي الـحُبـــــــــــاب
أمسِ أُنزلـتَ فـي الـتُّراب «شفـيــــــــقًا» = أيكـون الـتـراب سُكـنى الشّهــــــــــاب؟
لا «تُعـابُ» النّســـــــــــــاء تلطم خدّاً = لا «تُلامُ» الرّجـال عـند انـتحـــــــــاب
كـان نِعْم العـشـيرُ فـي كلّ حـــــــــــال = ديـنه فـي الـحـيـاة أمـر الكتــــــــاب
كـان ريحـانةَ الـمـجــــــــــــالس أُنسًا = كـان حـلـو الكلام عـند الخطــــــــــاب
ذو إبـــــــــــــــــــــاءٍ وعفّةٍ وجلالٍ = وحنـانٍ عـــــــــــــــند الهدى والصّواب
لا يشـيـن الصّديـقَ يـومًا بـغــــــــــيبٍ = لا ولا يستطـيب وِرْدَ الـمَعـــــــــــــاب
خلقٌ طـيِّبٌ وفعـلٌ جـمـــــــــــــــــــيلٌ = أدبٌ رائعٌ كريـــــــــــــــــــمُ الجلاب
نفثـاتُ الـيراع مـنه بـيــــــــــــــانٌ = مستطـابُ الـمذاق حـلْوُ الرّضــــــــــــاب
عـاطفـيُّ القصد يبـدي شعــــــــــــــورًا = كشعـور الطـيـور فـوق الروابـــــــــــي
لَهْفَ نفسـي عـلى أبـيـه ونفســــــــــــي = أضـيـاءٌ خبـا رهـيـنَ الـتـــــــــــراب؟
حطمَتْهُ الأيّام تحت رحـاهــــــــــــــــا = غادر الأهل فـي سعـــــــــــــير العذاب
أظلـمتْ دارهـم وكـانـت نهــــــــــــارًا = وعـلـيـهـا سحــــــــــــــابةُ الاكتئاب
لـيـتـنـي كـنـت يـا «شفـيـــــــق» فداءً = لـيـتـنـي أنـت يـا «شفـيـقَ» الصِّحـــــاب
أنـتَ عـند الإله أَكرمُ ضـــــــــــــــيفٍ = أنـت بـيـن الجنـان عـالـي الجنـــــــاب
فسلامٌ عـلـيكَ إذ كـنـتَ حــــــــــــــيّاً = وسلامٌ عـلـيكَ يـومَ الـحســــــــــــــاب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى