من‮ (‬ابن عربي‮ ) ‬إلى ( ‬محمد آدم‮ )‬ والبحث عن السؤال والحقيقة‮ - حوار‮ :‬‮ ‬منـى نــور

مع حالة الفوران الكامنة داخل كل منا،‮ ‬حالة جمود الواقع‮.. ‬نستدعي الشعر ليكون هو المحرك الذي‮ ‬يعطي إشارة الإستمرارية‮.. ‬لمنظومة التنوير الحق والجمال،‮ ‬ومن الشعر إلى الشعراء‮.. ‬ومن بينهم‮ ‬يتجليى.. ‬الشاعر محمد آدم‮.. ‬صاحب المساحة الواسعة في المشهد الشعري‮.. ‬بمشروعه المتجدد والداعي إلى التنوير انطلاقا من الأساس المتمثل في تجربة فريدة تمثل الالتفات إلي بنية الجسد باعتبارها مدخلاً‮ ‬لرؤية العالم والواقع،‮ ‬والذات والثقافة‮.. ‬لم‮ ‬يكن الجسد لديه مجرد نوازع حسية‮- ‬كما قال لي‮- ‬بل قدرة لغوية تخيلية تساعده على كشف روح الواقع وسر العالم‮.. ‬وهذا راجع إلى عمق الوعي الفلسفي والجمالي في طبيعة الشاعر‮.. ‬من هنا كانت الضرورة لكشف المنابع التي تدفق منها شعر محمد آدم،‮ ‬الذي‮ ‬يرى أن شعره منقذ للخلاص من الألم،‮ ‬وأداة للراحة‮.‬

ثمة أسئلة جوهرية حائرة‮.. ‬أردت بها أن أقف معه على إجابة تصل بنا إلى ضوء في آخر النفق الذي نسير فيه،‮ ‬فإذا بي في حواري معه اصطدم برحلة حياة شعرية مرتبكة،‮ ‬تركت صاحبها ليحكيها لنا،‮ ‬وقد آثرت ألا أقاطعه حيث توقفت خلالها على محطات مؤثرة في‮ ‬حياته الإبداعية لايبوح بأسرارها إلا هو لذلك تركته‮ ‬ينساب في الاستعادة والاسترجاع‮..‬الماهية
أنا محمد آدم‮.. ‬ابن هذه الأرض،‮ ‬الفلاح الذي‮ ‬تشققت قدماه في الغيطان،‮ ‬والذي قرأ في الثقافة الغربية بقدر ما أسعفني العمر والزمن،‮ ‬ولازالت،‮ ‬وشرقت في الثقافة العربية من فلسفة،‮ ‬وشعر،‮ ‬ولاهوت،‮ ‬وغرقت في الشعرية العربية حتى النخاع‮.. ‬وكتبت عن متاهة الجسد إلى أن انتهيت بنص أخير لي بعنوان‮ “‬متاهة إبراهيم‮” ‬وكأنني أغوص في الوعي الثقافي والمعرفي الإنساني،‮ ‬بكل ما فيه من‮ ‬غني وخصوبة‮.. ‬أنا الباحث عن السؤال والحقيقة،‮ ‬حتى هذه اللحظة،‮ ‬ولم أتوقف‮ ‬يوماً‮ ‬ما عن البحث،‮ ‬عقلي‮ ‬يعمل كزنبرق لا‮ ‬يتوقف‮.. ‬حينما انتهي من كتابة نص،‮ ‬أبدأ بانشغالات أخرى،‮ ‬وأتهيأ لنص آخر‮.‬
أنا مشاء مثل الفلاسفة المشائين،‮ ‬اتخذت من المشي فلسفة وأنا في سن السادسة،‮ ‬واكتشفت أن المشي حل لكل مشاكل الإنسان،‮ ‬يعطي لحظة تأمل واستراحة مع الذات،‮ ‬وإعادة اكتشاف العالم بشكل‮ ‬يومي،‮ ‬تولدت فكرة قصائدي وأنا في حالة مشي،‮ ‬إلى أن أصل إلى مكتبي‮.. ‬المشي حالة إنسانية،‮ ‬هناك مدرسة المشائين في اليونان القديمة،‮ ‬أنتجت فلاسفة عظاما،‮ ‬أفلاطون كان مشاء،‮ ‬فالمشي فلسفة حياة وضرورة إنسانية،‮ ‬وكان نجيب محفوظ‮ ‬يقطع طريقه‮ ‬يومياً‮ ‬من منزله إلى مكتبه في جريدة الأهرام ماشياً،‮ ‬وكان ذهنه‮ ‬يعمل وهو سائر،‮ ‬فالحركة أساس فعل الوجود،‮ ‬والثبات هو الفعل‮.‬
كنت أعمل في فرق مقاومة دودة القطن في قريتي من السابعة صباحا،‮ ‬وحتى السادسة مساء،‮ ‬فقط هناك ساعة ونصف راحة‮ “‬القيلولة‮” ‬كنت أتناول فيها‮ ‬غذائي،‮ ‬وفي أيام المدرسة‮ “‬الابتدائي وقبل الابتدائي‮: ‬كنت أذهب الى كتاب القرية،‮ ‬أجلس الى جوار معلمي الشيخ‮ (‬طه‮) ‬كي أحفظ القرآن،‮ ‬وأنا بجلباب واحد فقط وهذه كانت حالة كل أبناء القرية الفقراء وظللت أحفظ القرآن،‮ ‬لمدة عشر سنوات،‮ ‬وياويله من‮ ‬يخطئ أو‮ ‬يتلعثم أمام معلمه،‮ ‬كان لا‮ ‬يجد إلا العصا،‮ ‬التي لا‮ ‬يعرف كيف‮ ‬يتقيها،‮ ‬وأعود الي بيتي وأنا مثقل بالجروح،‮ ‬باكيا،‮ ‬شاكيا من‮ ‬غلظة معاملة الشيخ،‮ ‬ثم بعد ذلك علي أن أسهر ليلا لأحفظ القرآن‮.‬
ومن الشيخ العظيم الذي علمني نغمية القرآن،‮ ‬بدأت أتشرب حروف اللغة،‮ ‬دون أن أفقه المعنى،‮ ‬لأني كنت صغيرا آنذاك‮.. ‬كان النص القرآني‮ ‬يشدني بقدر ما فيه من جلال وهيبة ونغم‮.‬
وفي مرات كثيرة،‮ ‬حاولت أن أهرب من هذا الجو،‮ ‬ولكن نغمية النص القرآني تشدني شدا،‮ ‬إلى أن أعود لغرفة التعذيب والحفظ،‮ ‬ربما تكون هذه هي البدايات التي شكلت وجداني اللغوي وأصلحت لساني‮.‬
كنت أميل إلى تأمل شجرة الجميز التي تغطي فناء مدرستي بالكامل،‮ ‬وكنت أصعد فوقها لاقتطف ثمارها،‮ ‬وربما كانت هذه الثمرة،‮ ‬أشهى ثمرة تذوقتها في حياتي حتى الآن‮! ‬انها بمثابة لحظة اكتشاف عناصر الوجود من‮ ‬يد الطبيعة‮ ‬الملآنة‮.. ‬انها شجرة تعطي بلا حساب،‮ ‬وثمرة تؤكل بطعم أو رائحة الجنة،‮ ‬وفي المرحلة الابتدائية صادفني بيت من الشعر عجيب،‮ ‬ظل معي‮ ‬يساندني حتى هذه اللحظة،‮ ‬ما أن أقع أو أنكسر،‮ ‬إلا ويكون هذا البيت بمثابة حائط الصد الذي‮ ‬يحميني من الانهيار وهو‮:‬
لا تيأسن وان طالت مطالبة
إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
أظن أنه لشجاعر جاهلي،‮ ‬وقد صادفته‮ (‬هذا البيت‮) ‬بعد أربعين سنة وكأن ثمة قدر‮ ‬يتربص بنا ويدير دفة الحياة ونحن لا ندري لماذا هذا البيت بالذات؟ ولماذا تحتفظ به الذاكرة حتى هذه اللحظة؟ هل كان ذلك بمثابة القوة الخفية أو‮ ‬يد الله التي تعمل في الخفاء لتساندني طوال رحلة الطريق الشاقة،‮ ‬وأنا أعاني العزلة واليأس والمرارة لأن زمن الكتابة،‮ ‬زمن شاق،‮ ‬ورحلة الشاعر العظيم،‮ ‬رحلة شاقة لا تتساوى مع أي رحلة عادية،‮ ‬إنه القلق والوعي الذي‮ ‬يعمل طوال الوقت،‮ ‬ولا‮ ‬يتيح لك،‮ ‬ولو للحظة واحدة الاسترخاء،‮ ‬رحلة كتابة في اللاوعي طوال الوقت،‮ ‬كي تتمكن من انجازه بعض الوقت‮.‬
شقاء الكتابة
‬هنا آثرت أن أسأله عن ذلك الشقاء وماذا‮ ‬يمثل‮ ‬له،‮ ‬رغم أن الكتابة هي التنفس فمن أين‮ ‬يأتي الشقاء؟
ــ الكتابة الحقيقية عند كل كاتب حقيقي في العالم،‮ ‬هي رحلة بحث عن المعنى،‮ ‬وعن الحقيقة‮.. ‬أي كتابة لا تهتم بالبحث عن الحقيقة،‮ ‬هي كتابة زائفة،‮ ‬وخارج التاريخ،‮ ‬والكتابة كبحث عن الحقيقة خارج الذات،‮ ‬معناها اننا نبحث عن معنى العالم،‮ ‬عن الوجود الكلي للعالم،‮ ‬عن حقيقة الانسان ومصيره في رحلة تبدأ من الميلاد وتنتهي بالموت،‮ ‬وما بين لحظة الميلاد،‮ ‬ولحظة الموت،‮ ‬علينا أن نكتشف لحظة وجودنا على الأرض فكان عليّ‮ ‬أن أقوم بقراءة كاملة للموجز الثقافي العربي‮..‬
ماذا علي أن أضيف؟
هل أتيت لأكرر المتنبي‮.. ‬المتنبي ابن زمن وثقافة ووعي وتاريخ،‮ ‬وأنا ابن زمن آخر وثقافة أخرى،‮ ‬ووعي وتاريخ مختلفين‮.. ‬هل علي أن أكرر ما أنجزه صلاح عبدالصبور،‮ ‬أو أدونيس أو ما‮ ‬يسمي بشعراء عصر الحداثة،‮ ‬ان كنت سأفعل،‮ ‬فمن الأجدى أن أتوقف لا لشيء إلا لأنني سأكون لبنة متماثلة في بناء شاهق لا‮ ‬يقبل ذلك إلا كل مغامر ومختلف،‮ ‬وبناء عليه كان علي أن أبدأ بقراءة التراث العربي كاملا،‮ ‬وتوقفت عند أعظم بناءاته سواء كانت الفلسفية أو الشعرية أو الكلامية أقصد بها علماء الكلام الذين أضافوا للفلسفة العربية أولا،‮ ‬والغربية ثانيا ما لم تضفه الفلسفة الغربية للثقافة العالمية‮!‬
توقفت عند المعري،‮ ‬على سبيل المثال،‮ ‬واكتشفت أنه شاعر بحجم الكون،‮ ‬لا‮ ‬يقل عمقا،‮ ‬وقامة عند أعظم شعراء العالم،‮ ‬لأنه في حقيقة الأمر،‮ ‬كان بناء شامخا ومختلفا‮ – ‬أيضا‮ – ‬في منجز الشعر العربي ورغم أنه كتب عن‮ “‬المتنبي‮”‬،‮ “‬معجز أحمد‮” ‬إلا أنه‮- ‬وفي الحقيقة‮- ‬كان‮ ‬يكتب عن المعري من خلال المتنبي هذا الضرير،‮ ‬الأبدي،‮ ‬الرائي،‮ ‬الخالد،‮ ‬رأيته مبصراً‮ ‬بل هو المبصر الوحيد في الثقافة العربية‮.‬
المعري برؤيته للكون وللانسان قام بعملية تفجير واسعة في الثقافة العربية،‮ ‬انه الوحيد الذي‮ ‬طرح مشكل الإنسان بشكل واع في هذه الثقافة‮.‬
‮ ‬ومن‮ ‬غير المعري في الفلسفة العالمية توقفت أمامه في مرحلة التكوين؟
ـــ كان عليّ‮ ‬أن أعرج إلى الفلسفة العربية‮.. ‬توقفت أمام أزهى ما أنجزته هذه الثقافة من رؤية متمثلة في هؤلاء‮: “‬ابن رشد‮” ‬العظيم الذي احتفى بالعقل والعقلانية،‮ ‬كما لم‮ ‬يحتفِ‮ ‬بها أحد من قبل،‮ ‬وكان‮ ‬يشكل علاقة فارقة لا في الفلسفة العربية وحدها،‮ ‬وإنما في الفلسفة الغربية كذلك‮.‬
‮”‬ابن رشد‮” ‬كان اللبنة الأساسية التي استطاع الغرب أن‮ ‬يعبر من على قنطرتها لكي‮ ‬يكتشف ويفصل أبعاد وحدود العقل الغربي‮.. ‬ابن رشد الذي أهملناه في ثقافتنا العامرة،‮ ‬وأحرقنا كتبه وطاردناه طويلاً‮ ‬حتى هذه اللحظة،‮ ‬صار مواطناً‮ ‬عالمياً‮ ‬في ثقافة الآخر،‮ ‬وفاعلاً‮ ‬مهماً‮ ‬في الثقافة الغربية‮.‬
أضف إلى ابن رشد،‮ ‬ابن سينا،‮ ‬الفارابي،‮ ‬ابن طفيل‮.. ‬كل أولئك شكلوا لبنة مهمة في الثقافة العربية‮.‬
لم‮ ‬يتوقف التكوين عند هذا الحد،‮ ‬بل كان عليّ‮ ‬أن أقرأ‮ “‬علم الكلام‮”‬،‮ ‬وهو العلم الذي لا مثيل له في ثقافة الغرب،‮ ‬يكفيني القول إن هذا العلم‮ ‬يفتح الباب واسعاً‮ ‬أمام ما أسميه حرية الفكر،‮ ‬إنه‮ ‬يتكئ بالدرجة الأولي على النص القرآني،‮ ‬ويعيد اكتشاف المسكوت عنه طوال الوقت،‮ ‬بحيث‮ ‬يكون النص القرآني قابلاً‮ ‬لكل التأويلات والتفسيرات،‮ ‬لا‮ ‬يحوزه أحد،‮ ‬ولا تتحدث به طائفة من الطوائف‮.. ‬إنه نص هيئة مفتوح لجميع النوافذ الضوئية،‮ ‬يدخل منه الضوء،‮ ‬ولا‮ ‬يخرج منه إلا الضوء‮.‬
إنه التجسيد الحقيقي والفعلي لعبقرية العقل والتأويل في مواجهة نص لا‮ ‬يخضع للأحادية مطلقاً‮!‬
هذا الاكتشاف في علم الكلام،‮ ‬قادني إلى منطقة أخرى وهي منطقة التصوف،‮ ‬ولا أدري إذا كانت مصادفة لأننا نعمل تحت قدر‮ ‬غامض تقودنا خطواته،‮ ‬ولا نحدد نحن مساره،‮ ‬وقد وقعت في هذه المرحلة الشائكة والمرتبكة في حياتي‮ (‬بدأت من أواسط العشرينيات وامتدت إلى أوائل الخمسينيات من العمر‮).‬
حدث حينما بدأت أقرأ فيها وبعمق،‮ ‬أسطورة‮ “‬سيزيف‮” ‬وبدأت أقرأ دستوفيسكي،‮ ‬وهو لمن لا‮ ‬يعلم صاحب السؤال الأكبر في ماهية الإنسان والكون‮.. ‬ما معنى الخير؟ وما معنى الشر؟
وأقرأ راسكولنكوف،‮ ‬والجريمة والعقاب،‮ ‬ثم قراءتي لـ”كير كيجارد‮” ‬المؤسس الحقيقي للمشروع الوجودي الكوني قبل‮ “‬سارتر‮” ‬فكان أن أصبت بالخلل،‮ ‬والارتباك،‮ ‬وبدأت أتشكك في كل شيء،‮ ‬وأعيش حالة العبث الكونية،‮ ‬وأنه لا معنى لكل هذا الوجود‮.. ‬كل ذلك قبل أن أنخرط في قراءة التصوف عند الشيخ الأكبر‮ “‬محيي الدين بن عربي‮” ‬في كتابه‮ “‬الفتوحات الإسلامية‮”‬،‮ ‬والحلاج،‮ ‬والنفري،‮ ‬والتفسيرات المتعددة للنص القرآني،‮ ‬بدءاً‮ ‬من مدرسة المعتزلة،‮ ‬والتي‮ ‬يقف على قمتها الرازي في تفسيره العملاق‮ “‬مفاتح الغيب‮”.‬
الاكتشاف
‬نصل معه في الحوار إلى منطقة أخرى وهي‮ ‬الاكتشاف فماذا‮ ‬يقول؟
ــ إن هذه المرحلة التي امتدت لما‮ ‬يزيد على‮ ‬الثلاثين عاماً‮ ‬سقطت فيها صريعاً،‮ ‬وأسير الفلسفة الغربية والتي اكتشفت فيما بعد أن هذه الفلسفة بكل منجزها الحضاري الضخم،‮ ‬والذي تتبدى مظاهره الآن في هذه التقنيات الحديثة،‮ ‬فقدت شيئاً‮ ‬مهما هو‮ “‬الإنسان‮” ‬وأن هذه الفلسفة أسست لما أسميه بالعدمية أو‮ “‬فلسفة العدم‮”.‬
وحينما توغلت في قراءة الفلسفة العربية‮- ‬بعد ذلك‮- ‬اكتشفت أنها أسست لشيء آخر مختلف وهو‮ “‬الوجود‮” ‬أو فلسفة الوجود،‮ ‬أي أننا أسسنا لفعل الإنسان وحريته وإنسانيته على الأرض،‮ ‬والغرب أسس للعدمية والقتل والدم والاستعمار‮.. ‬من هنا بدأ‮ ‬يحدث التوازن،‮ ‬وما أسميه بإعادة اكتشاف الذات حينما بدأت أتوقف أمام‮ “‬قارة التصوف‮” ‬ويقف علي رأسها الشيخ الأكبر ابن عربي،‮ ‬وبدأت أستنشق هواءً‮ ‬جميلاً‮ ‬ورائقاً‮ ‬للمرة الأولي في حياتي،‮ ‬وأنني ولأول مرة،‮ ‬أمشي على الأرض،‮ ‬ولأول مرة أحب الحياة،‮ ‬لأن ابن عربي فعل شيئاً‮ ‬مهماً‮ ‬لم تلتفت الثقافة العربية إليه‮- ‬حتى هذه اللحظة‮- ‬فهو قد أعاد قراءة المشروع الإنساني بكامله من خلال رؤية مغايرة لما أنجزه العقل العربي،‮ ‬سواء في الفلسفة أو علم الكلام،‮ ‬أو علم التفسير الذي انتحى به اللاهوتيون وحدهم،‮ ‬إنه‮ (‬ابن عربي‮)‬،‮ ‬قرأ الإنسان من خلال الرحمة الإنسانية الشاملة،‮ ‬ولم‮ ‬يضع الإنسان في خانة الشر المطلق أو الخير المطلق،‮ ‬لقد اكتشف هذا الرجل العظيم‮- ‬الذي زرت قبره في دمشق بجوار ناشر فتوحاته المكية الأمير عبدالقادر الجزائري‮- ‬اكتشف فلسفة الجدل قبل هيجل بقرون،‮ ‬ولكن العقل العربي دائماً‮ ‬غير منتبه،‮ ‬والثقافة العربية دائماً‮ ‬ما تهمل أبناءها العباقرة،‮ ‬وتتوقف أمام الصغار،‮ ‬لا أدري إذا كانت هذه نقيصة أم هي بذرة خيانة في هذه العقلية؟‮!‬
وحينما قلت لصديقي سليمان العطار‮- ‬الذي أعد رسالة كاملة عن ابن عربي بالأسبانية‮- ‬إن ابن عربي كان أسبق من هيجل في اكتشافه لفلسفة الجدل قال لي‮: ‬لم‮ ‬يجرؤ أحد على البوح بهذه المقولة إلا أنت وأنت صحيح وصائب‮.‬
من ابن عربي لابن آدم
‬طال حديثه عن ابن عربي،‮ ‬فقاطعته وقلت‮ ‬ماذا عن رحلتك أنت‮ ‬يا ابن آدم؟‮!‬
ــ من هنا ووسط كل هذه العوالم المتضادة حتى الانحدار،‮ ‬كانت اللبنات الأساسية في تشكيل وعيي الجمالي والمعرفي،‮ ‬لأنه بدون هذا التشكيل الجمالي والمعرفي لا توجد كتابة‮!‬
الكتابة التي لا تشكل انحيازاً‮ ‬جمالياً‮ ‬ما أو معرفياً‮ ‬ما هي كتابة فارغة وبلا معنى،‮ ‬ومن هنا بدأت أصيغ‮ ‬مشروعي الشعري عن وعي،‮ ‬فيما أسميه‮ “‬الجسدنية‮” ‬أي كيف‮ ‬يمكن التعامل مع الجسد شعرياً‮!‬
جسد المرأة أولاً،‮ ‬وجسد الثقافة ثانياً،‮ ‬لأن هذه الثقافة ارتكبت خطأ فادحاً،‮ ‬بابتعادها عن ملامسة الواقع،‮ ‬والتعامل الحي والفعال مع الجسد بكل أشكاله وصوره‮.. ‬اعتبرت أن الجسد شيء مكروه‮ “‬عورة‮” ‬يجب ألا نلتفت إليه،‮ ‬وياليتنا نتخلص منه،‮ ‬الانهمام الأكبر،‮ ‬الانهمام أحادي النظرة بالروح،‮ ‬ومن هنا خرجنا من العالم لأننا تعاملنا‮- ‬فقط‮- ‬مع جانب واحد،‮ ‬هو جانب الروح وأهملنا الجسد،‮ ‬بدءاً‮ ‬من جسد العالم بكل ما فيه،‮ ‬وانتهاء بجسد المرأة الذي هو التحسس الأولاني لاكتشاف الكون،‮ ‬والانغراس فيه،‮ ‬وإعادة صياغته،‮ ‬وهذا ما فعله الغرب وأغلقنا أعيننا دونه‮.‬
متاهة الجسد
كان الديوان الأول‮ (‬صدر عام‮ ‬1988‮) ‬عن دار‮ ‬الغد‮ “‬متاهة الجسد‮” ‬والذي أذكر‮- ‬بكثير من الفرح‮- ‬أنني بعت من أجل إصداره كل أثاث بيتي،‮ ‬ونمت أنا وزوجتي وأبنائي علي الأرض،‮ ‬كل هذا من أجل هوس نشر‮ “‬متاهة الجسد‮”‬،‮ ‬وكنت فرحاً،‮ ‬ومأخوذاً‮ ‬إلى أقصى حد،‮ ‬ويكفي أن تعرفي أيضاً،‮ ‬أنني عشت في شقة في العشوائيات‮ (‬18‮ ‬سنة‮) ‬بلا ماء بمنطقة‮ (‬مطار إمبابة‮) ‬أنا السقاء،‮ ‬وناقل الخبز،‮ ‬وأنا الكادح من الصباح حتى المساء في بنك،‮ ‬وأنا قارئ الكتب في الليل،‮ ‬وكانت مقولة‮ “‬اسبينوزا‮” ‬هي الأخرى تترصدني‮ “‬أنا أعمل ببضاعة الأرض في النهار وهي تصليح الساعات،‮ ‬وأشتغل ببضاعة السماء في الليل‮”.. ‬فكان هذا هو قانوني الذي وضعته عنواناً‮ ‬لحياتي أيضاً،‮ ‬ولم ألتفت لأي شيء،‮ ‬لا لشهرة،‮ ‬ولا لثروة،‮ ‬ولا لمجد‮.‬
وكانت متاهة الجسد سبباً‮ ‬في أن‮ ‬يتصل بي ناقد كبير في حجم شكري عياد ليسألني أنا،‮ ‬كيف كتبت هذا النص العظيم،‮ ‬وسألت نفسي هل أنا حققت شيئاً‮ ‬هل فعلاً‮ ‬أنا أنجزت كل هذا الشعر؟‮!‬
شكري عياد تلميذ العميد طه حسين‮- ‬هو أيضاً‮- ‬أهملته الثقافة العربية وياللأسف في زمن الصغار‮!! ‬ونصحني بقوله‮ “‬أكتب ولا تهتم‮” ‬وكانت تلك هي النصيحة الثالثة بعد الشعر،‮ ‬وقول اسبينوزا،‮ ‬ساندتني حتى هذه اللحظة،‮ ‬وجعلتني أواصل الكتابة رغم التهميش الذي صادفته في حياتي حتى هذه اللحظة‮!‬
المصادرة
ثم جاءت مرحلة مصادرة ديواني‮ “‬أنا بهاء‮ ‬الجسد واكتمالات الدائرة‮” ‬الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام‮ ‬1992،‮ ‬وفي نفس العام الذي صودر فيه‮ “‬مفهوم النص‮” ‬لنصر حامد أبوزيد،‮ ‬لم أكن أتخيل أنني أشكل كل هذا القلق،‮ ‬الذي جعل كبار العلماء بالأزهر تجتمع كي تقرر مصادرة ديواني الشعري الثاني،‮ ‬والذي ما كدت أفرح به حتى فوجئت بمصادرته،‮ ‬وخاف د‮. ‬سمير سرحان اطلاعي على قرار المصادرة،‮ ‬إلا أنه قال بالنص‮: “‬قالوا إن النص الشعري لمحمد آدم‮ ‬يحيل الجسد إلى إله،‮ ‬ويحيل الله إلى جسد‮”.. ‬وأقول إن هذا البناء اتكأ في بنيته اللغوية والنغمية على البنية اللغوية والنفسية للنص القرآني،‮ ‬وقد نسوا،‮ ‬أو تناسوا أن النص القرآني هو اللبنة الأساسية التي تشكل الثقافة العربية،‮ ‬والفاعل الأكبر في كل هذا الوعي الجماعي والمعرفي والإنساني،‮ ‬لا أقول في الثقافة العربية فقط،‮ ‬ولكن في الثقافة الإنسانية بشكل عام‮.‬
ماهية النص
كان النص عبارة عن ثلاثة نصوص،‮ ‬أو ثلاث‮ ‬ملاحم في الجسد الإنساني بمفهومه الواسع،‮ ‬وليس بمفهومه الضيق،‮ ‬النص الأول كان بعنوان‮ (‬نهايات الجسد سيادة الفراغ‮) ‬أي أن الجسد الإنساني هو مركز الدائرة في الكون بكل تجلياته،‮ ‬والنص الثاني كان بعنوان‮ “‬أنا مشغول عنك بالمرأة‮.. ‬أنت مشغول عني بالعبارة‮”.. ‬أما الثالث فكان عنوانه‮ “‬هكذا هو الذي لا اسم له‮”‬،‮ ‬كانت هذه هي اللبنات الثلاث التي تشكل العمود الفقري للديوان الذي تمت مصادرته عام‮ ‬1992،‮ ‬وكنت أريد في هذا الديوان بالتحديد إعادة اكتشاف الغائب عن وعي الثقافة العربية،‮ ‬وهو الجسد‮.‬
ماهية الجسد
‮ ‬ماذا تعني بالجسد؟
ــ أعني الجسد باعتباره المنجز الأكبر للصانع الأكبر وهو الله سبحانه،‮ ‬فكان أن ذهبت لنجيب محفوظ باكياً،‮ ‬وهي رحلة حياة كما ترين‮ “‬ملطشة‮” ‬وأخبرته بالمصادرة،‮ ‬وأن الديوان لم‮ ‬يكتب أحد من النقاد كلمة عنه،‮ ‬فهل مصر ماتت؟ هل‮ ‬غابت روح مصر؟ هل أصبحت عاجزة إلى هذا الحد،‮ ‬مصر التي وقفت بكاملها خلف كتاب طه حسين‮ (‬الشعر الجاهلي‮).. ‬النقاد انشغلوا بنفط الخليج وكُتّابه،‮ ‬بل اهتمامهم بالتقرب إلى السلطة وما الحديث عن التنوير وثقافته وصناعته إلا وهم زائف في لحظة‮ ‬غيبة الوعي هذه‮.. ‬مصر اختفت منها الروح أو تلاشت‮.‬
وكان رد نجيب‮: ‬افعل مثلما فعلت،‮ ‬انتصر على اليأس بالكتابة لا تتوقف،‮ ‬فعندما صادروا أولاد حارتنا،‮ ‬ضحكت في سري،‮ ‬وقلت‮ ‬يكفيني أن‮ ‬يحتفظ بها قارئ واحد في هذا العالم،‮ ‬بذلك ضمنت لها الوجود،‮ ‬وأنت كتبت ونشرت،‮ ‬ولن تغيب عن الذاكرة‮.‬
‬أنت صاحب قضية فما هي،‮ ‬وكيف أنها صارت شاغلك الأول والأخير؟
‮- ‬الكائن هو قضيتي الأساسية في الكون‮.. ‬الكائن‮ ‬يعني الإنسان،‮ ‬يعني الأرض،‮ ‬يعني المرأة،‮ ‬أنا مهموم بالإنسان بشكل عام،‮ ‬وماذا تكون الكتابة إذا ابتعدت عن الهم الإنساني؟ في هذا النص بالتحديد رفضته الهيئة العامة للكتاب،‮ ‬ورفضته كل دور النشر‮.. ‬كأنني كنت قاتلاً‮ ‬أو مجرماً‮.. ‬لم‮ ‬يكن أمامي إلا النشر‮- ‬مرة أخرى‮- ‬على حسابي الخاص،‮ ‬ولأني لم يكن لديّ‮ ‬ما أبيعه،‮ ‬اقترضت من البنك الذي‮ ‬أعمل به،‮ ‬وسددت على أقساط،‮ ‬ونشرت ديواني‮ ‬في ألف نسخة،‮ ‬وبدأت أوزعه على أصدقائي،‮ ‬واحتفظت بالباقي،‮ ‬واكتفيت بالخيبة،‮ ‬ولم‮ ‬يكتب عني ناقد واحد ولا كلمة في الوقت الذي كرّس فيه النقاد أنفسهم للحديث عن شعر أدونيس،‮ ‬وشعراء الخليج،‮ ‬وقلت‮ ‬يالهم من محظوظين‮!! ‬كل ذلك لم‮ ‬يمنعني من التوقف عن الكتابة،‮ ‬لدي إصرار قاتل على كتابة مشروعي الشعري،‮ ‬وهنا نأتي إلي الديوان الرابع‮ (‬نشيد آدم‮) ‬عام‮ ‬2003‭.‬
‮ ‬هل قصدت فيه الرمزية والخصوصية؟
‮- ‬في هذا الديوان،‮ ‬حاولت أن أكتب ملحمة شعرية،‮ ‬أجسد فيها مأساة الإنسان في الكون،‮ ‬واتخذت من آدم رمزاً‮ ‬لصياغة النشيد،‮ ‬ربما تعني آدم‮.. ‬محمد آدم نفسه،‮ ‬أو ربما تعني سيدنا آدم أول مخلوق على الأرض،‮ ‬حينما واجه الكون،‮ ‬وخرج من الجنة مطروداً،‮ ‬فجعلت من أسئلته،‮ ‬أسئلتي،‮ ‬وسؤاله الممعن حول الكينونة والوجود،‮ ‬وكل ما في الكون من شر هو نفس سؤالي،‮ ‬باختصار أنا اتخذت من آدم قناعاً،‮ ‬أتحدث من خلاله وبواسطته عن موقف الإنسان في الكون فما هو،‮ ‬وما معناه؟ إنه موقف ملحمي‮ ‬يجسد مأساة السقوط،‮ ‬سقوط الإنسان في عالم‮ ‬يمتلئ بالشر والإثم والغموض،‮ ‬حتي إن ناقدا عظيما بحجم د‮. ‬ماهر شفيق فريد،‮ ‬قال عنه بالحرف الواحد‮: ‬إنه أعظم نص كُتب في الأدب العالمي في النصف الثاني من القرن العشرين‮.‬
نصف نوبل
‮ ‬كيف التفت إلى أعمالك ناقد ومترجم‮ ‬بحجم د‮. ‬محمد عناني في كتابه عنك‮ (‬أناشيد الإثم والبراءة‮) ‬والذي صدر عن الهيئة العامة للكتاب بالإنجليزية عام‮ ‬2004؟
‮- ‬كنت موقناً‮ ‬أن الجائزة ستأتي‮ ‬يوماً‮ ‬ما،‮ ‬لأنني لم أنشغل بأي شيء آخر سوى بالشعر إلي أن فوجئت بالدكتور ماهر شفيق فريد،‮ ‬ودون أن أعرف،‮ ‬يخبرني أن د‮. ‬عناني قد أنجز عملاً‮ ‬كبيراً‮ ‬عنك باللغة الإنجليزية وسوف‮ ‬يدرسه في الجامعات الغربية،‮ ‬خبر نزل عليّ‮ ‬كالصاعقة وكأنني حصلت على (‬نصف نوبل‮)‬،‮ ‬بدأت أسترد نفسي في مقدمة الكتاب وضعني د‮. ‬عناني جنباً‮ ‬إلي جنب مع إليوت،‮ ‬ووليام بليك،‮ ‬وازرا باونت،‮ ‬وأنه ترجم مختارات موسعة لا لشيء إلا لأنه رأى أن هذه النصوص الشعرية لا تقل عن نصوص الشعر الغربي‮.‬
‮ ‬في ظل هذا المشهد المرتبك‮.. ‬كيف‮ ‬يكون الخلاص؟
‮- ‬علينا أن نعترف أن مصر هي رُمانة الميزان،‮ ‬ليس في المنطقة العربية وحدها،‮ ‬ولكن على مستوى العالم ككل،‮ ‬العالم‮ ‬يعرف حجمها،‮ ‬أكثر مما نعرفه نحن،‮ ‬وأنا عشت أيام الثورة كاملة في الميدان،‮ ‬لم أغادره إلا لأغتسل أو لأتقوت،‮ ‬ورأيت كيف تفجرت الأرض،‮ ‬كل الأرض،‮ ‬بكل هذه الجماهير الهائلة،‮ ‬إنها لحظة مخيفة،‮ ‬لا توصف ولا تستطيع الذاكرة أن تسترجعها،‮ ‬كل الشوارع والبيوت تنفجر بالصراخ والناس،‮ ‬هذا شعب‮ ‬يريد الحرية،‮ ‬ويحب الخلاص،‮ ‬علمته سنوات القهر،‮ ‬طوال تاريخه أن‮ ‬يشق الأرض ليسمع كل العالم صيحته المدوية بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية،‮ ‬علينا ألا نخاف لأن روح مصر قد خرجت من القمقم،‮ ‬ولن‮ ‬يستطيع أحد أن‮ ‬يعيدها مرة ثانية إلى السجن‮.. ‬مصر أصبحت تعرف كيف تتخلص من الطغاة،‮ ‬حينما تريد،‮ ‬وهاهي أرادت،‮ ‬المشهد الآن،‮ ‬أصابنا باليأس والإحباط،‮ ‬وقد‮ ‬يقف على مشارف الخبوت،‮ ‬هذا هو مصير الثورة‮.‬
ليس من المعقول أن‮ ‬يخرج أولئك من السجون والمعتقلات ليدخلوا مصر كافة إليها،‮ ‬هذا‮ ‬غير معقول ولن‮ ‬يحدث،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن لمصر التي حبست أنفاس العالم طوال الثورة،‮ ‬ليتفرج على ما‮ ‬يحدث على أرض مصر التاريخ والحضارة والجغرافيا بمفهوم جمال حمدان،‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن تدخل إلى قفص فئران مصر سوف تخرج من هذه اللحظة المربكة المرتبكة،‮ ‬وقد صاغت نفسها بصياغة جديدة لتدخل إلى العالم بثوب‮ ‬يليق بها،‮ ‬مصر العظيمة،‮ ‬النبيلة،‮ ‬البهية،‮ ‬يتآمر عليها الغرب وإسرائيل،‮ ‬وللأسف دول الخليج،‮ ‬لأنهم‮ ‬يعرفون من هي مصر؟ مصر‮ ‬غنية بكل ما أنجزت في التاريخ الإنساني من ثقافة،‮ ‬وما شكلته من وعي،‮ ‬هل‮ ‬يمكن لمصر طه حسين،‮ ‬محمد عبده،‮ ‬أن تغيب؟ هل‮ ‬يمكن لمصر جمال حمدان تختفي خلف براميل النفط؟ هل‮ ‬يمكن لمصر محمود مختار،‮ ‬وسيد درويش،‮ ‬وأم كلثوم،‮ ‬وعبدالوهاب أن تخرص؟ مصر تعرف كيف تغني،‮ ‬وسوف تواصل الغناء بنفس القوة والإنسانية التي قدمتها للدنيا على طول التاريخ‮.. ‬مصر هي المعبر الرئيسي للديانات الكبرى التوحيدية الثلاث،‮ ‬ولولا مصر لما كان العالم،‮ ‬فلحظة الظلام لن تسلبنا‮ ‬النظر‮.‬


_____________
* مجلة ( أخبار الأدب) .

مارس 18, 2013

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى