عدنان لكناوي - لتكن شمعة

لوعُدناإلى التاريخ لَما وَجدْنا أيَّ أهل زمانٍ راضين عن زمانهم، كَذلك حالنا اليوم. قبل قليل لفت انتباهي تعليق أحدهم على صفحة فيسبوكية مُتحدّثاً عن الشهادة الجامعية بعبارة: ( " الديبلوم" شَمْخو وأاشْرُب مَاه ) [1]. هُنا يتجلّى الاحباط و اليأس، وحتماً سَنجِد تعليقات مشابِهة في مُختلف الأوساط: ( في البيت، والثانوية، والمسجد، والجامعة، ومكان العمل، والشارع ..) الكُل يشكو والكُل يَتذمَر، وقَليلون مَن يَرَوْن النِصف المَمْلوء من الكأس ... إنَّ هذهِ الدُنيا دار الْتِواء لا دار اسْتِواء، إذْ ليس هناك إنسان لا يعاني من المشاكل و على الرغم مِن ذلك سَتَجد في كُل شبرٍ مِن هذه الأرض عَدداً من الأفراد يحاولون إصلاح الأوضاع ويكدُّون لمعالجة المُعضلات المُحيطَة بِهم وبمجتمعاتهم، ليكونوا بذلك شُموعاً تُنِـيرُ دُرُوب الأُمَّة .
و مِمَّا لا شك فيه أنَّ الجزائر في حاجةٍ ماسة إلى نُخبٍ واعية وقامات من ذوي العزائم الفولاذية، لقيادة الأمة وتَغيير أوضاعها لأنه لا يُمكن بناء مجتمع قوي بواسطة أفراد ضعفاء، والسؤال الذي يُطرَح هنا: مِن أين يبدأ تغيير الصورة السلبية ؟ وكيف ننجح في ذلك ؟
للإجابة عن الشطر الأول من السؤال تحضرني حِكمة ألماهتما غاندي: " كُن أنتَ التَغيير الذي تُريد أنْ تَراه في العالم " . ويقول الله تعالى في محكم تنزيله: " إنَّ الله لا يُغَيّر ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم" ، إذن فالبداية مِني أنا، ورأس الأمر أنْ يَنطلق كل واحدٍ مِنا بنفسه فيغيرها ويَعْلو بها، وألًّا نستسلم إلى التشكي و إلقاء اللّوْم على الآخرين أو اختلاق الذرائع الفاشلة، أو نجعل من الظروف شمّاعة نعلّق عليها خيباتنا وانكساراتنا، علينا البحث في أعماق أنفسنا وطرح التساؤل التالي: ما الشيء الذي نحبه ؟ ما الشيء الذي نستطيع التفوق والإبداع فيه ؟ لننظر إلى أصغر نقطة قوة داخلنا ونطَوِرهها حتى تصبح طاقة حركية للحياة،وعلينا ألا نستسلم، كثيرون من كانت نشأتهم صعبة لكنهم بعد نجاحهم تَيقَنوا أنَّ ظروف النشأة تُؤثّر فقط على الكُسالًى، أما غيرهم من الطموحين لا تؤثر عليهم البيئة، من سٌنن الحياة أن نَصطدم حتماً بالعقبات و العوائق والموانع لكن كلها مُؤقتة، يمكننا تجاوُزها إذاَ ما تَحليْنا بالصبر والتَجلُّد، لذا حَرّرْ نفسك من هاجس الفشل وامضِ قدما، لا تلتفت إلى كَبواتك ولا تَتَحسَّر على سَقَطَاتك .
أمَّا بخصوص الشطر الثاني من السؤال: ( كيف ننجح في ذلك ؟)، فأرى أنَّ قضية التغيير تحتاج فقط إلى العزيمة، وكُل واحدٍ مِنا يستطيع أنْ يكون مُغَيّرا ناجحا، سنكون ناجحين :
1/ حين نَرفع شعار القراءة ونعي قِيمَة الكِتاب، يقول فولتير: " سُئِلْت عَمَّن سَيقُود الجنس ‏ البشري ؟ فأَجَبت : الذين يَعرٍفون كيف يَقْرؤون "
2/ حين نبتسم ونتفاءل بالجانب المشرق من حياتنا، عن جرير بن عبد الله :" مَا رآني رسول الله ﷺ منذ أسْلَمْت إلَّا تَبسم في وجهي"، فَلْنَتذكر دائما أن هناك ما يستحِق الحمد.
3/ حين نَتَخلى عن النظرة السلبية والمزاج السوداوي.
4/ حين نُشجع الأعمال الناجحة، ونُجَسّد النقد البَنَّاء مستخدمين كلمات إيجابية تَشْحن النفوس وتَشْرح القُلوب.
5/ حين نُشير إلى مسالك النجاح ونُساعِد على تحقيق الأهداف.
6/ حين نُخطِط ونَنْتقِل من التنظير إلى التنفيذ.
في الأخير أقول - وأنا متفائل - بإمكاننا أن نَقود ونُؤثّر ونُضيف إلى الحياة إضافات جميلة ولكي نضع بصماتنا ما علينا إلَّا تحطيم الخوف من الخطوة الأولى عن طريق التخطيط و العمل، وسنرى إنْ شاء الله ما يَسُرُّ العَين و يُفرِح القلب .

[1] شمخو وأشرب ماه: مثل شعبي جزائري يُقَال فيمَن يَعْمَل عَملاً لا جدوى منه ويَبْذُل فيه جهْداً ضائعاً

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى