علي السباعي - لص.. قصة قصيرة

دخلَ متلصِصا تحملُه رؤوسُ أصـابعِ قدميه داخلَ المنزل ، جــال فيه متفحِصــا الأشياءَ الغارقةَ في الظلامِ والصمت ، وكــأنه طائرٌ خُلِقَ ليعيش في ظــلام الكهوف ، دفعَ احــدَ الأبوابِ ثم ولجَ داخلَ الغرفةِ التي ينـــام فيها زوجــان فـــوق سريرٍ حديدي عــالٍ عن الأرض ، طفــلٌ رضيعٌ ينامُ فــي مهده هادئا ، حملَ الطفلَ إلى خارج الغرفةِ مخافةَ أن يصحو ، ســادَ الغرفةَ صمتٌ حجريٌ ، راحَ يلملـمُ مــا يصادفهُ مـــن أغراضٍ في كيــسٍ قماشي ، بيـــن انهماكه فـــي لملمةِ ثميــنِ الأشياء ، أطلقَ الطفلُ صوتهُ باكيـاً ، بخفةٍ وكيسهُ بــيده انبطــحَ تحتَ الســرير الحديدي ، استيقظت الأمُ علــى بكــاءِ وليدها ، لكزت زَوجهـــا مرعوبــة : ( استيقظْ يارجل ، ابنُك يبكي خارج الغرفـة !) . ســألها بصوتٍ مرتبكٍ :

( ماذا يا امرأة ؟) . أجابتهُ خائفةَ وهي تصـرخ :( ابنــي يبكي في باحةِ الدارِ !!! ) .

لم يعطهم الطفلُ مجالاً للتفكيرِ ، بكاؤه يصم الآذان ، هَرَعا إلى الخارجِ لِتَحْمِله أمهُ بين يديها خائفةً تسألُ زوجَهـا :( مَن حمله ؟ ) . لـــم يمنحها الوقتَ لإكمــالِ سؤالِهــا ، ارتفعت القعقعةُ تصـدرُ عــن السقفِ ، البيتُ يهتزُ مـــن اساسة كــأن زِلزالا ضَرَبَــه ، تَهَشمَتْ جذوعُ الأشجار التي تحمل السقفَ ، تصدعت الجدرانُ ليتساقط الترابُ بكثافةٍ ، تخطفت الخفافيشُ مذعورة في كلِ اتجاه قبل أن يهبــط السقف ساقطا وســط ذهول الزوجين ، جهد أبناء المحلة كثيراً لإخراج جثة اللص.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى