بين عبد القادر وساط وأحمد بوزفور.. المحاورة 15

احمد بوزفور

لعل شاعر الرقيات هو الوحيد المسجون بحق وعدل في سجن الكثيب. فلا يرتكب هذه الضرورة الثقيلة الأثقل من توبقال في حق اللغة وحق الشعر وحق الغواني الخفيفات وحق نفسه ( وهو من هو في الشعر ) إلا المغتر باسمه المعتز بشعره الملقي بنفسه إلى التهلكة. والكثيب أخف ما يجب في حقه. أصفق للطاغية
أخي سي عبد القادر.
أنا معك في رأيك حول تأسيس جمعية لمتابعة مرتكبي الضرورات الشعرية بمن فيهم الرقيات.. على أن تناقش الجمعية هذه الضرورات وتعاقب عليها حسب ثقلها أو خفتها. وأنا أجد قول الشاعر:
( فلا والله لا يُلفى لما بي = ولا للما بهم أبداً دواءُ )
خفيفة بالنسبة لما ارتكبه الرقيات، بل إني أجدها حلوة وظريفة... وهذا كله فضلا عن أن هناك تأويلا ممكنا لها في اللغة، فقد كان القدماء يستعملون هذا التعبير ( لما به ) للدلالة على الاحتضار، فيقولون مثلا: ( دخلتُ على فلان وهو لما به ) أي في الرمق الأخير. وأتذكر الآن بالمناسبة المعركة الطويلة التي قامت في ستينيات القرن الماضي بين الشاعرين محمد الحلوي وعبد الكريم التواتي على صفحات مجلة ( دعوة الحق )، فقد خصص أحدهما مقالا كاملا لهذا التعبير ( لما بي/ لما به.. ). وأنا أدعو الآن أصدقاءنا من المهتمين بمساعدتنا في البحث عن هذا التعبير في النصوص القديمة.. فمن يتطوع؟

.... عن زيد بن أرقم قال: أصابني رَمَدٌ فعادني النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فلما برأت خرجت. قال: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ لو كانت عيناك لما بهما، ما كنتَ صانعا؟ قال: قلتُ: لو كانت عيناي لما بهما صبرتُ واحتسبتُ. قال: لو كالنت عيناك لما بهما ثم صبرتَ واحتسبتَ للقيتَ اللهَ عز وجلَّ ولا ذنب لك.

***

عبد القادر وساط

أما وقد صفقت - مثلي- يا صديقي العزيز أحمد بوزفور لقرار الطاغية، فمعنى ذلك أنه قرار غير ظالم. أنا معك في أن الرقيات ارتكب ضرورة أثقل من توبقال. وأصارحك بأنني كنتُ دائما أستثقل هذا البيت بسبب تلك الكسرة ( الجَبَانة).
ويا صديقي العزيز سي أحمد
ليتك كنت معنا في الكثيب لنزور معا ذلك الجناح المخصص لمرتكبي الضرورات الشعرية مع سبق الإصرار
فقد وجدت فيها الشاعر قيس بن زهير العبسي الذي زج به الطاغية في السجن بسبب بيته:
ألمْ يأتيك و الأنباء تَنْمي = بما لاقت لَبونُ بني زيادِ
فأجرى المعتل مجرى السالم وأثبت الياء في الجزم وهذه من الجنايات اللغوية التي لايتساهل معها قانون الطاغية
ووجدتُ شاعرا اسمه مسلم بن معبد الوالبي، سُجن دون محاكمة هو أيضا لأنه أدخل اللام على (لما ) فقال:
فلا و الله لا يُلفى لما بي = و لا للما بهمْ أبداً دواءُ
وهذه جناية كبرى حسب القانون النجداني
ووجدتُ الشاعر زيد الخيل يرسف في قيوده بسبب بيت قاله:
كمُنْية جابرٍ إذْ قال ليْتي= أصادفهُ و أفقدُ بعضَ مالي
فحذف النون من ( ليتني)
ويا صديقي العزيز أرى أن نكون جمعية للمطالبة بمرتكبي الضرورات الشعرية بمن فيهم الرقيات على عظم زلته
سي أحمد، أبدأ شخصيا بقصيدة ابن عبد ربه التي يقول في مطلعها:
كِلاني لِما بي عاذِليَّ كَفاني = طويتُ زماني برهة ً وطواني
ومنها:
وما ليَ لا أبكي لسبعينَ حجَّة = وعشرٍ أتتْ من بعدِها سنَتانِ؟
فلا تسألاني عن تباريحِ علَّتي = ودونَكما مني الذي تَرَيانِ
وإني بحمد اللّهِ راجٍ لفضلهِ = ولي من ضمان اللّه خَيرُ ضمانِ
ولستُ أُبالي عن تباريحِ علَّتي = إذا كان عقلي باقياً ولساني
هُما ما هما في كلِّ حالٍ تُلمُّ بي = فذا صارِمي فيها وذاكَ سِناني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى