بين عبد القادر وساط وأحمد بوزفور ومحمد علي الرباوي.. المحاورة 11

* عبدالقادر وساط

و من ْ لسجينٍ شاخ في السجن بعدما = تكنفه الواشي بسجن كثيبِ
رائعة هذه الملاحظة
شاعر يوقع قصائده كأنه تشكيلي يوقع لوحته!
يذكرني هذا بالشاعر مشعث العامري الذي قال مخاطبا نفسه:
تمتّعْ يا مُشَعّثُ إنّ شيئاً = سبقتَ به الوفاةَ هو المتاعُ
بإصْرٍ يتَّركْني الحي يوماً= رهينةَ دارهمْ و همُ سراعُ
و جاءتْ جيألٌ و أبو بنيها = أحمُّ المأقيين به خُماعُ
فظلا ينبشان التربَ عني = و ما أنا- ويْبَ غيركَ- و السباعُ ؟

===

* أحمد بوزفور

فمن لسواد الرأس بعد ابيضاضه = ومن لقوام الصلب بعد دبيب

كان للحارث بن حبيب ثمانية أبناء. غاب يوما فشوى أبناؤه شاة مريضة وأكلوا منها فماتوا جميعا، فلما عاد ووجدهم صرعى حولها أخذ يأكل مما بقي منها ليموت معهم، ولكنه لم يمت. وفي طريقه إلى قومه يستنجد بهم لدفن أبنائه، وجد رجلا يبكي شاة له أكلها الذئب، فقال له:
( ياأيها الباكي على شاته = يبكي جهارا غير إسرارِ
ـ إن الرزيّات وأشباهَها = ما بقي الحارثُ في الدار )
يبدو الحارث في النصين معا مولعا بذكر اسمه في شعره، كأنه فنان يوقع لوحته.

وقال المنخل اليشكري:
( فدنت وقالت يامُنَخَّلُ = ما بجسمك من حَرور
ـ ما شف جسمي غيرُ حبك = فاهدئي عني وسيري
وأحبها وتحبني = ويحب ناقتَها بعيري
فإذا سكرتُ فإنني = ربُّ الخورنق والسدير
وإذا صحوتُ فإنني رب الشويهة والبعير )

ما رأيك سي عبد القادر في بحث عن هؤلاء الشعراء الموقعين بأسمائهم في شعرهم؟

ومنهم الملك الضّلّيل نفسه الذي قال، بعد ذهابه إلى بلاد الروم، قصيدته التي مطلعها:
( سما لك شوق بعدما كان أقصرا = وحلت سليمى بطن قَوٍّ فعرعرا )
وفيها هذا البيت:
( ألا هل أتاها والحوادث جمة = بأن امرأ القيس بن تملك بَيْقَرا )
و( تملك ) إحدى جدّاته، وبيقر يُبيقر إذا هاجر من بلد إلى بلد أو من البادية إلى المدينة، وبيقر هنا ( بالنسبة إلى عربي هاجر إلى بلاد الروم ) بمعنى ( حرق ) في الدارجة المغربية الحديثة

ومنهم عنترة بن شداد القائل في معلقته:
( ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمَها = قيلُ الفوارس: ويكَ عنترَ أقدم )

ومنهم لبيد القائل:
( ولقد سئمتُ من الحياة وطولها = وسؤال هذا الناس: كيف لبيدُ )

ومنهم صخر بن عمرو بن الشريد السلمي أخ الخنساء ومرثيها في أغلب قصائدها، فقد قال بعد إصابته بالطعنة القاتلة التي مات منها، وبعد أن أحس بأن زوجته ملت تمريضه:
( أرى أم صخر ما تجف دموعُها = وملت سليمى مضجعي ومكاني
فأي امرئ ساوى بأم حليلةً = فلا عاش إلا في شقاً وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه= وقد حيل بين العَيْر والنزوان
لعمري لقد أيقظتُ من كان نائما = وأسمعتُ من كانت له أُذُنان )

ومنهم تأبط شرا واسمه ثابت بن جابر بن سفيان، وهو القائل في مفضليته:
( إني زعيم لئن لم تتركوا عَذَلي = أن يسأل الحيّ عني أهل آفاق
أن يسأل القومُ عني أهلَ معرفة = فلا يُخَبّرُهم عن ( ثابت ) لاقِ
لتقرعِنَّ عليّ السّنّ من ندم = إذا تذكّرتِ يوما بعضَ أخلاقي )

======

* محمد علي الرباوي

يقول عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قيلُ الفوارس ويك عنتر أقدمِ
ويقول امرؤ القيس :
تقول وقد مالَ الغبيط ُبنا = عقرتَ يعيري يا امرأَ القيس فانزلِ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى