جوتيار تمر - لحم الابناء.

عصفت تلك الفتاة الجميلة على رصيف شارع "الحرية" بعقله حين شاهدها تراوده ، نظر اليها بعين ممتلئة بالوجيعة..تمتم مع نفسه: لم تخلف الحرب الا الدمار.. ويكذب من يقول بان الحرب هي طريق الحرية، لانها قضت على ما تبقى من المبادئ لدى الناس، ان لم تخضع لقانون الواقع تموت جوعاً..الظلام غلب النور.. وبت اعلم لماذا نجد من ينادي بتفاهت الشعارات النوارنية والحرية وقتها، هز صديقه كتفه .. مابك صديقي.. وكأنه استفاق من غيبوبة ، الا ترى هذه الفتاة الممتلئة بكل اصناف الحسن والجمال.. قاطعه قال اسمع هذه القصة يا صديقي : كان الاب المسن جالسا على كرسيه اليومي في الصالة، بيده جريدة قديمة تعود ان يتصفحها ونظارته الكبيرة توحي بطقسه اليومي، امامه كوب ماء ، خلوته تلك قطعها صوت قهقهة وضحك، حاول ان يرفع بصره وينظر من تحت نظراته، لكنه قاوم، مرت ابنته الكبيرة امامه وهي تمسك بيد شاب، صعدت به لغرفتها في الطابق العلوي، مر الوقت سريعا بالنسبة للشاب، اما الاب فكانت كل ثانية دهراً تمزق اعماقه، نزل الاثنان، وامام الباب سمع الاب ابنته تقول لديك رقمي اطلبني حين تزور المدينة، لم يستطع الاب ان يرفع ببصره، ولكن قلبه كان يسمع وينصت بوجع، اتت الابنة اليه ووضعت يدها على كتفه وقبلت جبينه.. خذ يا ابي واشتري لنا شيئا نأكله، فنحن من يومين لم نتناول شيئاً...تمتم الاب بصوت منكسر.. اصبحنا من وراء الحرب نأكل لحم ابنائنا...

جوتيار تمر / كوردستان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى