حسن العاصي - أغمضت الغابة عشبها

يتشقّقُ وجهُ الصّباحِ
تذوي الشّمسُ السّوداءُ
يطفو على الجفافِ
جوعُ الصّغارِ
يترصّدُ حليب الأمهات
ولجت سدرةَ العينِ
كي ترضعَني جدّتي
مازالتْ أفواهُ القتلى
تلاحقُني


لا شيءَ في رحيلِ الانتظارِ
سوى فراغِ الوقتِ،
غبارِ المكانِ،
جدرانٍ باردةٍ،
ذاكرةِ عابرةٍ للأزمنةِ،
مواعيدَ لا نوافذَ لها،
معصيةِ الدّروبِ


أغمضتِ الغابةُ عشبَها
خرجتْ من النهر
أقامتْ نذرَها
تمدُّ للشّجرِ ما
بقي من التّرابِ
انقسمتِ الرّؤى مثلَ البيانِ
والماءُ يجري حافياً
ليرشفَ من دربِ النّهارِ
نقطةَ ضوءٍ


انتهى الموكبُ
غرابُ المقابرِ يجوبُ الجسورَ
يكمّمُ عينَ الوقتِ
الضّجيجُ المقدّدُ ينقسمُ على صوتِهِ
وخلفَ صورِ العتمةِ الأولى
يتحجّرُ الفراغُ
كان الفجرُ يموتُ

ما
سرُّ تلك الرّوافدِ الحزينةِ؟
رائحةُ الغيمِ النّاعمِ لونُ عينيْكَ
اقطفْ غصّةَ البكاءِ
قالتْها ومضتْ
قابَ صبحٍ أو أقصى
عبرتِ أرصفةَ الضّياعِ
وحدكَ باقٍ يا
وطنَ الموتِ
قهرٌ يملكُ كلَّ الأسماءِ
وسفرٌ ينهشُ توتَ البساتينِ


في أحلامي ترقصُ غجريّةٌ
بخلاخلَ من فضّةِ
أحجارٌ تقضمُ أضلاعَ امرأةٍ عجوزٍ
وسوسنةٌ سوداءُ
يُبعثُ من رحمِها عقبانٌ
تنهشُ عصافيرَ الصّباحِ
أحلامي ألملمُها من قارعةِ
كتابِ التّاريخِ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى