محمد عمار شعابنية - أعرني ثلاثين قلبا.. شعر

تحايا …
إلى من يُوَطّنُ في لغتي من أحبُّ
تحايا …
من الرّوحِ يرفعُ منديلـَها
اللازوَرديَّ قلبُ
إلى حفنةٍ من ترابٍ
مشى فوقها النّملُ ـ إذ عسعسَ اللُيلُ ـ
يقـْرصُ غولَ الظلامْ …
إلى قطّةٍ أرضعتْ كلَّ أبنائِها
ثم ماءتْ
وقد شحَّ كفُّ الطّعامِ…
إلى كلِّ حرفٍ
سأُخفِيهِ في سَلـّةِ الشّعرِ
أو سوف يزْوَرُّ عنّي
إذا لم يلامِسْ حريرَ الكلامْ…
إلى سِرْبِ طيْرٍ
يُرتـِّقُ ثوبَ السّماءِ التي
خرّبتْها أيادي الأوزونْ…
إلى وطنٍ كلّما
ضاقَ في كفِّهِ العيْشُ
أصبحَ متّسِعًا في العيونْ…
إلى قـٌبُلاتٍ
تهيّئُ عطرَ القرنفلِ
في لهفةٍ لانتشاءِ العناقِ
إلى كلِّ أمٍّ
توَدّعُ بالصّبْر ابْنًا شهيدْ
إلى شجرٍ حينَ يعطشُ
تُنْذرُ سيقانُهُ التّرْبَ
كَيْ لا يموتَ…
إلى الماءِ في باطنِ الأرضِ يهفو
إلى الرّقصِ في هسهساتِ السّواقي
إلى من سيولدُ
ـ إذ يُوأدُ العقْمُ ـ
يحمِلُ اسْما جديدْ …
تحايا إلى من أريدْ …
×××××
تحايا..
وما للتّحايا إذا شفـّتِ الرّوحُ حَد
وأشهدُ أنّي مدينُ
إلى كفِّ سنبلةٍ أطعمتي
شعيرَ الحياةِ …
إلى ضرْع عنزة ِ أمّي التي أرضعتْني
فما احتجتُ يومًا
إلى قطرةٍ من حليبِ القططْ …
وأني حَيِيٌّ من التّينِِ..
والبرتقالِ الذي كان يحملُ تاجَ الذّهبْ…
ومن واحةٍ ذاتِ نخْلٍ
جدائلُها شَعْرُ حوريّةٍ
يُغازلُه الضّوءُ، والشّمسُ مُشْطْ …
ومن قلعةٍ صرتُ أخشى عليها
من “الفاتحينَ الجُددْ “…
ومن عسكريٍّ إذا شاءَ شاءَ قوْلَ استرحْ
يقولُ استعدْ ..
وممّنَ يجرّونَ خيْبةَ هذا الزّمانِ اللّعينْ.
وممّنْ يسيرونَ ـ مذ ْ ” بَرْوَطوهم”(×) ـ حُفاةْ
×××××
أيا وطني يا حبيبي
لقد هدّكَ الانتظارْ
وسارَ القطارْ
على سكّةٍ لا تؤدّي
إلى مدُنٍ أوْ قرى
ليرسوَ في موْعدٍ غير ذي بشَرِ
فهل حُلَّ شعبٌ
مخافةَ أنْ تتفجّرَ فيه الدّماءْ
فحلّ العمى
وأقعى على سدّةِ الأمر والنهْي نسْلٌ من الحجرِ؟.
××××××
أعرني سِراجيْنِ يا وطني
لأنظرَ خلفي
وأنشرَ ضوءًا أمامي
وألعنَ رملاً
بطيّاتِها تتخفَّـى
رؤوسُ النّعامِ…
أعِرْني ثلاثينَ قلبًا
لِينِبُضَ في عُمُري كلُّ قَلبٍ
ثلاثينَ يوْما
عسى الرّوحُ تخرجُ
من فُرْنِ عشْريّةٍ غاشمهْ
إلى حٌلْم عشْرِيّةٍ قادمهْ
فأرسمَ حرْفًا جديدْ
وفي كلِّ حيٍّ
أُوَزّعُ ورْدَ التّحايا
على مَنْ أريدْ.
المتلوي / تونس في 18 جويلية 2018
ــــــــــــــــــــ
(×) نسبة إلى عبارة ثورة البرويطة المنسوبة إلى محمد البوعزيزي صاحب عربة الخضار المدفوعة الذي أحرق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010 احتجاجا على مصادرة البلدية لعربة كان يبيع عليها الخضر والغلال.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى