مقتطف مجد حبيب - دمعة الخيل الأخيرة

يختصرُني شارعٌ
يتباهى بصمتهِ
يُغلقُ منافذهُ أمام الصدى الظمآنِ للمجهول
يتبادلُ القهقهات مع راعٍ أنساهُ النبيذُ أن يعدَّ أغنامه قبل أن يلتهمها ذئبٌ مسلول
شارعٌ يقمعُ حفيف ريحٍ تحنُّ لعناقِ الحورِ على أطرافهِ تتبخرُ أشواقها و تزول
و تلوذُ إلى النومِ بعيداً حيثُ الغيم يولي ظهرهُ لها ضجراً و بغيثهِ مشغول
يختصرُني ليلٌ كانَ بإمكانهِ دفنَ كآبتي لو لم يُجبرُ القمرَ على الرحيلِ من بين جواريهِ كملكٍ مخلوعٍ عن عرشه يُقدّمُ بانكسارٍ ذليلٍ شكره الجزيل
و كنايٍّ تبيعُ الحزنَ من خوابي بحّتها لأيّ نجمٍ عابرِ سبيل
فتُرمى على تخومٍ يابسة مهملة لا تُعطي للغريبِ إشارةٍ أو دليل
تختصرُني حانةٌ قديمةٌ تعبتْ من مداعبات زمنٍ جاهلٍ ..
في كل شتاءٍ عارٍ عن أمطارهِ و كلّ صيفٍ لدفئهِ قاتل
و رياحٍ لم يعترفُ رجلٌ ببنوتها فرجموا أمّها بالجنادل
أشياءٌ كثيرة تختصرني
مدافنٌ تتوقُ لدورِ ملهى ليلي في عيون سكير يتعشّقُ السهاد
لترتاحَ مما تكدّسَ في أرحامها من نفوسٍ هامدة و توقظُ الرقاد
مدافنٌ يمصُّ الصمتُ فيها صخبَ ألحانٍ تعزفها أجسادٌ صارت رماد
يختصرني بحرٌ قدّمَ استقالتهِ بدون تعويض حزناً...
لاقترانهِ بسواحلٍ تضجُّ أنوثتها و يفوحُ عبيرها زمنا
و موجه النائمُ ما استطاعَ إرواء شبقها سراً ولا علنا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى