فاتن عبدالسلام بلان - يا أيُّها القريب يا ذلك البعيد

مدخل اِحتجاج

/ من أيّ إتجاهٍ سآتيك
وأنتَ لا خارطةَ لك
وكُل الطُرقِ التي تبدأ
من عندي تنتهي عندكَ ؟؟
كالدائرة بدايتها مني ومنكَ
ونهايتها فيَّ و فيك .. !! /

~~~~~~~

تعالَ _ تعالَ _ تعالَ
ألم تعدني ذاتَ غيبٍ
بحبلٍ سُرّيّ يعْتِقُ روحًا
ومقصٍّ مذّاءٍ
يختنُ تهدّلَ المرايا في لُقياك ؟
فأنا المُجهضةُ من فرجِ الحياة
المُعلّقةُ على مريلةِ الأرق
المفطومةُ عن أثداءِ الحظّ
المُتيبّسةُ على بَلادَةِ السَّاعة
المنذورةُ لوجعِ الإنتظار
الراكضةُ في زُقاقِ اللاشيء
المذعورةُ من كلِ شيء
المتيقّنةُ أنّ السَّرابَ
في كلِ شيء ... إلّاكَ .. !!
فتعالَ ...

فتعالَ ، تعالَ ، تعال
هيِتَ لكَ زادًا / زوّادةً
فديةً / أُضحيةً / قُربانًا
تعالَ هيّئتُني لكَ
نجمةً / غيمةً
مُهرةً تكرُّ بين يديكَ
وتفرُّ من غاباتِ نزقي إليكَ
تسدلُ أراييحَ شعرها
على رغوةِ كتفيكَ
تستلذُّ بحنطةِ تموزٍ
من أجرانِ خديكَ
تتمايلُ بغنجٍ
على أوركسترا صوتكَ
وتسكرُ بينَ حاناتِ ذراعيكَ
فتعالَ ...

تعالَ _ تعالَ _ تعال
حافيًا من لُهاثِ الخطوةِ
من عَرقِ المسافةِ
من تُرابِ النسيان
عاريًا من قميصِ الوقتِ
من بنطالِ التاريخِ
من ماديّةِ كانَ ياما كان
تعالَ كما أنتَ
غجريًا بربريًا سُبحانيًا
فوضويًا نازيًّا إنتحاريًا
في شعركَ أعشاشٌ للعصافير
ومن أغصانِ أصابعكَ
أسرابُ فراشاتٍ تطير
خيولكَ تعلو وتهبطُ في صدري
غُزلانكَ تردُ الحُبَّ في قلبي
وايائلكَ البريّة
تعدو بشهيقِ القُبلاتِ
بينَ خدي وزندي وشفتي
فتعالَ ..

تعالَ ، تعالَ ، تعال
يا أيُّها القريبُ يا ذلكَ البعيدُ
تعالَ سحابًا / مطرًا
فآباري الجّافة تُناديكَ
تعالَ زيتًا / خُبزًا
فجوعُ شوقي يشرهُ
إلى كُلِّ ما فيكَ
تعالَ مُشاغبًا / مُشاكسًا
مُتّسخَ الثيابِ
تجبلُ الفحمَ بالثلجِ
ترشقُ فُستاني/ سيقاني
وتمسحُ عليهم بعبثِ كفّيك ..
فتعالَ ..

تعالَ ، تعالَ ، تعال
يا أيُّها القريبُ يا ذلكَ البعيدُ
لنُعلنَ التوبةَ
على نهديِّ الخطيئةِ
على فخذيّ الجنونِ
على عوّرتيّ الذنوبّ
تعالَ لنلهو
على محملِ الهدايةِ
على مَحكِّ الإنعتاقِ
لنتشاطرَ آخرَ الرغباتِ سويًّا
لنتقاسمَ عُهرَ الشّفاهِ قليلًا
لنتمازجَ ببراءةٍ
ونُفرّعنَ بمجونٍ
تعالَ لنوقفَ أرجلَ الطريقِ
ونُلقي أطواقَ النجاةِ
للنهرِ الغريق
لأُطفئَ مشاعلَ اِغترابي
لأوّلعَ بخفقِ هُيامكَ حريق
فأنا كزُليخةِ
العاشقةِ العابثةِ التائبة
ما اِستنطقني حبٌّ كحُبِّ الصدّيق !!

تعالَ ، تعالَ ، تعال
يا أيُّها القريبُ يا ذلكَ البعيدُ
كم أنتظرتكَ على بوابةِ الأزلِ
بأعقابِ أحلامي
بجفافِ عناقيدي
ببقايا خموري
بكؤوسِ الأمل ؟
كم أنتظرتكَ
في مُضغةِ اللاوعي
وأنتَ تعدُّ ثقوبَ ناياتك
وأنا أتوحّمُ على حضنةٍ
من شُعاعية سماواتك ؟
انتظرتكَ لأتكاثرَ بكَ
لتلدَني في رئتيكَ
ربابةً أثيرةً
تئنُ / تعنُّ
تصولُ بالأُكسجينِ وتجول !!
كم أنتظرتكَ
في رحمِ الصدفةِ
بمشارطِكَ القيصريّةِ
لتحلَّ لثغةَ عتمتي
بلسانِ صباحكَ
لتمسّدَ تأتأةَ أفكاري
بطقطقةِ ضيائكَ
لتنفخَ على زغبي
بهدهدةِ أرياشٍ تطولُ لا تزول !

فتعالَ ، تعالَ ، تعال
يا أيُّها القريبُ يا ذلكَ البعيدُ
عمّدني من عينيكَ
ولو بمثقالِ دمعة
اِتلفني بقلبكَ
ولو بوهجِ شمعة
اِغسلني بشفاهكَ
ولو بريِقِ قُبلةٍ
على هياكلِ النذور
بيّض سوءةَ ليلي ببكارةِ نهارك
وارتع في شراييني
كما النحلُ فوقَ الزهور
هاتَ تعويذاتكَ
طلاسمكَ رموزكَ أُحجياتكَ
نبيذًا / رغيفًا
وامسح ذبيحي
بالمسكِ بالعودِ بالبخور
فـ بعضكَ في بعضي كُلٌّ
حلمكَ حلمي _ ألمكَ ألمي
غضبكَ غضبي
ذنبكَ إفكي
غوايتكَ خطيئتي
فتعالَ لنتحرّرَ من هذا
الإهتزازِ الكفيفِ
إلى حيّزٍ لا مجالَ فيهِ
للنقاشِ / للجدالِ
فهبني مجذافَ زورقٍ للعبور
تعالَ لنتحرّرَ من هذا
الإهتزازِ المعتوهِ
إلى حالٍ لا زمانَ لا مكانَ له
فيهِ أنتَ وأنا
ثنائيةُ الجسدِ
في ( أُحاديةِ النور ) .. !!
فتعالَ تعالَ تعال ..


مخرج اِستنكار

/ وشمُكَ أزليٌّ يوجعني حدَّ الأبدِ
لماذا عجقتَ الحابلَ بالنابل
آلافًا من الخيباتِ لبابٍ واحد ؟؟
أيرضيكَ هذا الضيق
وضياع المفاتيح ؟؟
وكُلّ المؤشراتِ تؤكّدُ
أنّ مخارجَ الصحوةِ ستُفضي إليكَ ؟ /


فاتن عبدالسلام بلان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى