عبد الكريم العامري - كأس وعسل

الشخوص:

لص1

لص2

رجل


الفصل الأول


نفق صغير شبه معتم بداخلها اللصان 1و2 يمسكان معولين وهما يحفران..

لص1: استعجل يا اخي، علينا ان نحفر قبل انبلاج الفجر هذه فرصتنا الاخيرة

لص2: منذ غروب الشمس ونحن نحفر هل انت متأكد في اننا نحفر هذا النفق بالاتجاه الصحيح..؟

لص1: وهل تشك في قدراتي..؟ اعرف المكان شبرا شبرا ثم ان جهاز جي بي اس لا يمكن ان يخطأ..

(ينهره) استمر بالحفر خير لك من الثرثرة..

لص1: لكنني تعبت

لص1: اتعب ثم العب.. هكذا هو الحال، امامك ايام من الرخاء..

لص2: منذ اسبوعين وأنت توعدني بالرخاء

لص1: تأكد أننا حين نصل الى المصرف سنملأ كل تلك الاكياس بالنقود.

لص2: أليس السرقة حراما..

لص1: حرام ان سرقنا من بيوت الناس لكننا هنا نحن نسترد حقنا..

لص2: لكنها اموال الناس تلك التي في المصرف..

لص1: اموال زائدة عن الحاجة، لو كانوا يحتاجونها لما اودعوها في المصرف .. الاموال التي هنا يا صاحبي هي اموال اصحاب الكروش .. استمر، استمر بالحفر ولا تشغل نفسك بامور تافهة انا اعرف منك بالحلال والحرام.. فكر بايام الرخاء التي تنتظرنا بعد ان ننهي مهمتنا ستكون غنيا وتشتري الناس بما تملك.

لص2: امري لله، لا اعرف ما الذي يجعلني اصدقك..

لص1: لانك صاحبي عشت معي كل سنوات الحرمان وتذوقت معي طعمها..عملنا معنا عتالين وعمال حجر ..(يصمت قليلا) هل تتذكر ذلك السيد الذي اجرنا ولم يعطنا الا القليل..

لص2: كدت ان اقتله

لص1: لولا حكمتي لكنت الان في السجن، حاولت ان اهدئ الموقف..

لص2: لكننا رجعنا ونحن لا نملك الا ما يسد رمقنا..

لص1: (ضاحكا) رمقنا.. ألم تكن ليلة حافلة بالسكر والعربدة .. شربنا حد التخمة في بار ابولو..

لص1: (يضحك معه) وبتنا ليلتنا في مركز الشرطة ولولا صاحب البار وتنازله عن حقه لكنا الان في خبر كان..

لص2: خبر كان او خبر ان المهم اننا فلتنا .. هيا يا صاحبي لنستمر بالحفر..

(يبدآن بالحفر وهما يغنيان بينما لص2 يتفاجأ بحقيبة قديمة بين التراب)

لص2: هذه اول العقبات

لص1: (ينظر لها هازئا) وهل تسمي هذه الحقيبة عقبة؟ القها جانبا ولنكمل عملنا لان قواي توشك ان تنهار..

لص2: ليس قبل ان ارى ما فيها

لص1: هذه خرقة بالية القها جانبا واستمر بالحفر لابد ان تكون هذه الليلة هي الاخيرة للوصول الى المصرف..

لص2: انتظر ما هي الا دقائق لارى ما فيها الا تعرف فضولي..

(يفتح الحقيبة ويخرج منها تمثالا صغيرا)

لص2: انظر ما وجدت

لص1: (ينظر لها) دمية لطفلة اكلها التراب

لص2: ليست دمية.. انظر لها جيدا..

لص1: قلت لك دمية..

لص2: دمية من حجر.. اي طفل يلعب في دمية حجر..هذا تمثال حجري وليس دمية..(يمعن النظر في التمثال ) لو صدق حدسي هذا تمثال اثري سنستفيد منه كثيرا..

لص1: هل جننت؟ نستفيد من هذه القطعة البالية..

لص2: سمعت ان احدهم باع قطعة اثرية بملايين الدنانير..

لص1: (مستهزئا) ملايين الدنانير..؟ ما هذا، هل هو سيف عنترة ام نعل شيبوب..؟

لص2: لا هذا ولا ذاك.. انت لا تعرف القطع الاثرية..

لص1: وانت تعرف قيمتها..ها.. رجاءا لا تتفلسف كي لا ينهدم النفق فوق رؤوسنا.. احفر وانت ساكت..

لص2: اذن ساحتفظ به لنفسي وحين ابيعه ستندم..

لص1: مبروك عليك، بعه ولا اطالبك بشيء..

لص2: لا اصدق! اكتب لي ورقة بذلك..

لص1: (مستغربا) من اين اجيء اليك بورقة في هذا المكان.. قلت لك كلمة وهذا وعد مني..

لص2: مثل تلك الكلمة التي قلتها لي.. هل تتذكر ام نسيت..؟

لص1: (ضاحكا) انت صاحبي ولن نختلف على شيء، ما يصيبني يصيبك تقاسمنا الخبز معنا..

لص2: تقاسمناه لكنك الان تتعهد امامي ان لا علاقة لك بهذا التثمال..

لص1: والله يا صاحبي حين ندخل المصرف وترى الاموال بعينك ستنسى تمثالك البائس هذا.. انت تؤخر عملنا .. احفر احفر لم يبق الا القليل حتى نصل للمصرف..

لص2: كيف سندخل المصرف والفجر على الابواب..

لص1: لا تهتم كل شيء في الحسبان .. حين نصل الى قشرة ارضية المصرف سنتوقف ونستأنف عملنا في الليلة التالية..

لص2: لقد طالت الليالي ونحن نحفر.. لو كنت اعمل حفار قبور لامتلأ جيبي..

لص1: لا ادري الى اين توصلنا افكارك..

لص2: اعمل بصمت ولا تثرثر.. لولا وجودي معك

لص1: (مقاطعا) لضعت..! هذا ما تريد قوله.. لولا وجودك معي لضعت.. الا تسمي وضعنا هذا ضياعا..؟ نعيش كالجرذان في هذا النفق المظلم..

لص2: نحن نعمل.. هذا النفق الذي لا يرضيك سيوصلنا الى الرخاء.. الى السعادة.. سنعيش مثل البشر ..

لص1: ألسنا بشرا..؟ ما الذي ينقصنا لنكون بشرا..؟

لص2: ينقصنا المال.. اذا توفر المال سهلت امامك كل السبل.. لا احد يطرق بابك يطالبك بالايجار .. لا احد ينظر اليك بسخرية وانت ترتدي ملابس رثة.. المال يا صاحبي يجعلك بشرا حقيقيا محترما وليس على الهامش.. المال يجعل الجميع ينحنون امامك احتراما وتبجيلا..

لص2: وماذا عن نفسي.. كيف ارى وجهي امام المرآة..؟

لص1: (يضحك) الغنى يا صاحبي يغير المرء، يجعل وجهه اكثر اشراقا.. ستحمر وجنتاك وتلمع عيناك.. وستكون غاية الحسناوات اللاتي يركضن اليك.. تلك خطتنا الاولى ان نحصل على المال ومن ثم نرتب لحياتنا وضعا اخرا.. قد ندخل للانتخابات البرلمانية ونفوز باموالنا عندها ستكون السلطة والمال بايدينا .. انظر الى اولئك المتخمين كيف هي حياتهم..

لص2: هل سرقوا المصارف هم ايضا..؟.

لص1: لقد سرقونا..

لص2: ليس لدينا شيء ليسرقونه..

لص1: هل هناك شيء اكبر من سرقة اعمارنا..؟

لص2: لو سلمت ان اعمارنا ضاعت.. كيف سنستعيدها..؟

لص1: لا تستعجل يا صاحبي، حين نستلم السلطة سنستعيد كل شيء..

لص2: (ضاحكا) سارق يأخذها من سارق..

لص1: احسبها كما تريد هذه هي سنة الحياة..المال الذي سنحصل عليه سيطهرنا..

لص2: (مستغربا) مال مسروق يطهرنا..؟ صرنا كمن يتوظأ ببوله!

لص1: (يضحك) اضحكتني يا صاحبي.. (ينظر الى اعلى) انظر.. ضربة واحدة في هذا الفأس تدخلنا الى المصرف عندها سنشرب العسل.. اترك تمثالك البائس هنا.. لقد وصلنا..

(اظلام)


الفصل الثاني


(غرفة قديمة يجلس فيها رجل كبير السن يضع امامه زجاجة خمر .. صوت أغنية لأم كلثوم ينبعث من راديو قديم.. صوت قوي سببه فتح ارضية الغرفة.. الرجل ما زال منتشيا)

الرجل: اللله الله.. ما هذا الصوت.. (يغني ويرقص مع الاغنية منتشيا)

(الصوت يزداد حدة ، الطاولة تهتز وتسقط زجاجة الخمر والراديو الذي يتوقف.. الرجل يتوقف عن الرقص)

الرجل: ما هذا..؟ هزة ارضية .. اللعنة كسرت الزجاجة من اين اجيء بزجاجة اخرى في هذه الساعة المتأخرة..

(الاصوات تتكرر الرجل يهرب الى زاوية اخرى لص1 و2 يخرجان وهما يمسكان معوليهما ..الرجل ينظر لهما باندهاش ومازال السكر في رأسه)

الرجل: يا الله ما الذي فعلته كي يخرج لي الجن.. لم افعل شيئا.. لم اؤذي احدا، كل ما في الامر انتشي بهذا الشراب.. يا ربي اذا كان هذا يغضبك اعدك باني لن اشرب ثانية..

(اللصان في جانب اخر من الغرفة يتحدثان)

لص2: هل هذا هو المصرف الذي قضينا لياليا للصول اليه..؟

لص1: يبدو اننا اخطأنا الهدف..

لص2: وتقول انك تعرف كل شبر في المنطقة.. هل اخطأ الجي بي اس ايضا..؟

لص1: لم يخطئ ابدا.. لكنك بانشغالك بالتمثال المتهرئ غيرت مسارنا..

لص2: هكذا انت كل الاخطاء تحملني اياها.. تقديراتك لم تكن صحيحة وتقول اني غيرت المسار..

لص1: يكفيك ثررة لنرى اين نحن الان (يدقق في المكان ويرى الرجل) من ذاك الرجل..؟

لص2: لنعد من حيث اتينا..

لص1: ليس قبل ان اعرف اين نحن الان..

لص2: وما الذي سنستفيده من معرفتك بالمكان..الا تراه.. انه مكان خرب لا قاصات ولا اموال ولا رخاء ولا سعادة ! تبخرت كل الاحلام وسنخرج من هنا بخفي حنين..

لص1: قلت لك انتظر (يذهب حيث الرجل) من انت..؟

الرجل: (متلعثما) من انا.. من انا.. ان كنت جنيا ستعرفني..

لص1: لست جنيا اطمئن..اسألك من انت وماذا تفعل هنا..؟

الرجل: انا من يسألك هذا ان لم تكن جنيا ما الذي تعله هنا..؟

لص1: انا رجل امن

الرجل: رجل امن... شرطة؟ والله لم افعل شيئا لا اتعاطى المخدرات ولم اؤذي احدا انا مواطن صالح اخرج نهارا لبيع السكراب وانزوي ليلا هنا لاشرب ما استطعت شراءه..(يتوقف قليلا) هل الخمر ممنوع..؟

لص1: اذا كان كأس او كأسان فلا بأس..

الرجل: (فرحا) هذا هو الكأس الثاني لم اشرب غير ذلك واندلقت الزجاجة بفعل الزلزال..

لص1: اذن لم تشرب الا كأسين.. اعطني هذا الكأس (ياخذ الكاس من يده ويرتشف منه)

الرجل: استطيع ان اقول الان انا شربت كأسا ونصف الكأس وليس اثنين..

لص1: لكنك قلت في افادتك انك شربت كأسين.. هل تغير الافادة..

الرجل: لا يا حضرة الامن لم اغيرها نعم قلت لك هذا لكن الكأس الذي في يدك هو الكأس الثاني لم اشرب منه الا نصفه اما النصف الثاني فقد نزل ببطن الحكومة.. (يستعدل في وقفته) نحن في خدمة الحكومة.. المواطن في خدمة الحكومة..

لص1: قلت في افادتك انك تبيع السكراب.. اي نوع من السكراب الذي تبيعه؟

الرجل: كل شيء يا سيدي.. كل شيء.. علب فارغة ادوات كهربائية عاطلة اجمعها من القمامة ابيعها في السوق العتيقة..

(لص2 يتقدم من لص1)

لص2: انا تعبت.. لنرحل من هنا..

لص1: قلت لك انتظر

الرجل: هل اعد لكما عشاءا..؟ لدي صمونتان ادخرتهما لفطوري لابأس تناولاها فهي حلال على الحكومة..الم اقل لك اني مواطن صالح في خدمة الحكومة..

لص1: احتفظ بها لنفسك..

الرجل: ها نسيت.. الحكومة لا تأكل من يد الشعب! (مستدركا) اقصد ..اقصد هي التي توكله.. حسنا يا سيدي، يبدو انكما شرطيان طيبان تختلفان عن اولئك الذين قابلتهم واشبعوني ضربا..

لص1: ربما اخطأت معهم فضربوك..

الرجل: والله لم اخطئ.. كل ما في الامر كنت بحاجة الى شيء اسد فيه النافذة المكسورة لاتجنب حرارة الشمس فرفعت لوحة كانت في اطراف المدينة وحملتها معي ولم اعرف حينها انها لوحة مرور تشير الى مركز الشرطة.. يا لها من ساعة بائسة أكلت فيها اطنانا من الرفس والضرب..

لص1: واين تلك اللوحة.. لم ارها على النافذة..

الرجل: كسروها على رأسي، لم تتشفع لهم كلماتي وصراخي.. انهالوا علي بها، كل ذلك من أجل لوحة قديمة.. وقبل ان يلقوا بي في الشارع قال لي الضابط يا حمار لا تفعلها ثانية .. ومن يومها أنا أؤدي التحية لكل لوحة اراها في طريقي .. صرت أخاف من كل شيء.. أنا المواطن الصالح الحمار صرت اخاف من ظلي..

لص2: ارجوك لنخرج من هنا..

لص1: دعني اتحدث مع الرجل.. يبدو انه رجل طيب..

الرجل: (وهو يسترق السمع لهما) ليس هناك من هو اطيب مني في هذه المدينة .. لذلك حظي عاثر مع الاخرين..

لص1: الحظ لعبة بيد من يعرف كيف يلعبها..

لص2: وهل عرفت انت ان تلعبها جيدا..؟ عمل اسبوعين قادنا الى هذه الخربة..

الرجل: كنتما تراقبانني اسبوعين..؟ هل انا بهذه الاهمية لتتفرغ الحكومة بمراقبتي.. ماذا وجدتما..ها..؟ علب فارغة وبقايا صحف اقتطع منها صور البنات ونعل خطته اكثر من مرة ..هذا انا ليس لدي ما يثير الريبة..

لص1: حقا.. ليس لديك ما يثير الريبة..

الرجل: الا صور البنات.. هل منعت الحكومة صور البنات..؟

لص1: وغيرها..

الرجل: فتشا المكان وتأكدا من ذلك.. حتى هذا المكان الذي اختلي به هو مخزن لتاجر تركه وهاجر من البلاد بعدما اختطفوا ابنه وقتلوه.. يا لبؤسهم وشراستهم..

لص1:قتلوه...؟ هل تعرفهم..؟

الرجل: لا أحد في هذه المدينة لا يعرف القتلة.. لكن لا احد يجروء ان يذكر اسماءهم.. استولوا على كل شيء منذ ان جاءوا في غفلة من الزمن.. عبثوا فينا.. عبثوا في كل شيء.. مزقونا!

لص1: يبدو انك تحتفظ بكل اسرار المدينة..

الرجل: من يعيش في قاع المدينة يعرف عنها كل شيء.. الاسرار لا تطفو على السطح.. الاسرار هنا.. في القاع.

لص1: وماذا تعرف عنها ايضا..؟

الرجل: اعرف صالحها وطالحها.. هذه المدينة كانت آمنة، أهلها طيبون.. تغير فيها كل شيء.. الوجوه لم تعد ذات الوجوه.

لص2: لنخرج من هنا..تأخرنا كثيرا..

لص1: انتظر، لنعقد صفقة مع هذا الرجل..

لص2: اي نو عن الصفقات..؟

لص1: لنستخدم هذا المكان منطلقا لنا نحو المصرف..

لص2: المصرف ثانية.. لا يا صاحبي ليس لدي القدرة على الحفر ثانية..

لص1: المكان قريب تكفينا ليلة واحدة للوصول اليه..

الرجل: (يسترق السمع لحديثهما)

لص2: انتبه الرجل يسمعنا..

الرجل: لتعذرني الحكومة.. هل قلتما المصرف..؟

لص1: ها.. نعم المصرف.. لدينا حوالة مصرفية فيه ونريد ان نستلمها..

الرجل: لكنه خال..

لص1: (مستغربا) المصرف خال..؟ ما الذي تقصده..؟

الرجل: ألم تسمعا..؟ قبل يومين سطت عصابة عليه وفرغته من الاموال.. سرقوا كل شيء..

لص2: (يضحك) هذا ما كان ينقصنا.. اسبوعان عمل لمصرف فارغ..

لص1: هل انت متأكد من ذلك..

الرجل: طبعا.. اذهبا الى المصرف وستريان زملاءكم رجال الشرطة وهم يملأون المكان.. (يصمت قليلا) عجيب.. ألم تقولا انكما حكومة..؟ كيف لم تسمعا بذلك..؟

لص1: لا .. لا سمعنا.. وجئنا نتحقق من ذلك..

الرجل: وهل تشكان بي..ظ

لص2: ألم اقل لك، لنخرج من هنا.. لدي حدس في ان الليلة لن تمضي بسلام..

الرجل: عن اي سلام تتحدثان.. السلام عليه السلام.. لم يبق سلام.. لقد نبشوا ام السلام جعلونا نسير ونحن نتلفت خشية ان يتعقبنا من لا ذمة له..

لص1: ايها الرجل السكير هل انت سياسي..؟ ما تتحدث به اكبر بكثير مما ارى..

الرجل: وماذا ترى، حمار امامك ام علبة فارغة..؟ في بلدك العجيب الغريب هذا يا سيدي الكل سياسي، الطفل قبل ان يحمل حقيبته ذاهبا الى المدرسة والزوجة قبل ان تأخذ حصتها من الفراش والمتسولون زملائي وهم يطوفون الازقة.. حمار جاري بائع النفط اكبر سياسي..

لص1: (ضاحكا) وما الذي يفهمه الحمار ليكون سياسيا..؟

الرجل: يفهمني ويفهمك.. وهو يمتلك كل مواصفات السياسي.. رأس كبير بعقل صغير وكرش يستوعب كل السرقات ولا تنسى صوته الذي يفسد الاذان واذا ما امتنع عن شيء تحجّر في مكانه .. أليست تلك هي مؤهلات السياسي..

لص2: ياااه.. ما هذا.. لا قدرة لي ان يذهب جلدي الى الدباغ .. هيا نخرج من هنا.. هذا رجل مجنون سيورطنا..

الرجل: نعم انا مجنون.. لأني رضيت أن اعيش في هذه المزبلة.. مجنون لأني صفقت لمن لا يستحق حتى البصاق ورضيت ان يكون مصيري بيد الكلاب وفضلت الظلمة على النور..أنا مجنون، اعترف بذلك.. لأني كرهت نفسي وأهلي وانشغلت بالتفاهات التي ضيّعت بلدي.. مجنون لأني رضيت بكأس فارغ وصدقت ما اوهموني به انه مملوء بالعسل.. عسل..! يا له من عسل..!

لص2: ياااه.. صار يهذي لا اتحمل ما اسمعه..

الرجل: ما اوصلنا الى هذا الحال هو خوفك هذا.. مم تخاف..؟ هل بقي شيء نخاف عليه..ها.. نسيت انتم الحكومة.. لكن من حقك ان تخاف لأن العبيد يخافون اسيادهم..

لص2: صار لسانك طويلا..

الرجل: اقطعه ان استطعت.. لم يبق لي الا هذا اللسان به اطفئ جمر صدري (يذهب حيث زجاجة الخمر يرفعها من الارض ويرتشف ما بقي منها يتحدث مع الزجاجة) مسكينة أنت مثلي تماما.. تمنحينهم اللذة وينكرون ذلك فيكسرونك.. أي جحود هذا..؟ انظر.. انظر يا سيدي كم هي اليفة وانيقة وشفافة وناعمة.. لو كانوا مثلها لما فعلوا بنا ما فعلوه.. (يقترب من اللص ويرى التمثال) ما هذا..؟ هل القيت القبض على حمورابي..؟ أكان متلبسا بالجرم المشهود أم لم تكن لديه بطاقة.. حتى حمورابي لم يسلم.. مسكين أنت يا حمورابي.. كان عليك ان ترحل الى بلد آخر يقدرك تنعم بالشقراوات والخلاسيات لا أن تبقى مركونا بالظلمات..

لص1: أي حمورابي هذا.. انت تثرثر كثيرا..

الرجل: أعرف تماثيل بلدي مثلما اعرف زجاجة الخمر هذه.. قبل الحرب كنت حارسا في المتحف وبعدها طردوني لأني منعت احدهم من سرقة بعض الموجودات.. كل تلك الوجوه مرت امامي .. اعرفها جيدا..وهي تعرفني ايضا.. هذا التمثال الذي بيدك لونطق لردد اسمي..!

لص1و2: (يضحكان)

لص1: ارجوك.. دعن السقف في مكانه لا توقعه علينا.. سمعنا مثل هذه الاكاذي كثيرا..

الرجل: حسنا يا سيدي ، انا كاذب.. ولأنه لا قيمة له ارجعه الى مكانه..

لص2: ماذا يقول هذا..؟

لص1: اتركه هنا مع سكراب هذه الغرفة البائسة.. ما قاله الرجل جعلني اعيد حساباتي .. نحن معشر الفقفراء لا يليق بنا الا أن نكون فقراء..


اظلام

ستار


4 نيسان 2018

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى