كامل الدلفي - سوق عريبة.. قصة قصيرة

أمي رأيتُ الليلةَ الماضية حلماً: إن غراباً دخل حجرةَ نومنا، واهتدى إلى حقيبتي المدرسية وبعثّر ما فيها ، ونقّر في كتاب الجغرافية إلى أن خرّمه تماماً، وكنتِ تصرخين به ، فلا يأبهُ لكِ ، وكانت يداكِ مقطوعتين من الزند..
هل أن تأويل حلمي، أني سأرسب في امتحان الجغرافية هذا اليوم يا أمي؟
- سمِّ بسم الله ولا تَخفْ، هذه أتعابُ الدراسة..
حين وصل إلى سفح السوق سقطت أفراحه من يده ، وهو يرى الغراب قد غرز مخالبه بخاصرة الأم الكبيرة فهمَّ أن يزحزحه عن جسدها ، فأعيته الحيلة، نفث الغراب أنفاسه ببأس شديد، فتلاطم الأزيز باللحم، وتطاير السكون الملبَّد بأوراق الجغرافية الملتهبة..
في صباح اليوم التالي قصّ شيخٌ صالحٌ على ملأٍ متجمهرين حول آثار سوقٍ محترقٍ، قال: في ليلة أمس رأيت حلماً : كأن هنا بين هاتين الحجرتين ثمة حقيبة مدرسية مطروحة، ازدحم حولها ملائكةٌ بيضٌ وهي تمنحهم شهاداتٍ بيضاءَ كالتي يوزعونها في المدارس، يصعدون بعدها إلى السماء ، و مددت يدي لآخذ واحدة فمُنِعتُ.. وجاءت أمٌ وصبيٌ لها تكلّمه : خذْ حقيبتك فأنا الجغرافيةُ وهذا تأويل رؤياك يا ولدي فأخذ حقيبته وطارا بأثر الآخرين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى