أحمد بوزفور - حدث ذات يوم في الجبل الأقرع...

سافر في الليل. كا ن قد جهز كل شيء.. وكان ينبغي أن يملأ خزان النفط ثلاث مرات على الاقل قبل أن يصل إلى ( الجبل الاقرع).. جبل الغزلان...سار مسافة طويلة على الرمال الندبة قبل أن يقف، أطفأ المحرك. وخرج.. واستنشق الصباح المتفتح. ثم قال لنفسه: ينبغي ألا اضيع الوقت. حمل البندقية القمها الرصاصتين.. ثم انطلق إلى الجبل.. وقف، فنزلت قدمه واستوى جالسا.. رمي البندقية في غضب.. فجأة.. سمع حكة خفيفة، التفت فرأى غزالة تجري.. اسرع إلى البندقية.. أطلق الرصاص في لهوجة فأخذها.. جرى من ورائها فلم يلحقها.. جلس حزينا..ر مى البندقية.. استلقى ونظر إلى السماء.. وفجأة أخد يبكي.. شهيق.. والتقطت اذنه حركة خفيفة.. اقتربت الحركة.. فغرقت.. في عينيه الباكيتين عينان واستعان سوداوان.. وكانت الغزالة تطل عليه..قربت فمها من عنقه..شمته.. فانتفض واقفا وهو يحاول أن يمسكها من قرنيها.. ولكنها افلتت. أسرع إلى البندقية واطلق الرصاص.. ولا رصاص.. أخرج الرصاص.. شجن بين النار وهو يلتفت..
كانت الغزالة قد اختفت.. غضب.. التفت إلى قمة الجبل غاضبا.. رمى البندقية.. وأخد يجري.. ارتمى على الرمل منهكا.. حاول أن ينام.. فجأة أحس بانفاس رخية تداعب قفاه.. انقلب على ظهره وبقي مستلقيا. نظر إليها.. ابتسم في حزن خاطبها متلعثما: أنا حزين ياسيدي..حزين وتعب مريض.. انت لا تفهمنني.. أنا هارب..ورائي المدينة..ورائي الحديد والجدران..هل تفهمينني؟..سرطان من الازقة والجدران والسيارات والأعمدة والأضواء والكلمات..أنا هارب.. ولكنني مصاب .. هل تفهمينني؟ أصابني السرطان في كبدي من الطلقة الأولى.. أنا هناك وهنا.. المدينة هي التي أطلقت عليك النار لا أنا..آه لو فهمت يا سيدي..
جلس.. وضع يديه على ركبتيه.. وضع عليهما رأسه وانخرط في البكاء.. اقتربت منه.. شمته..ضحك في صمت.. آه لو فهمت؟.. كيف يحكي لها؟.. ماذا أقول؟ الوادع ياسيدي.. أنا إنسان مدنس..اعذريني.. سامحيني.. لوثت صمتك الطاهر بالرصاص.. والكلام.. وداعا. تباع الجلوس قليلا.. ثم نهض.. وأحد يهبط الجبل في إعياء.. وذهنه فارغ..سار هبط .. تكسر الضوء في عينيه.. رأى بندقيته. انعطف إليها .. حملها.. التفت..فرأى الغزالة تنظر إليه صامتة.. كان ذهنه فارغا. أدار البندقية.. صوبها في هدوء أطلق النار.. وهذه المرة اصابها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى