ميلود خيزار - من كتــاب الصدق..

ميلود خيزار *
من كتــاب الصدق …/ ميلود خيزار *
بواسطة مسارب بتاريخ 7 أبريل, 2013 في 10:16 مساء | مصنفة في متعة النص | تعليق واحد عدد المشاهدات : 1734.


و لأنّني لا زلتُ أُومنُ بالنّقاء وَهبتُ من عُشبي إلى حَجرٍ … و من صوتي إلى كهفٍ جليديٍّ … و قلتُ… عساهُما يتذكّراني.
و فَرشتُ أغنيتي لظلّ الرّوحِ … ثمّ هتفتُ بي … ميلود … يا ميلود … إيهِ صَرَختُها… و بكلّ ما في القلب من شجنٍ… و ما في الرّوح من عَطبٍ … فيا وادي الأفاعي… أيّها الجرحُ الصّديقُ متى خدَشتَ الأرضَ … كي تصلَ الحقولَ .. و أيُّ أفعى فيكَ سوف تعُضُّني … لأُشيرَ للأنياب في كتفيّ … ”هذا خاتَمي…”.. احتاجُ صمتي كلَّه لأعيدَ رسمَ فجيعتي… احتاجُ معجزةً لأنقذَ ما تبقّى من يتامى العشقِ في بَرد الأغاني.
إنّي أرى في الأبيض العَدميّ وجهَ أبي… و مُبتسما يُلوِّحُ لي بفضّةِ خاتمٍ… و يقولُ لا تَقصُصْ على أحقادهم رؤياكَ… ها أنا ذا أخونَ أبي … لأجلكَ… أيها المندسّ في شجني كهاتف ضحكةٍ مغرورةٍ … يا أيّها الحزنُ المُعمِّرُ…. يا صديقُ… أنا هنا… أنا ثالثُ الأبناء يا داوودُ … يا ملكَ الملوك … أنا خطيئةُ “ابْشالوم “… و هذه راسي التي عَلِقتْ بغُصنَيْ بُطمةٍ… هو ما تركتُ لكم هنا… عينان ساحرتان… ما يكفي لقُوتِ العشقِ في “حِبرونَ”… قَرنًا كاملاً… و لِحُزن كلّ بناتها … حَسْبي رمادُ الحبِّ في المزمور… حسْبي خيبةً أنّي صَنعتُ أساكَ … أحرقتُ النشيدَ لكي تُضيءَ لكَ المعاني.
و سمعتُ صوتا ما يحدّثُ حَيْرتي …لا تنْسَ ذكرك ” للينابيع البعيدة ” حين تَشرَبُ … أيّها العُشبيُّ … لا تخرُجْ بكلّكَ من بساتين المَسرّة … و ادْنُ من قمرٍ يودّعُ ضوءَ نافذةٍ لتعرفَ كيف تَبكي… لا تثقْ في حكمة التّاريخ… قد يجدُ المؤرِّخُ لعبةً أخرى فيَنسى ما شُنِقْتَ لأجله… لا تنسَ أنّ النّهرَ لا يُلقي التّحيّةَ مرّتين… فَنمْ بقُربكَ… قُربَ قلبك… قُربَ قبرك… لا تُلوّحْ بالحقول لغيمةٍ في الرّيح تَجهلُ أين تَقضي اللّيلَ … لا تُفضي لساقيةٍ بسرّكَ … إنّها ليستْ لحقلٍ واحدٍ … و اقعُدْ لبئركَ … رُدَّ عنها الرّملَ … إنّ الرّملَ خائنُ نعمةٍ… و تفقّدِ النّارَ القديمةَ … و النّبيذَ … فربّما نَسيَ النّهارُ طريقَه…. أو ربّما مَرضَ النّبيذ ُمن الأواني .
…. و كأنكَ “الزّيتون” يا وادي الأفاعي أنتَ… نَصِعدُهُ لنَبكيَ… أو نُغادرُهُ لنُصلَبَ … ها إذنْ حبلُ الفجيعة كاملُ الإغراءِ… كلُّ “الآنَ” ابيضُ … ليس يفصلُني عنِ الميلاد … لّا الخطوةُ العمياءُ … ما يكفي لأَنطِقَ ربّما بشهادتينِ وباسْمِها … فيكونَ أخرَ ما احترقتُ له و زلّ به لساني .

ميلود خيزار


* منقول عن مسارب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى