عادل بلغيث - الريفيون..

يُحيطون بمن يزوره
كما لو كان بئرا
وقد تعلموا الإصغاء
من سكوتهم في الرعي و البكاء بسريّة
حتّى لا تصبح دموعهم ..صديقات لزوجاتهمْ

&

يُهدون خرشفا بريّا مجتثاّ بالمناكيش
الى معلّمي مدرسة الجبل.
هل تدركون قيمة الهديّة
حين نربط حزمة من جراح أصابعنا
ونهبها الى أحدْ

&

تحدّثهم عن الإيديولوجيا
فيذبحون لك شاة
تحدّثهم عن “محمّد ”
فيُضيفون إلى لحم الوليمة ،قشعريرةً
وإلى القهوة العسلية ..ضيوفا مجهولينْ

ـــــ

الرّيفيون

يتزودون بزبدة شمس الضّحوات
يحلبون النجمات المتأخرات عن العود الى اسطبل الظّلمات..
يصطادون النسيم بفخاخ من صنوبر
وتبقى جنائزهم دائما دسمة

&
نساؤهم يتجملن بمكياج انعكاس الضوء
دوائر نوريّةٌ من ورق الشّجر إلى ورق الخدّ
ظل ريش ديك في أسافلِ الثياب
وشقرة واهجة لجديان تتقافز في القلب

حين يُغاضبن أزواجهنّ ..تكثر الاكواخ في السفوح …
حين يصالحنهمّ ..تعثُرُ الزرارير على فاكهة في الأحواشْ

ـــــ

الريفيون
يَهبون أبناءهم للجيوش
ليوزّعوا بعدهم ، قلوبهم بين الجليد والنيران
لا يمكن ان أشرح أكثر ..
هم ككلّ من قايض الأهازيج
بالحمحمة

&

يستبشرون بسقوط الثلج على القبور
و اقتحام سرعوفة خضراء للبيت
هم ليسوا طيلة الوقت سرياليّين
إذ يطلقون الرّصاص على اليمام.. لـــكيّ بثور الوحدة

&

يؤمنون بالنفاد كما بالوجود :
“النبيذ والزيت وقالب الجبن
وشمع المنازل و شهد الخطى العائدة.”
يزول وشم العضايا من جدار ،ليظهر في آخرْ
تختفي لوحة القمح من متحف الصبح في الخريف.
تسافر الألوان …والخُطّيفْة الزرقاء
ولا يبقى من موسم الزيتون سوى عزف على القانون في الوجدانْ

ــــ

الريفيون :
قصص الحب التي لها ضحايا
أغاني الثورة التي لا تُنسب إلى أحدْ
طبّ السّماء ..بوضع اليد على المكان
الذي سيمطرْ
كيمياء الرغيف ..وفيزياء القطافْ.
صانعو القمر المطلّ على صوامع الغلالْ
ومالكو الأيّام البربريّة ، التي تدخّن فيها البيوت حتىّ آخر الربيع .
أقرب الاحياء من الغبطة
وأقرب الموتى من الحنطة
و الباكون على رحيل المستبدّ الذي قاسمهم الجوع والخز ..ونهب محاصيلَ الحرية

&

سيبقون هكذا …
سعداء بفتى واحد في العائلة ..يقود جرارا
وفتاة واحدة تقود النول على طرقات خيالها المزركش الطّويل
ويبقى الشيوخ كـــشوامي الجريد المرصوصة ،رغم خلوّ المعاصر.
انهم جبابرة …في بعد آخرْ.


أوائل فيفري 2018

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى