مبارك وساط - بلمسة من أكُفِّ النسيم...

طريقكِ إليّ مُمَوَّهةٌ بآثار مَرَح الفهود، ولكنّك تتقدّمين. والمسافة التي بيننا، بلمسةٍ من أكفّ النسيم، تصير نهرا ميّتا. أما الغرقى فيـه فـأحْيـَــاء. وإنْ أحَدُهُمْ أنْشِـبَـتْ في عنقه الأظافر التي من فيروز، فسرعان ما يُلفَظُ إلى أقرب ضفّة. والكراكيّ هي التي ستمضي به ليُدْفَنَ في أجمل نجمة... هل قلتُ لك إني أنا نفسي كنت نهراً ميتاً، ثم جاءت تماسيحُ تقيّة، توضأتْ بدموعها و أقامَتْ عليّ صلاة الغائب، فوثبتُ بقوة، في هيئتي الآدمية هاته، وحملتْني ساقاي بأقصى سرعة إلى هذه المدينة، حيث أوجدُ بانتظارك؟ وأنتِ أنتِ، ستصِلِينَ ذات فجر يقذف من بين شفتيه موسيقيين أمامَ بابي، فيما السيمفونيات التيتقاسمني غرفتي، تشمِّرُ عن سيقانها وتقفز من النوافذ. وستتكلمين عن الدّساكر التي مررتِ بها، وتروين كيف قطعْتِ أرضَ الثلوج العمياء، ذات أصيل سقط خلاله الدبُّ الأكبر في الأحبولة التي نصبها له المنجّمون، وكيف جُسْتِ المُرتفعاتِ، حيث كنت أبدو لكِ، أحيانا، في مدخل كهف، أو حتَّى على قمة شجرة، مع أنك تعلمين تماماً أنّي هاهنا،
قرب الشّعلة التي تُقارعني الأنخاب، وإذ تتعتع، تحاول أن تحرق أنفاسي وشَـعْـرِي وأنا أبدو متوجسا متهيّجا حائرا، وأحيانا، أدخل معها باستماتة اليائسين، في مفاوضات نُجْريها بداخل إحدى الجماجم، وأنا كنْتُ حَدَّثْـتُـكِ عن الغرقى والكراكيّ
وكان يحدث أن يَعْرُوَكِ شحوب داهم:
« يَقَعُ هذا، فجأة،
بسبب الرائع من السُّموم
الذي يسري في دم ظلّي! »
وَأَنْتِ أَنْتِ
طريقُك إليَّ
تُرْعِشِينَـها
بخطوة.

-----------------
* من مجموعة: راية الهواء (متوالية شِعريّة)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى