عزيزة المانع - ألقاب العشاق

(ورضيت بعد تنكبي طرق الهوى = أن قيل: صاحب راية العشاق)
العباس بن الأحنف


لم يكن العباس بن الأحنف وحده العاشق الذي أطلق عليه قومه لقبا يعبر عن فرط انغماسه في العشق، حين لقبوه (صاحب راية العشاق)، فقد شاركه في نيل الألقاب كثير من الشعراء العاشقين غيره، مثل جميل بثينة الذي لقب (إمام المحبين)، ومسلم بن الوليد (صريع الغواني)، وعبدالله بن قيس (قيس الرقيات) وقيس بن الملوح (مجنون ليلى) والمؤمل بن جميل (قتيل الهوى) ومحمد بن عبدالواحد البصري (قتيل الغواني) وأبو الفوارس (قتيل الحب) وشاعر آخر لم أعثر على اسمه يلقب (جريح المقل)، أما ابن الفارض فكان لقبه (سلطان العاشقين) ربما لصوفيته وانغماسه في العشق الإلهي.
إضفاء الألقاب على العشاق من الشعراء، هو جزء من الثقافة العربية، فقد كان العرب مولعين بإضفاء الألقاب على بعضهم بعضا منذ أيام الجاهلية، وقد اعتادوا أن يتفننوا في صياغة الألقاب التي يشتقونها من صفة خاصة في الملقب، إما جسدية أو عقلية، أو من حادثة تنسب إليه، أو من أقوال اشتهر بها أو غير ذلك، وكانت بعض الألقاب تُطلق على صاحبها للرفع من شأنه والتعبير عن الإعجاب به، وكان بعضها الآخر يطلق للهجاء والتندر.
ورغم أن الله سبحانه نهى عن التنابز بالألقاب {ولا تنابزوا بالألقاب}، إلا أن العرب ظلوا حتى بعد إسلامهم متشبثين بثقافة إطلاق الألقاب غير قادرين على التخلص منها.
ولكثرة انتشار الألقاب في الثقافة العربية، انصرف بعض الرواة والمؤرخين مثل الكلبي والزبادي وابن طيفور والمرزبان وغيرهم إلى تصنيف المؤلفات والمعاجم حول الألقاب التي شاعت في التراث العربي على اختلاف أصناف الملقبين بها، فحفظت لنا مؤلفاتهم ألقابا كثيرة بعضها طريف مثل لقب (قاضي الجن)، الذي اشتهر به القاضي محمد بن عبدالله الجزري، و(تيس الجن) الذي لقب به الشاعر الخليع أحمد الجياني الأندلسي، و(ديك الجن) لقب الشاعر عبدالسلام بن رغبان الكلبي، و(تمساح الجن) لقب الطبيب أبو الحسن علي بن رضوان بن جعفر، و(الأقيشر) تصغير (أقشر) لقب المغيرة بن الأسدي، و(قمر نجد) لقب به الحصين بن بدر بن قيس المشهور بالزبرقان لفرط وسامته، وهناك كثير غيرها.
  • Like
التفاعلات: حيدر عاشور

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى