حميد اتباتو - لن يغير من قناعاتي إلا القبر.. في حوار مع الراحل محمد زفـزاف

يعتبر محمد زفزاف من بين العلامات المميزة للمشهد الثفافي والإبداعي بالمغرب، ما يعتبر أيضا من بين المبدعين القلائل الذين أصلوا الكتابة الروائية والقصة المغربية. شكلت كتاباته إسهاما مهما في المجال الإبداعي المغربي والعربي, من كتاباته نذكر: « المرأة والوردة»، و«أرصفة وجدران»، و«بيوت واطئة»، و«الأفعى والبحر»، و«غجر في الغابة»، و«الشجرة المقدسة»، و«الثعلب الذي يظهر ويختفي»، و«بيضة الديك»، و«العربة»، و«الحي الخلفي»، و«بائعة الورد»، بالإضافة إلى عمله الأخير «أفواه واسعة »

***

س: كيف حال المشهد الثقافي والإبداعي بالمغرب ؟

ج: إن ما يمكن أن يقال عن المشهد الثقافي بالمغرب هو أني متفائل جدا من هذا التراكم الذي لم يكن موجودا في السابق؛ فهناك أنشطة ثقافية متعددة, وهناك إصدارات كثيرة, فيها الجيد والرديء كما هو الحال في أي مشهد ثقافي في بلد آخر سواء كان هذا البلد هو الولايات المتحدة الأمريكية أو أي بلد أوربي.

س: ألا ترون أن مقارنة المشهد الثقافي الحالي بالوضع الذي كان عليه في فترة سابقة – السبعينيات وبداية الثمانينيات - يؤكد أن هذه الفترة أنتجت الأسماء والتجارب الرائدة سواء في مجال الرواية أو السينما, أو المسرح, أو التشكيل أو الأغنية ؟

ج: لا أعتقد, لقد كانت فترة السبعينات مزدهرة حقا, وإن كان الطابع الإيديولوجي يغلب على إبداعات هذه المرحلة باستثناء التشكيل. ولكن هذا لا يمنع من الإقرار بأن فترة ما بعد السبعينات قد أنتجت مجموعة من الأقلام الجديدة, ونفس الشيء بالنسبة لفترة التسعينات. فكما سبق أن قلت, هناك تراكم كمي ونوعي جيد جدا, لكن تبقى للتاريخ وحده مهمة الغربلة, لأن هناك مجموعة من الأقلام التي ستفرض ذاتها, ومجموعة أخرى ستختفي وهذه حتمية.

س: بالرغم من هذا ألا ترون أن هناك تراجعا على مستوى ارتباط المثقف بمجموعة من القضايا, كقضية الشعب, والقضية القومية, والقضية الإنسانية وقضية الهامش كذلك؟

ج: لا يمكنني أن أصدر حكما عاما, لأن في ذلك استفزازا. ولكن الصورة واضحة إذا أردت أن تقول أن الإيديولوجيا بمعناها الماركسي اختفت في الأعمال الإبداعية فهذا شيء مقبول منك, لكن الإبداع في حد ذاته إيديولوجيا غير ملموسة... إيديولوجيا ضمنية.

س: كيف تقدمون للقراء عملكم الروائي الأخير أفواه واسعة ؟

ج: لا أستطيع أن أتحدث عن هذا العمل, وقد سبق أن تحدثت عنه في بعض اللقاءات التي أجريت معي, ولكن هذا العمل يجب أن يعطي فيه النقاد رأيهم, لأنه لا يمكنني أن أنتقد عملي هذا , كما لا يمكنني أن أتحدث عنه. فقط أود أن أشير إلى أن بعض النقاد قد كتبوا عن هذا العمل, وقد اطلعتم بدون شك على الدراسة التي كتبها صبري حافظ حول « أفواه واسعة » في عدد أخير من «أخبار الأدب». وفي رأيي, فما كتبه صبري حافظ هو دراسة جيدة قاربت بالفعل هذه الرواية.

س: أثارت بعض كتاباتكم الأخيرة مثل «الحي الخلفي» أسئلة كثيرة خاصة أن هناك من رأى أن إبداعية الكتابة عندكم تراجعت في هذه الأعمال. ما رأيكم ؟

ج: هذا رأي النقاد, ومن حقهم ذلك, ومن الذي يمنعني من القول مثلا أن تولستوي كاتب فاشل. فهذا الكلام الذي أسمعه منك الآن, سبق أن سمعته من أحد الشبان الذين يكتبون. حيث قال: لو محونا اسم محمد زفزاف من ظهر غلاف «الحي الخلفي» لقلنا هذا كتاب لمبتدئ ورديء... الخ, رغم أن هذا الكتاب كتب عنه نقاد بشكل جيد وحبذوه, لكني أعتقد أن هذا الكاتب الشاب (نشر رواية), كتب فيما بعد في جريدة أنوال – وأنا لم أقرأ ما كتب – أنه يعتذر للعم زفزاف.

ليس بالضرورة أن يكتب نجيب محفوظ روايات جيدة. قد نكبوا أحيانا, وأنا مثلا لم أسمع إطلاقا بالكاتب الذي فاز بجائزة نوبل مؤخرا, وقد حدثتني عنه إحدى الصديقات الفرنسيات التي عاشت 10 سنوات بالبرتغال. فمن حق الإنسان أن ينتقد الكتب المدنسة بل إنهم ينتقدون حتى الكتب المقدسة.

س: كيف تعلقون على الرأي الذي يعتبر أن تجربة محمد زفزاف كانت أكثر زخما وأكثر إثارة للجدل في المحطات الموقعة بعناوين من مثل «المرأة والوردة» و«أرصفة وجدران» و«بيوت واطئة» و«الثعلب الذي يظهر ويختفي»؟

ج: أولا. أقول لك إن الكاتب لا يكتب سوى كتابا واحدا في حياته وعندما نصدر كتابا آخر نقول إننا لم نقل ما أردنا قوله في السابق, وهكذا إلى ما لا نهاية.

س: إذا كان «الحي الخلفي» قد أثار نقاشا, لأن صدوره صادف انعقاد إحدى دورات معرض الكتاب بالدار البيضاء, فإن « بائعة الورد» لم يواكبه النقد المطلوب لماذا في رأيكم ؟

ج: على كل حال... لقد لاقى عمل «بائعة الورد» استحسانا كبيرا, وترجمت قصصه إلى العديد من اللغات, وعندي رسائل كثيرة تلقيتها من المبدعين والكتاب, والمستشرقين تؤكد قيمة العمل, كون هناك زبونية أحيانا, كأن يكتب أستاذ جامعي رواية مثلا, ويأتي طلبته يكتبون عنه في بعض المنابر, فيجعلون «من الحبة قبة» كما يقال. فأنا لا أسعى وراء الشهرة, وأنت تعلم أن «الثعلب الذي يظهر ويختفي» رواية مقررة في السوربون, وتدرس كذلك في جامعة أخرى بالولايات المتحدة الأمريكية, كما أن «المرأة والوردة» تدرس في جامعة بوردو وفي جامعة ليدن كذلك.

س: نعرف جميعا أن كتب زفزاف ترجمت إلى العديد من اللغات, كما نعرف أن أعمالكم تدرس في مجموعة من الجامعات الأجنبية, لكن عكس هذا لا يتم الاحتفاء بكم داخل الوطن بالشكل الذي يليق بكم كرمز بارز ومؤسس في المشهد الروائي والقصصي بالمغرب, ما سبب ذلك ؟

ج: كما سبق أن قلت لك, علي أن أكون أستاذا جامعيا, وأن يتملقني الطلبة لكي يحضروا عن أعمالي أطروحات. لكن على كل حال, فعندما يأتي الصدى الطيب من خارج القطر, فهذا يشرفنا. ويكفيني أن بعض الأسماء من أصدقائي الكتاب من مثل محمود درويش والمرحوم جبرا إبراهيم جبرا, وسعدي يوسف, وجمال الغيطاني وغيرهم يحترموننا. لكن الأساسي في رأيي هو أن الزبونية في الأدب لن تفيد أحدا. وكما سبق أن قلت فالتاريخ وحده هو الذي يغربل, إن أبا حيان التوحيدي مثلا ظل مغمورا إلى أن انتبهوا إليه بعد قرون..

س: سمعت شخصيا في السنوات الأخيرة عن رفض جهات أكاديمية في إحدى الكليات لمشروع أطروحة حول تجربتكم الإبداعية. أليست هناك جهة محددة – مؤسسة التحريم مثلا - تسعى إلى تهميشكم ضمن التهميش العام للرموز المتمردة في المشهد المغربي ؟

ج: يشرفني أن تناقش أطروحة دكتوراه حول أعمالي بالسوربون, وقد نجح صاحبها بميزة حسن, وهو أستاذ بكلية الآداب بالمحمدية. يشرفني أن تقبل السوربون إنجاز أطروحة حول أعمالي. أما إذا كان شخص ما في كلية الآداب بتطوان قد رفض هذا, فهذا شأنه, لأنه كان يكتب القصة القصيرة, وهو كاتب فاشل.

س: ألا يقلقكم كون الذي منحكم جائزة عن «بيضة الديك» هو الآخر وليس جهات وطنية, رغم أن الرواية صدرت منذ مدة بالعربية ؟

ج: إنها مفارقة غريبة حقا, لكن الأساسي هو أنني لم أرشح نفسي للجائزة. وقد منحتني فرنسا إياها رغم أنني لست كاتبا فرنكوفونيا. إنه شيء جميل جدا, بمعنى أن الكتابة باللغة العربية تستطيع أن تفرض ذاتها لو ترجمت إلى لغات أخرى، وهذا ما حصل بالنسبة للخبز الحافي. وأقول لك شيئا يجب أن تنشره, هو أنه عندما ترجم الطاهر بن جلون «الخبز الحافي» إلى الفرنسية ولقي ما لقي من نجاح ندم على فعلته, وحين قال له محمد شكري لماذا لا تترجم «المرأة والوردة» أجابه الطاهر بن جلون: «لن أترجم مغربيا على الإطلاق في حياتي».

إن مترجم «بيضة الديك» كان يحاول ترجمتها منذ زمان, رغم ما قيل عن الترجمة, فقد فازت بالجائزة, رغم أن الرواية حين صدرت بالعربية كتب عنها بشكل سيء, وقيل إنها رديئة, إلا أن هناك بعض الأقلام تابعتها وكتبت عنها بشكل جيد مثل ما كتبه قمري البشير.

س: كثيرا ما تتداخل لدى القارئ ملامح وسلوكات بعض أعمالكم بشخصية محمد زفزاف نفسه, خاصة بالنسبة لبعض الأعمال مثل «المرأة والوردة» و«الثعلب الذي يظهر ويختفي» و«بيضة الديك» التي توجهون في فقرة مجددة منها رسالة واضحة إلى محمد شكري, فما هي العلاقة التي تربط بينكم وبين شخصيات رواياتكم ؟

ج: من البديهيات أن الكاتب موجود رغم انفه في نصوصه. وهذا شيء معروف جدا ولا جدال فيه. ولكن الخلط الذي يقع بالنسبة لبعض النقدة – ولا أقول النقاد - هو أنهم يعتقدون أن الرواية هي سيرة ذاتية, والسيرة الذاتية تختلف كما هو معروف عن النص الروائي. أما الكاتب فهو حاضر باستمرار في نصوصه, بهذا الشكل أو ذاك.

س: ينبني متخيل الإبداع الروائي ومتخيل رواياتكم أساسا, في جزء كبيرا منه, على عناصر السيرة الذاتية, ما هي حدود الواقعي والمتخيل في كتاباتكم الإبداعية؟

ج: أعتقد أن أي نص –سواء تعلق الأمر بما كتبته, أو بما كتبه أي مبدع حقيقي –لابد أن يشمل المتخيل والواقعي, إنها عملية موجودة في الكثير من الأعمال الروائية والقصصية المتميزة.

س: يعتبركم النقد من بين الكتاب الواقعيين. كيف تفهمون هذه الواقعية؟

ج: كتب عن أعمالي الشيء الكثير, وصنفوني في جهات متعددة حتى أن الإنسان يصاب بدوخة أحيانا؛ فأنا لا أستطيع أن أقول إنني كاتب واقعي, وهناك من يقول إنني كاتب وجودي, خاصة حين يقرؤون «أرصفة وجدران» التي لا توجد مع الأسف في السوق المغربية, وكل ناقد ينظر إليك نظرة حسب المدرسة النقدية التي ينتهجها هو.

س: يتم الترويج بكثافة في المشهد المغربي لجنس الرواية الجديدة من طرف مجموعة من النقاد والمبدعين. فهل ترون أن زمن الواقعية قد انتهى في مجال الرواية؟ وهل الواقع المغربي على استعداد للتخلي عن المبدعين الواقعيين ؟

ج: لا يمكننا أن نتحدث عن الرواية الجديدة, ولكن يمكننا الحديث عن الأدب المغاير La littérature différente .فمصطلح «الرواية الجديدة», الذي أطلقه ألان روب غرييه هو عبارة عن أدب مغاير, بمعنى أنه تنكر لطريقة السرد القديمة عند بلزاك وإميل زولا وديكنز ودوستويفسكي وغوركي... الخ. وأصحاب الرواية الجديدة أنفسهم يختلفون عن بعضهم البعض, فناتالي ساروت لا تشبه كلود سيمون, وسيمون لا تشبه ألان روب غرييه.. فليست هناك رواية جديدة إذن, ولكن هناك أدب مغاير.

أما أن يقال بأن عندنا رواية جديدة في المغرب, فمسألة أخرى, ولتكن عندنا روايات قبل كل شيء, وآنذاك يمكن أن نتحدث عن مثل هذه الأشياء. إن عدد الروايات محصور ومحدود, فكيف إذن يمكن الحديث عن «رواية جديدة» فهذا في رأيي اسمه «التنطع» من طرف بعض الكتبة (كما سبق أن تحدثت عن نقدة)

س: عصفت التحولات التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة, بالكثير من التوجهات والقناعات لدى مجموعة من المفكرين والمبدعين, فهل بإمكان هذا أن يقنع زفزاف بالتخلي عن الغايات التي حركت لديكم, ولدى العديد من المبدعين, حرقة الكتابة ؟

ج: أعتقد أن لاشيء سوف يتغير بالنسبة إلي, ولن يغير من قناعاتي إلا القبر فلازلنا ندافع عن الأشياء التي اقتنعنا بها, وأنا لا أتحدث هنا بشكل مثالي عن الأخلاقيات, أو السلوك الإنساني الذي يجب أن يتطور, كما أني لا أحلم بيوطوبيا, ولكننا نحاول ما أمكن أن نعالج ما يمكن معالجته في السلوك اليومي لمجتمعنا عن طريق الكتابة وعن طريق ممارسات أخرى.

س: تعلن مجموعة من الجهات (سياسية وثقافية, رسمية ومعارضة) رغبتها في إقبار تجليات الصراع, فهل أنتم على استعداد لمصالحة المؤسسة الثقافية الرسمية التي تصر على تهميشكم؟

ج: لا أعتقد أن هناك ثقافة رسمية, ولكن هناك فقط بعض الناس الذين يشتغلون لحساب الدولة وهذا شأنهم الخاص, فالصراع بهذا الشكل غير موجود في رأيي, عندنا مجموعة من الكتاب الأحرار وأنا متفائل جدا لأنهم يمارسون حقهم في الكتابة وأنا لا أتحدث عن الصراع بين الكتاب الذين لا يرتبطون بالدولة وبين الجهات الرسمية, فماذا تستطيع أن تفعله الدولة للكاتب في نظرك ؟ هل تكتب؟ أو توجهه لكي يكتب؟ وماذا يستطيع الحزب أن يقدم للكاتب؟.. هل يفرض عليه كتابة قصيدة أو رواية أو مسرحية فهذا غير ممكن, ومسألة مغلوطة لأنه لا يمكن لأي حزب أو للدولة أن تملي علي طريقة إبداع رواية أو قصيدة أو لوحة تشكيلية. إن المبدع مستقل في حد ذاته, وإذا كان ينتمي لنظام من الأنظمة سواء داخل المغرب أو خارجه, فذاك شأنه.

س: تحدثتم في إحدى البرامج المتلفزة مؤخرا عن أهمية إحياء بعض الطقوس الراقية في التعاطي مع المنتوج الثقافي والفني, ألا تتأسفون أيضا على كون أغلب الرموز الثقافية استعدت بما فيه الكفاية للاندراج في البرنامج الثقافي والسياسي للمؤسسة الرسمية ؟

ج: أنا قلت لك إن هذه المسألة مغلوطة مرارا وكررت أن الدولة لا تهتم بالثقافة عندنا, ولا شأن لها بالمجال. بل إنها تستهين بالثقافة ولا تعترف بدور وبقيمة الثقافة, وتعتقد أن الثقافة ليس لها أي تأثير في المصير التاريخي للمجتمع, وهذا خطأ كبير. فبعض الناس لا يعترفون أن الثقافة لعبت دورا مهما في تغيير بعض المجتمعات وفي تغيير الذهنيات, بل لقد أثرت الثقافة في السياسة الممارسة بالبلد في حقبة من الحقب.

س: لكن هناك جهة ما تتحرك لقمع ومحاصرة المختلف...

ج: هل من مثل لذلك؟

س: مصادرة «الخبز الحافي» و «الخيمة» لشكري و «أغلال الماضي» للبريني, و«الحريم السياسي» للمرنيسي, مصادرة مجموعة من المجلات, بالإضافة إلى التضييق على الدرس المسرحي لحسن المنيعي بفاس... الخ.

ج: أنا أتفق معك, لكني أظن أن الدولة ليست مسؤولة, لأنها لاتقوم بهذا, ولكن هناك أيادي خفية وحقودة هي التي تقوم بهذا, وأنا هنا لا أدافع عن الدولة, فهناك بعض الأدمغة المتحجرة, وبعض الحساد والحقودين هم الذين يتكفلون بهذه المهمة.

س: تكتبون الرواية والقصة القصيرة, وتترجمون بعض الأعمال, فما هو الجنس الذي يتيح لكم التعبير عن مواقفكم وآرائكم بصيغة أفضل؟

ج: أنا أجد نفسي في القصة القصيرة وفي الرواية, أما بالنسبة للترجمة إلى اللغة العربية أو العكس, فأنا أشتغل على بعض النصوص التي أحس بمتعتها كما لو أني أنا كاتبها. وأنت تعرف أنني ترجمت نصوصا من الشعر العربي المعاصر إلى الفرنسية لأن هذه النصوص كانت تريحني, كما سبق أن ترجمت أعمالا لمجموعة من الشعراء المغاربة لنفس الغاية أيضا. ونفس الشيء بالنسبة لترجمتي لأعمال أجنبية إلى العربية كما كان الحال مع عمل لهيرمان هيسه الألماني, الحائز على جائزة نوبل وغيرها من النصوص.

س: بعد «المرأة والوردة» و«أرصفة وجدران» و«الأفعى والبحر» و«غجر في الغابة» و«أفواه واسعة»... هل قال محمد زفزاف الأشياء التي كان يرغب في قولها ؟

ج: كما سبق أن قلت لك. لم أقل كل ما أريد أن أقوله, ولا يمكن لكاتب أن يدعي أنه قال كل ما يريد قوله... فهو يستمر في الكتابة ويستدرك ما فاته.

س: بماذا تفسرون تدني مستوى متابعة المنتوج الإبداعي المغربي, خاصة المنتوج الروائي؟

ج: إنه سؤال موجه إلى النقاد أولا. فعندنا مجموعة من النقاد المتميزين في المغرب لكن ليس بإمكانهم متابعة كل الأعمال, خاصة أن هناك مجموعة من الأعمال الرديئة, وأقولها بصراحة, لأني كنت عضوا بلجنة تحكيم جائزة المغرب مؤخرا, وكان من نصيبي أن أقرأ عشرة كتب, فأتعبتني, لأنها تافهة جدا (روايات وقصص وأشعار). وقد ضيعت وقتي في قراءة هذه الأعمال السخيفة. وأنا أحيي النقاد المساكين وأقول لهم «برافو» لأنه لا يمكن تتبع كل هذه الإصدارات إلا أن العمل الجيد يفرض نفسه بدون نقاش.

س: كيف تقيمون دور اتحاد كتاب المغرب في المساهمة في إنعاش الوضع الثقافي المغربي؟ وكيف تعلقون على الشلل الذي أصاب عمل هذه المؤسسة في السنوات الأخيرة؟

ج: إن وضع هذه المؤسسة مؤسف جدا, والدليل على ذلك هو أني لم أحضر لا المؤتمر الأخير للاتحاد, ولا الذي قبله ولأننا في إطار الانفتاح والديمقراطية وفي إطار التعددية, أقول بصراحة عبر هذا المنبر, إن طريقة الانتخاب تكون بشكل عشوائي, ولا تتم الانتخابات بطريقة حرة. فكيف يمكن تقبل أن يفرض علينا الرئيس والكاتب العام, فهذا شيء غير مقبول أقولها بكل صراحة. فأنا أتمنى من هيئة تحرير الجريدة أن تسمح بنشر كلامي هذا, وإذا لم تسمح, فأنا سأقوله, وسبق أن قلته أيضا.

محمد زفزاف هو نفسه, واللحية هي نفس اللحية, والكوفية هي نفس الكوفية, لكن ماذا عن موقفكم من الأشياء التالية.

س: الشعب المغربي؟

ج: شعب عظيم

س: المرأة؟

ج: كل رجل وراءه امراة, قد تدفعه إلى النجاح وقد تدفعه إلى الهاوية.

س: مؤسسة الزواج؟

ج: إذا كان هناك توافق لم لا خاصة أن الإسلام قد حل مشكلة الزواج بالطلاق, حتى وإن كان أبغض الحلال عند الله.

س: المسألة الأمازيغية.

ج: ذاك امر يهم أصحاب المال من الإخوان الأمازيغيين. إذا أرادوا أن يهتموا بلهجتهم أو لهجاتهم.

س: الحكومة الحالية؟

ج: كما قلت في حوار آخر إنها نواة مغرب الغد.

س: بطالة الخريجين؟

ج: إنه شيء مؤسف حقا.

س: حقوق الإنسان بالمغرب؟

ج: نتمنى أن تحل هذه المشكلة قبل ستة أشهر.

س: الثقافة الشعبية؟

ج: يجب أن تعلمن وألا تبقى محكومة بالفوضى.

س: السينما المغربية؟

ج: شاهدت أفلاما جيدة لأسماء لا أذكرها. لكني شاهدت تجارب أخرى متعثرة.

س: الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية؟

ج: لا فرق بين الأدب المكتوب بالفرنسية, والأدب المكتوب بالعربية, فالمهم هو أن الأدب الجيد يفرض ذاته.

س: ماذا عن زملاء الكتابة؟ محمد شكري

ج: إنه مريض وأتمنى له الشفاء.

س: إدريس الخوري؟

ج: كاتب جيد ونعتز به.

س: في سؤال أخير, ماذا يمكنكم أن تقولوا للقراء وللمثقفين ولباقي الجهات في المجتمع المغربي ؟

ج: أقول يجب الاهتمام بالثقافة, لأن شعبا بدون ثقافة هو في عداد الموتى, كما أقول للدولة, أن تهتم بزرع الأشجار في هذا البلد, وهنا تحضرني كلمة قالها لي أحد الكتاب الليتوانيين (ليتوانيا): غاباتنا هي بترولنا. على المغاربة أن يغرسوا عددا كبيرا من الأشجار إلى جانب اهتمامهم بالثقافة, وعليهم أن يهتموا ببحارهم وبأسماكهم التي يسرقها الآخر منا. إني أركز على ضرورة الاهتمام بالثقافة لأن المغرب هو ابن رشد, وابن خلدون, وابن بطوطة, ولسان الدين بن الخطيب.


منقول عن:
منشورات الموقع - حميد تباتو: حديث الاختـلاف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى