محمد آدم - دائرة انعدام الوزن

فصل
[ 1 ]
[ يأخذ الرمل قنديله ويغادر صوب البلاد البعيدة واللجج النجم
من أوعز - الآن - للقمر المتلثم أن يتأبط صارية الغيم أو يتزيى بقافلةٍ ضالةٍ
وسماء رمادية حارقة
تتألب بين ممرين من جبل شاهق وبلاد أثيمة؟؟
طيور تحط على مدد شاسع وتغادر أحراشها
ثم تنكش ريشاً من الأبيض المتخضب بالدم لون خضرتها فاقع
ثَمَّ غيم يزنر فى الأرض بهجته ويفضض أردانه ويسافر
غزال طريد يفتش فى الأرض عن نأمة
يستكين إليها
ويبحث فى الغور عن قطرة حرة
ليس فيها من الخوف ما يتراءى له حين يفرد للريح ساقيه
أو يستقيم إلى بقعة خضرة.. وينام إذا ال..
شمس أعطت تفاصيلها لتفاصيله
فاستقر وحيداً
لموتٍ وحيد.]

فصل
[ 2 ]
[ يد الله آمنة
حين أرخت عليه شقائقها وانبلاجاتها
أوَ كانت على الأرض كل ارتحالاته؟
رجل كان يتبع سيدة
حين لامسها الظل والشمس مدت من الغيم سجادة كان سنبلها
يتفتح
أوراقها قصب من هواء صقيل
هى الآن محجوبة بالكواعب والقاع ريم
وكانت تمر على الماء والآل
والأرض مقصورة من بهاء
حميم.]

فصل
[ 3 ]
يتابع رجل غيمته
فتصير نوافير من جمرة الضوء
تبعد وتدنو كل حين بإذنها واحتراقاته
هى علامته
وهو علامة عليها
أتراه إذن يعرفها قبل أن يلتقيا
وقد نقش اسمها على خارطة جسمه
وافترش باحة دارها ليلاً وأتاها على حين بغتةٍ من نهارٍ مشمسٍ
وأرضٍ رطبةٍ
وبلادٍ تتلصص عليه
وهو يقظ يحفظ دقائق أوجهها وتفاصيل جسدها المنتصب أبداً
فى الفضاء
ولا يفصح عن اسمها لأحدٍ فيعرفها
أما هى فبعيدة
كنجمةٍ بازغةٍ
فى سماءٍ مفقودةٍ وأرضٍ مراوغةٍ.

فصل
[ 4 ]
هى علامته وهو علامة عليها
فهل يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
وعنده من المعرفة فوق ما يعرف من النعمة
وما لا تعرف من الجحيم
وله فيها ما يشتهى من الخمرِ المعتقةِ أما مُدُنهُ فخاوية
إلا من زهر أسود
وقمر منطفىء
وأجساد مضيئة وميتة
وحجارة متواطئة ومصقولة بدم كذب
والميثاق بينه وبين السيدةِ ماس مصفوف على الأسرة وفاكهة عطنة ومحرمة
لزمن قادم مستتر
بين السرة والـ.. فخذين اللدنين
والعرق الصاعد النازل يجرى
كخيطٍ شفيفٍ
على أخاديد الظهر
وخواتم الجسد الخضراء
وسنابل الردفين الكهرمانيتين
وقناديل الشفاه البازغة والأسرة قطيفة وزعفران
وحجارة الجدران من ذهب خالص ولآلىء من طحلبٍ حامضٍ
فماذا سيفعل بأسماك رغبته الحمراء إذن وماذا سيقول لها فى آخر الليل
وهو لمَّا يزل يستقبل الفجر بجلابيبه المتلفعة ببهاء النجوم
وشوارد الأحلام؟!

فصل
[ 5 ]
كانت الرغبة المتوحشة شجرة متوحشة
ومليئة بالبرتقالات الناضجة والحامضة
والأغصان مشتبكة بوبرها وغبارها هل تحيل ممراتها فضة؟
حتى إذا أخذت الريح زينتها وأتت من كل فجٍ رحبٍ لتناوشها
وتتكىء عليها
خرجت الشمس محلولةَ الشعرِ وعاريةَ الأردافِ
والأوراق جنود مجندة وبروج مستنفرة تقذف بالحجارة والحمم
على كل من يقترب أو يحاول الملامسة هل يفكر فى الرؤيا
والشمس على جذع النخلة تتأود
وتتخلع
كامرأة ثملة وغاوية
وما من رجل واحد يمر عليها أو يعرفها فيلقى السلام.

فصل
[ 6 ]
حمل الرجل صرته
وودع الشجر والجبال والبيوت والشمس والقمر
وطفق يضرب فى الأرض مثل بائع متجول أو كعابر سبيلٍ
ويلوح بذراعيه لسفن الورق الباهتة
وفراشاته المختبئة على أزهاره الحجرية
وأومأ لجذع نخلة عجوز
- كان قد نسيها قبل ألف عام -
هى امرأة من دم الأرض والنخل
أغفت قليلاً على سرة الضوء
قامتها تشرئب إلى قصر مرمرها
بيتها فضة
ثَم ريم على القاع يجرفها بينما تتلفلف بالزهر والشمس هاضامر
خصرها
ومناديلها من سماء ترابية ودخان
حين لامسها كانت الأرض من جمرةٍ
تتوقد
من يدخل الآن مخبأها
والطيور السماوية المشتهاة ترفرف فوق ذؤاباتها وممراتها زبد
من فصوص الحدائق
والأرجوانِ.

فصل
[ 7 ]
خيول كمثل الحصى والتراب
ويخرج وجه وحيد بين حوافرها والتراب له شهوة
ليس لى أن أرج دمى فاستمع
أسمع وقع خطاى
دمى غارق تحت قمصان أشجارها والسما شرر وغناء رفيف
فتهتف بي: ما الذى أبقاك فى الليل قرب فراشى؟
أنا... دثرينى
تنهدت وانفتل العظم أرجوحة واختلطت بأوردة الماء والغيم
شعرى يطقطق
وبإيماءةٍ خفيفةٍ خفيةٍ منها دخلت إلي تويجة الجسد
وحانات الأعضاء
فعرشتْ علىّ وحللت عنها مئزرها الصوف
فانكشف الجسد عن هيئته الأولى
ومثلما كان فى لحظة الخلق والأمر
وترجلت فى أرض وعرةٍ وسماوات غريبة وقلت: يا هذا من
أسرى بك ليلاً إلى هنا؟؟
والدروب وعرة والمنزلقات خطيرة وليست هناك من نجمة تدلك
أو دابة تحملك وما من أحد يغويك على حراثة الأرض وفلاحتها
وليس هناك من نهر قريب فنشرب منه أو نسقى خيلنا ورحلنا
أمجنون أنت لتفعل ما فعلت؟ وماذا حل بك من خرابٍ ونقمةٍ
فتأتى إلينا
حيث لا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا كواكب؟!

فصل
[ 8 ]
دعكت أعضائى بوهج المحبة السافر وتوضأت بالخمرة المزبدة
وغسَّلت أطراف جسمى بريقى المحترق الجاف
ونشَّفت جسدى بأريج الليمون وخمائر البرتقال
وانفلتت نجمة وحيدة
تدور فى فلك جسدها المشع المسيج بوحشيته
وطراوة أعضائه وزهوره المتوهجة المترامية الأطراف
وتوجت نفسى ملكاً على فضاء نفسى
وانتظرت ألف سنة
فخرجت وردة صغيرة بورقة واحدة فقلت:
وردة وحيدة
بورقة واحدة؟
وفرحت بها وجلستُ.

فصل
[ 9 ]
وكانت قطرة صغيرة من الندى تتلألأ على طرف الوردة الوحيدة
وفجأة
رأيت شمساً تشرق من قلب الوردة الوحيدة فقلت:
دثرينى.. دثرينى أيتها الأختُ الوردة
فنضت الشمس عباءاتها الذهبية
ووقفت على مقربة منى لتستمع إلىّ فقلت: دثرينى...
أنا بردانٌ ولا من دابة هنا أو نأمة هناك فآنس إليها وأكلمها
ومذ أتيت إلى هذه البلاد لا أجد أحداً يكلمنى أو يؤوينى
فضحكت الشمس منى
وفككت عروة ثوبى
فأصبحت عارياً إلا من .... و...
كان علىَّ أن أقطف الوردة الوحيدة ورقة.. ورقة..
لأستر بها عريى فلم أفعل...
ونمت تحت ظل الوردة الوحيدة ألف سنةٍ
واستيقظت على صوت طائر يطير ويرفرف بجناحيه البنيين
ويضرب فى الفراغ بريشه المراوغ الأخاذ ويعلو ويهبط
فى دورات متتابعة وأنا أدعك عينى وأفتحها.

فصل
[ 10 ]
هل أنبتت السماء زهوراً ومن أين أتى الطائر الجبلى الوحيد؟
وماذا أنا فى مثل ذلك اليوم؟ كيف أضرب فى القاع وحدى؟ آه..
الصحراء شاسعة ولا أحس إلا بجسدى يعرش علىَّ
ولا يمكن لجسدى أن يكون زوجين اثنين..!!
فأخذت أجدف فى الرمل
وأفتل من حصيرة الهواء سلماً
وكلما أمر علي واد غير ذى زرع أشعل فتيلة جسمى وأرتل أورادى
فلا أجد على النار هدى
فماذا تكون الشمس والقمر والنجوم إذن؟
وأفقت ذهولاً
فإذا بالطائر الجبلى الوحيد يقف على جذع جسمى
ويخلِّع بضع شعرات بيض من رأسى ويمسح على عينى
ويهدل هديلاً جميلاً طويلاً.

فصل
[ 11 ]
كيف أعطى لجسمي قانونه؟
ولشكلى هندسة فراغه؟
ولشهوتى طقوسها؟
ولبدنى انكسارات ضوئه؟؟
كيف يكون الدم ماء
وأنا وأنت نضرب فى العماء الغُفْل ولا شىء نصلى ونسلم به
علي أهل هذه البلدة
وكيف يكون لشجرةٍ مثمرةٍ أن تعطى ثمراً عطناً
فلا يأكل الطير منه
ولا يتبقى بها غير فروع ذابلة محتضرة
ودم متخثر موبوء
وماذا عن قانون العالم إذا نحن لم نحاول اكتشافه ثانية؟
أما من امرأة وحيدة تكون سكناً لى وأقر بها عينا؟

فصل
[ 12]
وكلما أحاول أن أعجن الرمل وأخبز الهواء
وأدثر بجرح الأرض
وأنتخب من الشجر ذرية
ومن الشمس
كرة
لأطفال لا يجيئون غدا
تنسرب الأسئلة من رأسى وأراود نفسى عن القتل والقنص
هل فى ذلك قسم لذى حجر؟؟
تعبت عينى من النظر
وأذنى من السمع
فماذا سأفعل بالبالونة الصغيرة التى تستقر فى داخلى
وهى هى
مليئة بالثقوب والأورام
ومتى تشرق شمس الغد ثانية فأراها..
مثل خطاياكم متوهجةً
ولا معة؟؟

فصل
[ 13 ]
حصاة الرغبة الصغيرة ماذا أنت فاعل بها
وأنت جالس على عرش العالم
وفى يدك كرة ذهبية تدحرجها نحو الأرض وقتما تشاء
فمرة تكون حديقة من الدم مزدهرة
ومرةً
تكون قطيفةً متدليةً متعددة الألوان والشرائعِ
وتارة تكون قطيعاً من الماعز الجبلىِّ
تسوقه للذبح عصر كل يوم
وأنت فى مكمنك الأبدى
تراقب أخاديد الدم المنسرب
صوب الأنهار
والبحر ليس بملآن؟؟

فصل
[ 14 ]
هل تشتعل السماء وتنفجر كرة الأرض؟؟
ساعدونى على أن نشعل النار فى العالم
ونقيم مكانه أعراساً جديدة
وخرائب أخرى
ولكنها
على كل حال ستكون أقل سواداً مما هى عليه الآن
كيف يمكن أن نسكن الأرض
ونعلم أولادنا سكنى الأقاصى ومدن المستقبل؟
فنضع وردة على كل بيت ونقول لأهله انظروا:
هذه حضارة آتية
ومدن أخرى لم تطؤوها من قبل.

فصل
[ 15 ]
كانت الكائنات الحجرية حشرات بريةً بعيون تفح شرراً
وها هى أجساد على هيئة الآدميين تركب سفينة واحدة
فى بحر لجى
ظلمات بعضها فوق بعض
وتطفو السفينة حينا وحيناً تشارف الغرق
والموج طام
والصراخ يرتفع عالياً من كل جانب
قالت امرأة فى السفينة لرجل وحيد: إلى أين نحن ذاهبون؟
فأشار إلى البحر..
وأخذت المرأة الوحيدة تمسك بجثث الأطفال
وكلما مروا بموجة
قذفت بواحدة إلى البحر
والرجل مشغول بقناديله المنطفئة
وهو يضحك ويهذى.. كالمجانين: ارفعوا الشراعات عالياً..!
عالياً
غير أن موجة طامية طاوية أتت زرقاء مسرعة
ولها صوت عظيم كأنها القيامة
فانخلع لها كل من السفينة وانفزعت الأجنة فى الأرحام
وأخذ كل واحد من السفينة يصرخ ويبكى
والشمس تتأرجح تأرجحات لا معنى لها.

فصل
[ 16 ]
قالت امرأة فى السفينة:
تخلصوا من المؤن والذخائر فازدادت الموجة علواً والسفينة
تمايلاً وصاح رجل كان مشغولاً بتماثيله
ألقوا بالعجائز والمسنين إلى البحر
والريح تصفر صفيراً مجنوناً فازدادت السماء زرقة
والموجة علواً
والجثث تطفو وتطفو.. واحدة إثر الأخرى
وتغمز لكل من فى السفينة
كانت اللغة غير مفهومة والحروف أخذت شكل كائنات رخوة
وصُلبة بأجنحة من نارٍ
وعيونٍ تفح شرراً وسواداً وظلمة وسُمع ارتطام ما فتناثرت
الشهب جارحةً
وصارت السماء ثوباً ممزقاً ومرافىء غير آمنة
فمن صعد إلى السماء ونزل
ومن صرَّ الماء فى صرة؟!!

فصل
[ 17 ]
احتوت الموجة السفينة فتطايرت الألواح وسكنت الآلات وهدأ كل من فى
القاع
وبقيت وحدى معلقاً بين البحر والسماء
فأخذت أهتف:
يا فضة النهار ويا زبد البحر
أين هى الأرض فأعيِّد عليها عيدى وأقيم طقوسى وأقدم قرابينى
وأمسح جلدي بورقها الباهت المصفر
يا فضة النهار ويا زبد البحر أين هى الأرض
فأهجم عليها بكُلِّيتى
ولا يتبقى عليها من ذرة أو رملة
ولا شجرة معلقة فى فراغ نفسها إلا وصرت ورقة من أوراقها
وخلية من خلاياها؟
أين هى الأرض فأمسح بها جسدى
وأدعك جلدى بفضتها
ها أنذا قد صرت عارياً ووحيداً
كلمينى أيتها السماء فأسمع صوتك
دثرينى أيتها الأرض
فأبدأ حلمى صاعداً إليك وهابطاً.

فصل
[ 18 ]
امنحينى أيتها الأرض حبة وحيدة من الحرية
فأوزع فصوصها علىَّ
وها هو الجبل عالٍ وشجرتك بعيدة عنى
دمى بقَع وجه الأرض
ولطَخ حدائق القمر
لقد خفت على ألوانك الذهبية من دمى المتخثر وموَالى الحامض
أيتها الشمس
أين صورتك فى عينى وبهاء نفسي؟
وماذا عن السيد الجسد والمرأة التى وهبتها كل شهوة لى
وهى ليس ملكى؟
أحترز منك بكائناتي الضالة
وقططى الميتة
وأحترز من كائناتى الضالة بك
أنتِ..!!

فصل
[ 19 ]
غناء يأخذ شكل الحنجرة الخضراء
توقفتُ تحت عين الشمس الحمئة ونظرت إلى الوادى:
أ - نمل يسير كجيش بلا ألوية
عصارة السماء قطع متجاورات وغير متجاورات من الدخان والمُهل
وغرابيب سود
وأبنية هرمة
ومساكن خاوية إلا من السنط والعصافير مشتعلة
والمسافة بين كوكب وكوكب
أقصر من المسافة بين الضحية وقاتلها
ولا مفر.
ب - النمل يزحف على الشجر
ومداخل الطرق
ويتخذ من الجيال بيوتاً
ومن الشجر سكناً له وإقامة
وهو أبيض وله رءوس مدببة كأنها الإبر وطلعٌ كأنه رؤوس الشياطين
فقلت:
أما من رحمةٍ واحدةٍ؟!
فأصابنى وابل من مطرٍ أحمرٍ ونفايات قمر مخنوقٍ محترقٍ
وكانت نخلة وحيدة فى قلب الصحراء
والشمس والقمر فى كل ليلة يأتيان إليها
والنجوم تتقبقب على ذؤاباتها كأنها جثة الزمن
وأشلاء عصر الطاعون.

فصل
[ 20 ]
ج - أهيىء نفسى لعاصفةٍ هى الخلاص وخلاصٍ هو العاصفة
د - أصنع من جسدى خميرة المحبة الواهنة
وألهو به أمام الأطفال لعلهم يفرحون
فإذا بهم يرجموننى بحجارة أرواحهم الضائعة
وشجرات طفولتهم الهرمة
وينظرون إلى شزراً وأنا أقول لهم:
تعالوا إلىَّ يا جميع المتعبين وأنا أريحكم.

فصل
[ 21 ]
ص - أرفرف بجناحين مشتعلين وأرقص على زبد الماء
وأؤاخى سمكاتى الذهبية فى كل الجهات وأدعو طائراً إلىَّ فأكلمه
وأراقصنى تحت شجر الوحشة
وعناقيد الغضب المشتعلة
وأجفف مساحة أخرى من الضوء
وأوزع على كل الجهات دمى وبقاياكم ثم أباركه فيكم
وأدع فى رحم كل امرأة طفلاً يحمل كل علاماتى
وقياماتى
فما من أنثى تحمل أو تضع إلاوتكون المحبة هى شجرتها الخضراء
وبيتها الذى تأوي إليه
ع - أخبىء بين كل تويجة وتويجة مدينةً مطمورةً وملامح لذرية منقرضةٍ
م - أما من أحد...
ك - تحت كل زهرة شمس صغيرة وسماء لوطن يقوم أو مملكة تشبههُ
س - متي يكتب كل منكم قصيدته بلغته التى تشبهه وحروفه
التي يأويها
ويربيها تحت سقف بيته كالأرانبِ
وقطط الفخار المشتعلة وممياواته
ولا يحتاج إلى لغةٍ أخرى ليكون ابناً من أبناء المستقبلِ
ن - أما من أحد...؟؟!

فصل
[ 22 ]
إشارة
يأخذ الدمُ شكل الأتربة ومخدَّات النومِ ومحارات الأرغفةِ
ومربعات الزجاج والألوان وإشارات المرور
وتذاكر السفر
وحانةٍ قديمةٍ
وجسد امرأة ثرة ورجل عجوزٍ
فمتي نفر من أسمائنا الضيقة إلى مسمياتنا الرحبة
ولا يكون لنا شكل الحلازين؟
وتأخذ الأرض شكلَ عباءة رجل كهل تعابثه ريح عقور
وشجرة مقطوعةً على ضفة نهر قديمٍ
هجرته بهرجة المياه وظلال الحساسين
وليس على القاع سوى ذكريات ماء
ودم لزجٍ
وضفدع يقرع ويتناسل بحيوية كأنه الجراد المنتشرُ
وتأخذ السماء شكل قبيلة مندثرة ولوحة فارغة
من الرسوم
والألوان والشراشفِ.

فصل
[ 23 ]
كيف أمسك الفراغ وأزين به نفسى
كيف ألون الضوء
وأضع بين كل فراشة وفراشة مقعداً لرجل وامرأة وطفل؟
كيف أضع بين كل زهرة واسمها مساحة
لحلم..!!
كيف أدخل جزيرة الهواء
وأتوج نفسى ملكاً عليه
وأجلس على أريكة الفضاء الخالية وأرتب أمراً ما
ليس الجنون أو الغفلة وليس النوم أو اليقظة
وأجلب لكم من كل حديقةٍ
زوجين اثنين...
لتشهدوا عرساً لكم بعرض السماوات والأرض؟
وكيف أجعل اللغة سهلة فلا تقف على أبوابكم حائرة
فتفهموننى ولا تطاردوننى
من على أبواب حناجركم وأدمغتكم المملوءة روثاً
وخرائب كأنها الضحية تُجز بالسكين؟!

فصل
[ 24 ]
هل اللغة قطط موبوءة وكلاب ضآلة فتركلونها كالنفايات؟
إذن احجزونى فى قفص أرواحكم الضالة
وسيجوا علىّ جدران سجونكم الباردة واقفلوا علىّ بالأقفال
كى لا أفر من زنازنكم
إلى متاهاتٍ لا أول لها ولا آخر..!!
بين اللون ونقيضه مساحات فارغة
وعلى الأرض
بقع من ضوء جاف وهواء أسود
ودم فى الأركان...!

فصل
إشارة
[ 25 ]
أقتنص من النوم ساعةً وأدخل فى حديقة الجسد
الملىء بالقطوف والوعول
وأركض فى اتجاه البحر.
أقطف غيمة برية وأتشح بالضوء والإقامة
وأقول لجسمى: هل امتلأت؟ فيقول.. هل من م.. ز.. ى...؟!
أطلق نحوك فراشة الجسد المسكون بغواية الجسد
وغابات الشوك الحمراء
وأمسكها ساعة أو بعض ساعةٍ حتى تشقق الأرض
ويكون لها طعم الكمثرى وبرتقالات الضوء الناشف
وعناقيد العنب المحمر وشجر الخشخاش الـ
مكتنز بجذوره وتشققات أوراقه ونزوعه وأفسح لنفسى
كوكباً عن يمينكِ وكوكباً عن شمالكِ
وآخر وراء ظهرك
فلا تعبئين بى أو تنظرين إلىِّ
هذه ساعة الإقامة فى مدار الثبوت ووحشة الطريق فى مدار سفرٍ
طويلٍ
ليس على سوى الانتظار
إذن.

فصل
[ 26 ]
أفتش عن خيمة قريبة خضراء وأرتب فيها مراسيمى بيدىَّ
غير أنك تأتين فى ساعة متأخرة وتكشفين عنك غطائى
فأقول لك
زملينى... زملينى.. دثرينى... دثرينى
وبإيماءةٍ خفيفةٍ منك أدخل حدائق النهار المزينة بالإثم
والبراءة
وأطفو قليلاً على العشب
وتفاح الألم المخضر وأشلاء الحلم
وأكتب بحبر جسمك المرتعش
نشيد الطفولة الموءودة
ونشاز العالم المنهار
وأدعو غيمة ضائعة إلى مائدتى وسكناى والإقامة فى بيتى
وأغرس لك شجرة مخضرة تسمينها الحرية
فتغرسين أمام دارى غصناً من غصونها المتفرعة وتكتبين على
كل ورقة
هذه دوربك الوعرة وجنتك الموعودة
المفقودة.

فصل
[ 27 ]
حينئذٍ..
أغزل لك ثوباً من بقع الشمس وبقايا النجوم وزبد البحر وفضة الماء
وأرصعه بجثث القتلى وحدقات الجرحى
وتأوهات الألم المشع
وخرائب العصور
فتضحكين ولا تبكين
فكم تكرهيننى وأحبك
وأكرهك فتحبيننى
يا أنتِ: أيتها المرأة الحجرية اللعنة عليك ثم اللعنة عليك وإلى أبد الأبدين
فليس جسمى مركباً لك أو خفاً تدوسين عليه
لنسم الأشياء بأسمائها
سرتك كأس مدورة ولا يعوزها شراب ممزوج
وخمرة يدك لذة للشاربين
جسمك قطيفة مصبوغة بالعشب والشقائق
ولا يقيم عليه حارس
ولا تؤدى إليك هاوية هاوية
ولا يقر لكِ جسد على شريعة ما
أما أنتِ فشريعتك حضورك الذى هو غيبتك
وغيبتك التى هى أبقى
من كل حضورٍ فى نفس الوقت.

فصل
[ 28 ]
يمينك كرمة عنب ودوال لا مقطوعة ولا ممنوعة
وسرك ذائع فى الآفاق
وكلما قطفنا من ثمرك الشهى شيئاً
تفتقت الكرمة
واشتعلت العناقيد
وتكشفت لنا سوءاتنا التى لا أول لها ولا آخر
عينك شمس الله
يا الله...
كيف أخبز لك الفرح الدائم وأقدم لك المسرة
يا أنتِ
أيتها المرأة الحجرية
كم أحبك وتكرهيننى
وأكرهك
فتحبيننى..!!

فصل
إشارة
[ 29 ]
أزين نفسى لبهرجة الطفولة وطقوس الحلم وإدراك الحواس
وغير الحواس من سفر وركض ولهوٍ ولعبٍ وزينةٍ
وموت هو النعمة ونعمة كأنها القيامة ولا شىء بعد
وأتهيأ لمنازلة النوم والسهر
وكتابة تمائم الشجر وأحجية الليل
وحشرجة الأجنة
وأتتبع منازل الشمس والقمر والنجوم
وأغفو على بواباتِ جسمك
إلى أن تقوم الساعة
وأفك طلاسم سحرتك وسحرك
وأسرق نار المواءمة بين جسدى وعجينته الأولى
وبين الأرض ومسامها البعيدة القريبة وليس علىّ من سلطان إلا أنت
فأرسم فضاء نفسى بنفسى
وأزينه لعينى..!!

فصل
[ 30 ]
هل البحر كتابة أخيرة لسماء ثامنة
لا نرى منها غير الزبد والمحار والطحالب الميتة الخضراء وغير الخضراء
والمراكب الغارقة
والألواح الطافية
والسمك الأبيض المتوحش
وبقايا دم منقرض لعصور
باهتة منقرضة؟
أشتهى وردة بألف غصن
وامرأة ثرة تكون شجراً زاكياً ولباناً مراً
وعليها وبها يختصم الشمس والقمر ولها عرش نضيد.
يأخذ الرمل قنديله
ويغادر صوب البلاد البعيدة واللجج النجم
من أوعز الآن للقمر المتلثم أن يتأبط صارية الغيم
أو يتزيا بقافلة
ضالةٍ
وسماء رمادية حارقةْ
تتألب بين ممرين من جبل شاهق وبلاد أثيمة؟؟

فصل
أغنية صغيرة
[ 31 ]
مشاهد الغياب والحضور. لزمن محدوب مكسور
الوجه كوكب يدور
والأرض ناقة خضراء. تسير تحت قبة الدماء
والشمس بقعة حمراء
فى ثوبها المهدم المنسوج بالعظام والأشلاء. والريح مخبأ الجثث
رأيت نخلتين من زبد وماء
تخرجان من غيابة السماء
والطائر القديم
مسمر مصلوب فى الفضاء
والريش شاهد القتيل والدليل
هل كانت السماء علامة الدماء أم كانت الدماء علامة السماء؟
رأيت كوكبين من لجة ونار
يبكيان جرح الأرض
وينضوان زهرة الرصاصِ والحديد.
الوجه كوكب يدور...
والأرض ناقة خضراء
تسير فوق جثة الدماء..!!
كانت هى علامته
وهو قيامة عليها
تابع رجل غيمته ومضى...

فصل
إشارة
[ 32]
سنبلة فى غرفة نومى تتفتح
شجر مسكون بالضوء وبالكلمات يكلمنى
زهرة صبار تنبت فى حلمى
وتنادمنى
تأكل من خبزى وتشاطرنى كل مسراتى وهزائم بدنى وطقوسى
أشلاء عيون متبلورةٍ فوق الجدران تحدق بى
ماذا يفعل طلع النخل المتبعثر فى أرضى
وسفائن جسدى الغارقة بقاع البحر وأصداف الماء
أقدام عارية تدهسنى
فتفتت لحمى
وتذرينى للريح الهاربة من الجنات
ووحل الأزمنة الهرمة
وطواحين الموت
وبقع الضوء الغاربة المعتكرة.

فصل
[ 33 ]
وطواط يطوق بابى - مبهوراً - ويحلق فى سقف الغرفة
أقذفه بالنوم
فيرجمنى بحجارة أحلام متحجرة وبقايا شهوات نازفة وعصور
منطفئات
سيدة تشرق فى الليل فتترك فوق الجدران مناشفها وضفائرها
وتحل على الشمس المخبوءة تحت وساداتى مئزرها
ثم تشير على بأن أتبعها
حتى هاجسة النوم ومطلع شمس حمئة
تفرد شالاً من وحدتها الخضراء على طرف غواياتى
وتفض على جسمى المتغضن أزياء أنوثتها
فأقوم وأتبعها مجنوناً من فرط الرغبة
جسد معجون بالعاج وبالحناء
وملفوف بحرير المحبة وسلاسل الضوء
وتنهدات الأجنة
وثدى كزمردة خضراء
وعينان من اللؤلؤ المصفوف على مقاعد اللون
وأرائك الخضرة المذهبة كأنها الزبرجد واليواقيت
والصدر خليج من العسل المصفي والمرجان المكنون
وسرتها كأس دامية ومصبات صاعدة وهابطة لنار لا يسهل
اكتشافها
وجحيم كأنه المأوى
تحت شمسٍ هى الرحمةُ
ومحبةٍ كأنها النعيمُ.

فصل
[ 34 ]
أتأهب لمنازلة النوم
يمام يهدل فى ذاكرتى
ويعشش فوق خرائب أرصفتى ومناراتي المعتمة وبدنى الشائخ
أشعل قنديلى المطفى وأتبع بعض غواياتى
- الشراشف والنوم أم حلم عابر غطسته المرايا
ذهولاً أفقت -
تراءت لي المرأة - الحجرية - واقفة بين ماء ونار
أكانت هى الجمرة المستكنة فى مرمر العشب
ترسم وقع خطاها دماً...
وشموساً من الصلب
معروشة فوق قبة جسمى
والنجمة المستفيقة فى الغيم نوارةً
لزمان مضى
وزمان يجيء؟؟

فصل
[ 35 ]
ترسم الشمس كحل جسدها على رمل الأفق
المزنر بتقاطيع البداوة بخيوط من نار وأرجوان..
ودوائر من بنفسج لدن باكتناز الأعضاء
وخصوبة البدن الحى.
كأنها الأرض فككتها شهوة العطش
والنعاس
ووجع انفلاق الرحم بالرحم عن حبة النوى وبراءة الأجنة
وطفولة الحلم
هل هى الرحم
الأرض؟!

فصل
إشارة
[ 36 ]
كان رجل يسير مشغولاً بفضائه وامرأة تسير مشغولة بفضائها
والتقيا فإذا هما..
ورقتان لشجرة وحيدة
آثرت أن تظل واقفة هكذا ومعلقة فى الفراغ سنين عدداً
وكلما أقتربا أو تماسا كانت الشمس واقفة لهما بالمرصاد
والقمر يصعد ويهبط ليفر من منازل السكون والحركة إلى
مشارق الأرض ومغاربها
وهما يضحكان..
وينضوان من على جسديهما الشفيفين أردية القنوط ليدخلا طقس
الأشياء وطفولتها
ويجددان عهدهما بمواثيق لا تنفصم
وشرائع غير مكتوبة أو مدونة
هى علامة عليه
وهو قيامة لها
تعرفهم بسيماهم كلما التقى الماء بالنار
وأخرجت الأرض أثقالها.

فصل
[ 37 ]
واقف...
أنت فى مكمنٍ ضيقٍ حرجٍ
تراقب تفتح الجسد لوردة الجسد وامتلاكه لزهرة الشهوة الرابية
وتويج الأنوثة المنفرط على طرقات الليل الصُّلبةِ
والنهار قبة غاوية غازية لجسدٍ منهزمٍ
ومكنونٍ...
في سماءٍ بعيدةٍ
لا تشرق فيها شمس ولا تلتقى بقمرٍ إلا بمقدارٍ
فلا تتقابل المسارات
ويتفرق الحلم كأنه الفتات والأشلاء
وتنفك عرى الرؤى فلا يتبقى لديك سوى الحصى ووسوسة الحُلِى
وأزهار التراب المجففة وشجر النسيان الصاهل
على امتداد السمع والبصر والفؤاد وما أنت بمسئولٍ
عن كل ذلك ولا هى بمسئولة وكلاكما
فى غَيَابتين من غيابات الزمن لا تلتقيان إلا فى تواردِ الأحلامِ
وسنابلِ الخواطرِ الدامعةِ.

فصل
[ 38 ]
متى يقبل النهار أعزل وكأنه الطوفان والليل من ورائه جيش محيط
بألوية ودروع
كانت هى وردته
وهو وردة عليها
يستند عليها بجذعه ويقدم لها القرابين فتقدم له كأس الدمع
وحموضة المحبة
وبرتقالات الوجع الأخرس
فأى علامة تلك وأى آية؟؟
ويقابلها فى منتصف النهار والليل فلا تقابله إلا من وراء حجاب
ولا تكلمهم إلا رمزاً.

فصل
[ 39 ]
قائم هو بالليل والنهار عليها والناس نيام وهى مشغولة عنه بحدائق الندم
ومشاتل القنص والقتل
فلا يعرف أى طريق يسلكه
وأى الدروب يجدها مفتوحة ليفر إليها
حيث لا وصول أبداً ولا رجوع دائماً
وكانا...
إذا قالا فاضا
أنت... مشغولة
بسقاية الحجيج وإطعام الضيوف من كل فج
وأنا فى كل يومٍ
أجيئك مزدهراً بغواياتى وقوانين بدنى المنهزم فتجيئين إلي
مكتوبة بوجعك الخالص وحكاياتك التى لا تنتهى
فكيف أفتح أمام جسمك بوابة العشق
وتطلين على من فُرَجِ القنوطِ؟؟

فصل
[ 40 ]
ها هى متاهة الجسد إذن...
أنت مكتوبة بوجع القديسين وأنا مرشوش بالصلبان
وتمتمات المساجد
وأضرحة الفقراء
علامة أنت على السهر والحمى
وهذه هى شجرتك الضاربة عميقاً والضارية
وجذورى شاهدة على ما أقول
شمسك منسوجة على جسمى أخاديد ووديان وهي بطقوسها
وتفتحاتها علامة لى
كانت هى وردته وهو وردة عليها
وهى قيامته
وهو قيامة عليها..!

فصل
[ 41 ]
شجر فككته السماء عروقاً من الذهب الأصفر
المتوهج فى الليل
والغيم حافاته
كان لباس شهوتها بروقاً
ضفائرها المليئة بالسماوات القريبة والنجوم..
دخلت حجرتها الوعول البيض والزهرات
قادتنى الخطى وَجِلا إلى طرف الحديقة والسماء ازينت بلباس
خضرتها
وها يسابق النجم المطيف تجاه غرفتها أوَ طرفها حور
ونار فراتها زجل
لطير غامض يأتى من الأيك القريب؟!
زجرت نفسى وأدرعت بشالها المعقود ما بين الضحى والليل
محبوس أنا فى لجة من ماء عينيها
فكيف أفر من برق
لبرق؟
وكيف يكون صوت حصاتها سكناً؟

فصل
[ 42 ]
استفقنا..!!
كانت رجفة الفجر المغبش بالعماء الغفل والأمشاج تعتلك
الندى والعطر
والنطف الخبيئة تشرئب كغابة مطمورة ما بين صخر الأرض
والسماوات
دانية قطوف الآل
هل قطعانها ذهب فأعرفها؟
أو اكتملت قوافل رحلها الحبلى بماء الخلق والتسنيم وانسربت
تفتش عن سلالة قطرة مخبوءة ما بين شعبٍ ضيقٍ حرجٍ
تمر الريح بين ذؤابتين
وينحنى جبل لصاعقة فأسكنه
ادرعت بشالها المعقود ما بين الضحى والليل
قلت: أخبىء الأشلاء من جثثى
وذاكرتى!!

فصل
[ 43 ]
هل ذاكرٌ أنت شكل المرأة التى فى حوزتك ولون جسدها وطعم
قرنفلها وحنطة بطنها
وعجين سرتها؟
وماذا ستفعل ساعة المد والجزر
وهى ليست ببعيدة عن هنا؟
هل خلخالها خشخشة الماء وبياض اللبن الحليبِ وفضة الغيم تطرز به
الريح
وتزين به أخاديد الشمس ومعارج القمر ومنازل النجوم
وهى هى غجريةٌ لا تحب سكنى الأعالى
وقمم الجبال
هى علامة على الموت
وأنت علامة على الحياة
ولا تهبط القرية التى أنت ساكن فيها
فلا تجىء إلا متخفية عن الرقباء والبصاصين.

فصل
[ 44 ]
عليها
عراجين وشهب وممرات وعرة كثيرة تسلكها
فماذا أنت فاعل بها
وهى عليك من الحسك والشوك ثوب لا يبلى ولا يزول فلا
تخلعه إلا لترتديه
وأنت لا تزرع غير الوحشة
ولا تحصد سوى الهباء والذر؟؟
هى آهلة بك وموعودة وأنت آهل بها وموعود..!!
فكيف يكون لجسد ثمل أن يكون آية لجسوم كثيرة
والماء بينك وبينها نخلة
تتفرع فروعاً كثيرة وميالة
وتمد ذؤاباتها فوق أرضٍ هى الشيخوخةُ
وفضاءٍ هو الجحيمُ
فلا تطلع عليها شمس أو يزورها قمر
إلا ساعة موتها
وحتفها؟

فصل
[ 45 ]
تمت لك النعمة والمجد إن هى أشرقت
لها ملكوت جسمك الرحب تتبوأ من الأركان حيث تشاء فمتى
ستأتى متبرجةً
ثملةً
وفي يدها تحمل عطاياك وقطوفَ جسدها
وأنت ذاهب نفسك عليها حسرات؟
ولها عرش عظيمٌ
إذا دخلته حسبته لجةً من قواريرَ وزمرداتٍ من لؤلؤٍ مكنونٍ
وإن خرجت منه
تكسرت عليك النصال
وانفطرت الأرض
وتشققت الجبال ولا تدرى بأى بلد تموت
وهى
عليك واقفة..
فلا تذهب نفسك عليها حسرات وقل لها فى آخر الأمر
سلام
هى قيامة عليك
وأنت قيامة عليها
طلعت شمس الفجر مذهبة عليك فاستفق.

أحدث المراجعات

محمد آدم من أهم الشعراء الذين عرفتهم الساحة الشعرية العربية بدون منازع .. شاعر من طبقة الشعراء الرجيمين ، أخطأه الحظ لكن لم يخذله الشعر ، فنأى بشرف وكبرياء عن الحفلات التنكرية للشعر..
شاعر لا تهمه الاضواء ، وأشعار لا تخطئها الذائقة الادبية المتبصرة منذ الوهلة الاولى
لا أزكي السيد ، ولا أتملقه ، ومن يكذبني
فها هو الشعر ، وها هو ذا الشاعر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى