الأحول الحسني - هذي مغانٍ حوت دعداً وذ بلَدُ

هذي مغانٍ حوت دعداً وذ بلَدُ = كانت تحلّيه أيّام الصبا دعدُ
فقف وسلم وسائل وابكها كمدا = إن كان يبكى مآقي طرفك الكمد
واقلب مجنّك فيها غير مكترث = خلّا يلومك أحيانا وينتقد
لا لوم في فعل مجنون تأوّبَهُ = قلب المجنّ بدور ما بها أحد
أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا = أخنى عليها الذي أخنى به لبدُ
سقيا لها من ديار بعدما جلبَت = سحبٌ بلاها ونكبٌ طرقها قدد
بل لم تلح من بقايا هنّ باقيَةٌ = إلّا الأثافي وإلّا النؤى والوتدُ
إن يبل كرّ الجديدين الديار ففي = طيّ الجوانح منها أرسم جددُ
حسبي من الوجد وجداني محاضرها = قفراً من اللاء أبغيها ولا أجد
بيضا أوانس لا يبقى معي جلدٌ = عنها وإن رمت أن يبقى معي الجلدُ
من كلّ غيداء ملء الدرع ما برزت = إلّا وزايل نفس المجتلى النكد
ما أعذب الوجد قدما أن تقرّ به = عينٌ وما أكذب الوعد الذي تعدُ
أيّام لم يعد دعدا لامرىء أودٌ = عنّى ولم يعد عنها همّتي أود
ألهو بها بين جارات تنازعُها سرذا وللهو من جاراتها مددُ
كم دار منى بنجواها ومنظرها = بين اللسان وبين المقلة الحسدُ
تلك التي حبّ أخرى قبلها فندٌ = عندي وحبّى لأخرى بعدها فند
أبرح بوجد إليها حمّ ما برحَت = من برحه تتشكّى خلفَها الكبد
لولا نوى آل دعدٍ ما بكيت ولا = أودى بي الهمّ بعد الهمّ والسهدُ
لكن نأتني بأرضٌ لا يبلغها = من عدة القرب إلا عيهم أجد
سرح اليدين سبنداةُ مذكرةٌ = مفتولة عن بواني زورها العضدُ
من أينقٌ من جيلٌ سرُّ والدها = عتق ووارث سر العتق ما يلد
هامت على وجهها في الروض مهملةً = شهرين حتى علاها تامك قرد
لا تقبل النقص من سير إذا عنقت = في السير أو طفقت في سيرها تخدُ
لو قارَنت أمس واليوم الدؤوب معاً = لم يمنعاها دؤبا يقتضيه غد
قوداءُ إن شقّ بالقود الوجى عجمت = منها الجلاميد رجل صلبة ويدَ
في كلّ بيداء لو تبغى القطاة بها = رشدا إلى بيض وكر عزّها الرشدُ
كأنّما تحت رحلى حين أزجرها = نهدٌ مشبّ أقب الكشح منفرد
ملّ الثوى من كناس بات يحصُرُهُ = فيه من الغيم قطر شابه بردُ
حتّى إذا ذرّ قرن الشمس فزّعهُ = غضفُ لديهنّ طرد الوحش مطّرد
فانصاع وانصعن يبغين اللحاق ولا = يجهدنَ في الشأو إلّا هبّ يجتهد
ثمّ انثنى بعد ما كادت شرامتهُ = تعيا وبالغ حتّى بلّه النجد
واعتام هاد يليه طعنةً بكُلىً = سلكى وولّى ولا عقل ولا قود
فهابه الغُضفُ لمّا شكّه حذراً = من قبل آخر منقوص به العددُ
بتلك أدنى نوى دعدٍ إذا يعدَتمنّى = وحسبي نجاحاً أن دنَت دعدُ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى