دريني خشبة - وجهاً لوجه.. أنا، وتوفيق الحكيم

ذهبت لأسلم على الأستاذ الزيات بعد عودته إلى القاهرة فوجدت إحدى الأديبات قد سبقتني إلى هذا الفضل... وهذا خبر لا يهم القراء في شيء...

إنما الذي يهم القراء حقاً أنني لم أكد أستقر في مكاني حتى فتح الباب ودخل الأستاذ توفيق الحكيم... فهل كنا على ميعاد؟

وعندما كنت أكتب فصولي في (شهرزاد) وأحلام (شهرزاد) أراد الأستاذ الزيات أن يعرفني إلى الأستاذ الحكيم... فاعتذرت... وقلت له حين سألني عن السبب: حتى أفرغ من هذه القضية بين الحكيم وبين طه حسين. . . وذلك لكي تصدر فصولي كلها بروح واحد. . .

ثم مضت الأيام، ولم أعرف الأستاذ الحكيم إلا من كتبه، ولم يعرفني الأستاذ الحكيم إلا من مقالاتي. . . حتى كان هذا اللقاء المفاجئ!

والعجيب أننا تصالحنا في لحظة خاطفة. . . ولم يكن هذا الصلح على حسابي. . . بل كان على حساب الأستاذ الحكيم الذي عاهدني وعاهد الأستاذ الزيات ألا يكتب كلمة واحدة ضد المرأة. . . ولقد رثيت له ورحمته وهو يوافقنا على ذلك، لأنه كان بحضرة الأديبة المهذبة فلك طرزي، فلم يكن في مستطاعه أن يدافع في قضيته بشيء

ثم دار الكلام في موضوعات شتى، حتى وصلنا إلى آخر كتب توفيق الحكيم، (زهرة العمر)، فلم أقطع فيه برأي لأنني لم أكن قرأته، بل لم أكن شهدته. . . وذلك أننا معشر الـ. . . أدباء (والسلام!) نفضل أن نشتري بنقودنا خبزاً لأولادنا هذه الأيام. . . على أن نشتري كتباً لأذهاننا، لأننا نجيد الاحتيال لقراءة هذه الكتب، حتى تسكت هذه الحرب فنشتريها كما يشتريها الأغنياء والعظماء، بل نعود كما كنا أحسن زبائن المكتبات

وكان الأستاذ الحكيم قد أهدى (زهرة العمر) إلى الأستاذ الزيات ولم يكن قرأه بعد، فوجدت من حسن الاحتيال أن أدعي أنني سريع القراءة جداً، وأنني أستطيع أن أفرغ من الكتاب قبل أن ينتهي الزيات من (تفتيح) صفحاته. . . فوافق الرجل. . . بشرط! أن أكتب عن الكتاب وطبعاً عن صاحب الكتاب!. . . كل هذا والأستاذ الحكيم يسمع وكأنه لا يعلم شيئاً ثم خضنا في المسرح وفي التمثيل، وسألته لماذا لا يؤلف للمسرح المصري روايات تمثيلية، فسمعت منه الجواب الذي سمعته من خمسين أو ستين شاعراً مصرياً وكاتباً مصرياً. . . ليس عندنا مسرح. . . ويجب، إذا ألفنا، أن يكون تأليفنا على نوعين، فنوع للخاصة، ونوع للعامة. . . نوع للخاصة الذين يسعهم أن يفهموا القطع الخاصة الرفيعة وأن يتذوقوها، ونوع للعامة الذين لا يسعهم أن يفهموا القطع الخاصة الرفيعة ولا أن يتذوقوها. . . هكذا كان جواب الأستاذ الحكيم الذي لم تمض على معاهدة الصلح والسلام والمودة بيني وبينه غير دقائق. . . ولقد سكت على هذا الكلام لأني أردت أن أجعل منه مادة لهذا الحديث، لأني لا أحب مطلقاً أن ينعقد السلام بيني وبين هذا الرجل الذي أحبه جداً وأعجب به جداً، على حساب العامة. لأن تقسيم الجمهور المسرحي إلى خاصة وعامة هو أقتل سلاح نصوبه إلى صدر المسرح الذي نحلم بإنشائه، وكل محاولة لإنشاء هذا المسرح إن لم تعتمد على العامة - وهذا رأيي وعلي تبعته - قبل أن تعتمد على الخاصة، هي محاولة فاشلة، بل هي محاولة فيها إثارة لمشكلة الطبقات، بل هي محاولة للأزراء بسواد الشعب والانتقاص من ملكاته. . . على أن الأدب الذي يكتب للخاصة هو في رأيي أيضاً أدب لا يمكن أن يمثل أمة، بل هو أدب لا يمكن أن يمثل الخاصة نفسها، لأنها خاصة تتألف من عناصر متباينة، يتعاظل بعضها على بعض، ويبالغ بعضها في بز البعض الآخر في المظاهر الكاذبة التي ربما أخفت وراءها قدراً عظيماً من العقلية المقيدة التي ترسف في أغلال من الذهب. . . وفي وسع الأستاذ توفيق الحكيم أن يقول: إنما أنا أقصد الخاصة المتعلمة ذات المواهب، وأنا أرد عليه إذن بما قلته مراراً على صفحات هذه المجلة وهو أن التعليم وحده لا يستطيع أن يصنع الحاسة الفنية لشعب ما من الشعوب، فلقد كان العصر الذهبي للمسرح اليوناني في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد في زمن لم ترتفع فيه نسبة المتعلمين في أثينا نفسها عن عشرة أو ستة عشر بالمائة، وكذلك الحال في رومة والحال في إنجلترا (في القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر) حينما كان المسرح الإنجليزي في أوجه إذ ذاك، وكان جل اعتماد المسارح اللندنية على الموارد التي تتدفق عليها من طبقات الشعب، وبالأحرى من سواد الشعب غير المتعلم. . . ومن الأمانة في نقل الحديث أن أذكر ما ذكره الأستاذ توفيق نفسه من أنه إنما يرى هذا الرأي لما لقيته مسرحيته (أهل الكهف) من مصير على يد الفرقة القومية وفي دار الأوبرا الملكية. . . لقد قالها الأستاذ توفيق في شيء يشبه المرارة. . . وهو مخطئ في زعمه هذا. . . فأهل الكهف كتبت لتكون من أروع آيات الأدب المصري الحديث، وقد أثبتت وجودها بالفعل، ولسوف تخلد على وجه الزمان قطعة فنية قوية أنشئت للقراءة وللترف الذهني، ولم تنشأ للتمثيل. . . والذين أشاروا بإخراجها للمسرح هم الذين كتبوا لها هذا المصير. وبهذه المناسبة أذكر أن الأستاذ توفيق أرسل إلي خطاباً يقول فيه:

. . . وجهتم إلي أمس سؤالاً التبس علي وهو: لماذا لم أوجه عنايتي إلى المسرح؟ ولعلكم قصدتم أني لم أعن بإخراج رواياتي على المسارح. . . وهذا حق. . . ذلك أن كتابة القصة التمثيلية نفسها والتأليف المسرحي في ذاته لمن القوالب الأدبية الفنية التي حرصت منذ نحو عشرين عاماً على العناية بها. . . ولقد كتبت ونشرت - كما تعلمون - نحو خمس عشرة قصة تمثيلية أو قوامها الحوار الأدبي. وهي (ثم أورد حضرته أسماءها). . . ثم قال. . . وكل هذه الروايات التمثيلية منشورة في كتب مستقلة وفي مجموعتي (مسرحيات توفيق الحكيم) في مجلدين. أما إذا كان قصدكم معرفة سبب عدم إخراج هذه القصص على المسارح حتى الآن (باستثناء أهل الكهف وسر المنتحرة)؛ فإن الجدير بالإجابة هم القائمون بأمر مسارحنا. . .) وأنا عندما وجهت هذا السؤال إلى الأستاذ كنت أفهم عنه وكان يفهم عني في غير لبس ولا عناء. وإذا كان يريد أن يقول لي إنه عني بالتأليف للمسرح المصري فإني أخالفه مخالفة تامة، مع أنني من اشد المعجبين بأدبه التمثيلي الذي يخرجه في الغالب في شكل حوار لذيذ ممتع، وهو مع هذه اللذة وذلك الإمتاع لم يخرج عن كونه قصصاً تمثيلياً أنشئ للقراءة ولم ينشأ للمسرح. وعندما أكتب فصلاً آخر أو فصولاً أخرى عن (فن توفيق الحكيم) بوصف هذا الفن ظاهرة هامة من أوضح ظواهر الأدب المصري الحديث، فسأفيض في شرح ما أريد الآن إجماله من الناحية التمثيلية في أدب هذا الأستاذ العظيم. . . هذا الأدب الذي شق طريقه بسرعة فائقة في حياة مصر الأدبية الحديثة، حتى احتل مكانه في جلالة وبهاء بين الطليعة من أدباءنا الأمجاد

لقد وجهت سؤالي إلى الأستاذ وهو يفهم عني أحسن الفهم ولا داعي مطلقاً إلى القول بأن هذه القطع الرائعة الخمس عشرة كتبت للمسرح، لأن الكتابة للمسرح شيء آخر غير الكتابة للقراءة المترفة، أو القراءة للذة الفنية التي يتقنها توفيق الحكيم إتقاناً عجيباً لا نعرفه لغيره من كتابنا المصريين. وإني حينما أقول إن الكتابة للمسرح شيء آخر غير الكتابة للقراءة المترفة، لا أعني أن ألقي درساً على أحد، أستغفر الله. بل أعني أنه يحسن ألا يغالط أحدنا الآخر على هذا النحو؛ فلقد سرني جداً ما ذكره الأستاذ توفيق في كتابه (زهرة العمر) الذي لم يتسع هذا الفصل للتحدث عنه، من أنه أخذ يعنى لقراءة (برنردشو) في لغته الأصلية، أي الإنجليزية، بدلاً من أن ينتظر ترجمته إلى اللغة الفرنسية التي كانت تيسر له قراءة هذا الرجل الذي يعتبر من غير شك (عاهل المسرح الحديث) في العالم قاطبة. . . وسوف يسرني أكثر أن يكون الأستاذ توفيق قد وازن بين (فن شو) المسرحي وما في قصصه هو من هذا الفن المسرحي. ولسوف يسرني أكثر وأكثر أن يكون قد وازن بين (مثل شو) العليا، ومثله هو، تلك المثل التي تعنى بالفن من أجل الفن، قبل أن تعنى بالفن من أجل الحياة.

هذا. . . ولست أوصي الأستاذ الحكيم بدراسة إبسن أو بجورنسن من كتاب الدرامة السكندنافيين، أولئك الكتاب الذين تتلمذ عليهم شو، ووفقه الله إلى استكمال نقضهم. وذلك أن إبسن مثلاً كان يشخص علل المجتمع الإنساني وأدواءه، ثم يكتفي بذلك التشخيص. لم يكن يعني قط بوصف العلاج الذي يكفل القضاء على تلك العلل، أما شو، الذي تشبه كثير من دراماته قصص الحكيم التمثيلية، من حيث صلاحيتها جداً للقراءة دون صلاحيتها للمسرح، فكان في نقده البارع وسخريته اللاذعة مشخصاً ومعالجاً في وقت معاً

أما لماذا أوصي الأستاذ الحكيم بعدم دراسة الكتاب السكندنافيين ومن إليهم من الكتاب الواقعيين، فذلك لخشيتي على فنه الجميل الخلاب من أن يتأثر بهم، ولأن الحكيم في ذاته رجل مشبع بمذهب (المودرنزم) الذي يفتتن به افتتاناً لا حد له ويجعل منه الإطار الذهبي الذي يعلق لنا فيه ترجمته كلها، وصورته الحقيقية التي فطره عليها خالقه الذي لا نحب أن نسميه الآن!

اسمع إليه يقول في كتابه (زهرة العمر) ص 36:

(. . . انتهى رأيي إلى استحالة المضي في روايتي التي كتبت منها قليلا وأنا في هذه البيئة الأوربية العاصفة. هذه البيئة الحديثة وما يسود فيها من جو (المودرنزم) يفسد حسن فهمي للأشياء ويحول دون تعرفي حقيقة شخصيتي في الفن والأدب. أنا أحب المودرنزم، وأخشى أن أقول لك إني أقلد أساليبه على الرغم مني. وهذا بالذات ما يخيفني ويدعوني إلى التريث حتى تهدأ عاصفة هذا الفن الحديث، ونعرف إلى أي حد يستطيع أن يثبت إلى جانب الأساليب التي اعترف بها التاريخ. لقد شاهدت في المسارح أخيراً قصصاً تمثيلية على طراز النزعة الحديثة، مثل قصة كما شاهدت قصص ما قبل الحرب مثل. . . وأطلعت على رأي النقاد في ذلك. أتدري ماذا فضل النقاد؟ إنهم فضلوا قصص (ما قبل موجة المودرنزم) ورأوها هي الخليقة بالبقاء

واسمع إليه يقول أيضاً ص 52: (. . . إن خيالي مع الأسف ليس من نوع الخيال المثمر الذي خدم الشعراء والكتاب، بل هو من نوع الخيال المهلك الذي أضاع في وديانه السحيقة كثيراً من عاثري الحظ الذين حسبوا أنفسهم شعراء زمناً طويلا وهم ليسو بشعراء. ثم هنالك شيء آخر أخالك لم تلتفت إليه هو طبيعتي التي تميل إلى عدم الأخذ بما يأخذ به الناس جميعاً من أوضاع، هرباً من الوقوع في الابتذال وشغفاً جنونياً بالتمييز والإغراب. ففي لبسي لا أرتدي كما يرتدي الآخرون، ولا أدخن لأن التدخين عادة عامة. وربما دخنت لو انقطع الناس عن التدخين لا أهدي إلى حبيبتي الأزهار الجميلة ولا العطور اللطيفة بل أهدي إليها ببغاء في قفص. ولا أكتب إليها مباشرة عن الحب، بل أتبع طرقا لن يتبعها عقلاء الناس. وتسألني بعد ذلك لماذا أحب (المودرنزم)؟ أليس لأنه أقرب الفنون إلى الخروج على المتبع المألوف؟ لقد قالها أحد النقاد الحاقدين على هذا الفن الحديث: (إن أهل هذا الفن يأتون كل سخيف مهجور بحجة حرية الابتداع والتفنن في الابتكار). الواقع أني وجدت في هؤلاء، لا مأواي ومعقلي، بل وجدت كل طبيعتي وما تنطوي عليه من حمق وجنون، لقد وجدت على الأقل سنداً وأساساً لرغبتي المحرقة في الخروج على ما أسميه (المنطق العام))

واسمع إليه أيضاً يقول في ص 97: (. . . إنك تعلم من غير شك أن لي منطقاً خاصاً يشط بي أحياناً عما اعتاده الناس، فإذا أنا في واد والناس في واد، ينظرون إلي ويقولون: إما أنه أبله وإما أنه فطن. لا أذكر في حياتي أن الناس حكموا علي غير الحكمين المتناقضين، ففريق ومنهم والدي يقول إنه أبله، وفريق ومنه والدتي يقول إنه فطن، ولم أسمع طول عمري حكما وسطاً بين هذا وذاك.)

وبعد أن نعتذر للقراء من طول هذا الاقتباس الذي لم يكن منه بد ولا عنه معدى، نشرع في الدفاع عن أديبنا المصري الكبير توفيق الحكيم ضد هذا الكاتب (المودرنست) توفيق الحكيم، الذي وصف توفيقنا هذا الوصف المؤلم في تلك العبارة الصارمة المؤلمة. . . فالصورة وإن تكن حقاً في جملتها، إلا أنها مكتوبة في عبارات لا نحب أن يكتب بها توفيق الحكيم عن توفيق الحكيم. . . حقيقة إن توفيق الحكيم كاتب يحب المودرنزم لدرجة أنه لا يدخن لا لشيء معقول، ولكن لأن الناس يدخنون. . . فإذا امتنعوا عن التدخين أقبل هو عليه، ولو أنفق فيه جميع ثروته. وحقيقة إن هذا المودرنزم يحول بين توفيق الحكيم وبين تعرف حقيقة شخصيته في الفن والأدب، بل هو يفسد حسن فهمه للأشياء. وحقيقة إن نقاد المسرح الفرنسي قد أجمعوا على تفضيل درامات ما قبل موجة المودرنزم، وأنهم رأوها أجدر من غيرها بالبقاء. . . فهل يسمح لنا الأستاذ توفيق الحكيم بأن نوضح له سؤالنا الذي وجهناه إليه فلم يفهمه على وجهه، أو أنه التبس عليه، حتى أسرع فأرسل إلينا خطابه تصحيحاً للموقف، لأنه أيقن أننا شارعون في الكتابة عنه لا محالة؟ إذن فاعلم أيها الأديب الذي اصبح علما في الأدب المصري الحديث أن جميع آثارك الخمسة عشر هي من مذهب المودونزم أو مذهب الشذوذ على العرف، ومذهب (خالف تعرف!)، ثم هي مكتوبة لتقرأ ولمجرد الترف الذهني. . . هي فن للفن. ولولا أنني لم أعد أحب إزعاجك بتذكيرك بعداوتك للمرأة - تلك العداوة المطلقة - لقلت لك إن أصل هذه العداوة ليس حباً خائباً كما يزعم أصدقاؤك أو كما تزعم أنت عندما لطمك الحب على خدك الأيمن، بل إن أصلها هو هذا المودرنزم المضمر في مزاجك الخاص، فكل الناس يحبون الكمثرى (ورحم الله حافظ إبراهيم!) ولكنك لهذا السبب تحب الحنظل؛ وإذا عكسوا عكست! وكل عباد الله يستحمون في الشتاء بالماء الدافئ، ونحن نستنتج من المذهب الذي تأخذ نفسك به أنك تستحم، بل تستنقع في الشتاء في حوض (بنيو) مملوء بالثلج والبرد! لهذا، لا لغيره. . . سألناك لماذا لا تعتني بالتأليف للمسرح المصري كما نفهم هذا المسرح، وكما يفهم المسرح برنردشو، وكما يفهمه إبسن وبجورنسن والنقاد المحترمون الذين لم تعجبهم الروايات التي ألفت على قواعد المودرنزم. والتي شهدتها فأغرمت بها، لأنها صادفت هوى في فؤادك هل عرفت إذن ماذا نقصد يا أحب الأدباء التمثيليين إلى نفسي؟ وهل رأيت كيف أن خطابك لم ينطل علينا؟

على أنني ضد السيد المحترم الوالد العزيز فيما ذهب إليه بشأنك. ولو فطن لعلم أنك أذكى البشر

واستودعك الله إلى الحديث المقبل.

دريني خشبة


مجلة الرسالة - العدد 544
بتاريخ: 06 - 12 - 1943

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى