رسائل الأدباء رسالة من الدكتور عبدالجبار العلمي إلى الشاعر محمد علي الرباوي

إلى الصديق الشاعر المغربي المبدع والإنسان الوديع محمد علي الرباوي:
ظننت منذ قراءة الجملة الأولى من حديثك عن اللحن، أن الأمر يتعلق بالموسيقى الشعرية التي يتسربل بها شعرك المموسق الجميل ، فقد خرقت أفق انتظاري منذ هذه الجملة . وحين مضيت في القراءة ، أدركت أن الأمر يتعلق باللحن اللغوي. ففي بعض الأحيان يكون اللحن في الشعر مما يستحب. وجميع الأصدقاء يذكرون خطأ جبران المشهور في قصيدته المواكب : هل تحممت بعطر وتنشفت بنور ، والصواب لغوياً هل استحممت ، ولكن لفظ تحممت جاء أنسب وأخف على اللسان ، وأكثر موسيقية ، وفيه ـ ربما ـ انزياح عن اللغة بقصد التجديد والنزعة إلى الحرية.
وقد تغنت فيروز بهذا البيت في أغنيتها الشهيرة، فلم يخدش سمع أحد إلى حد كتابة هذه السطور ، وما زلنا نذكر ما قاله ميخائيل نعيمة بهذا الخصوص في كتابه الغربال. وبعد كل هذا ، هل ينزه أحدنا عن اللحن والخطأ ؟ وما يحمد لشاعرنا الكبير محمد علي الرباوي أنه لم يجد أي حرج في الإقرار بهنته اللغوية ، إيماناً منه بأن الخطأ ليس عيباً ، وإنما العيب هو في المكابرة وعدم الاعتراف بما يمكن أن يقترفه المرء من هنات أثناء الكتابة أو القراءة .
فتحياتي لشاعرنا على تواضعه الجم المعهود فيه ، وخلقه الرفيع وخصاله الإنسانية السامية.
تقديري وإكباري لموضوعيته وصدقه مع نفسه ومع الناس...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى