أيمن مصطفى الأسمر - الأيقونة...

قررت أن أعبر تفاصيل حياتي الصغيرة البائسة التي لا تهم إلا القليل من البشر، أن أتجاوز نجاحاتي وإخفاقاتي الشخصية، أفراحي القليلة وعذاباتي الكثيرة، ترددي بين أن أكون هنا بينهم أو هناك بعيدا عنهم، حيرتي بين ما يجب أن أكونه وما أحب أن أكونه، بين ما يريد لي الآخرين أن أكونه وما أنا عليه بالفعل، قررت أن أرمى وراء ظهري علاقات الحب والصداقة التي رغبت فيها بشدة وبحثت عنها بإخلاص فنجحت نادرا وفشلت غالبا، أن أتجاهل افتقادي للدفء والطمأنينة طوال حياتي المضطربة القصيرة، قررت أخيرا أن أعبر كل ذلك وأرتمي في أحضان الوطن، أجعل منه الأهل والحبيب والصديق والملاذ، أحقق فيه ذاتي وأشعر من خلاله بالدفء والأمان، تحولت لحظتها إلى شهيدة الوطن وأيقونة الثورة، تتعدد عني الحكايات وتختلف الصور باختلاف التيارات والطوائف والاتجاهات، فتصبح صوري وحكاياتي ملكا عاما لكل فرد من أفراد الوطن، يرويها كل واحد كما يراها .. أو كما يحب أن يراها .. أو كما يتخيل أنه يراها، تحولت إلى أسطورة عبرت حدود الوطن لتصبح رمزا للثورة والبشر على اختلاف بلادهم وأحوالهم، وكأي أسطورة فكل الحكايات على تعددها صحيحة وصادقة، ولم لا .. فأنا أيقونة لا ترتبط حكايتها بزمان أو مكان أو وقائع صغيرة محددة، حكايتي سرمدية تتجاوز المكان وتنمو مع الزمان، تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل فيضيفون إليها ويحذفون منها، لكنها تظل رغم ذلك صحيحة وصادقة، فهي حكاية الإنسان وثورته الدائمة من أجل الحرية والعدالة.

ديسمبر 2011
مجلة المجلة – مارس 2015
نص من كتاب لم يكتمل بعد
بعنوان "شخصيات من كتاب الثورة"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى