ثقافة شعبية بوزيد مولود الغلى - صور بلاغية في الأمثال الحسانية

اخترت في هذا المحور تناول بعض الظواهر الصوتية المائزة للحسانية من خلال نماذج من الأمثال الحسانية ، نظرا لكونها تمثل الكلام المهذب والمنتقى ان لم نقل الأقيس والأفصح عند الحسانيين ، فالأمثال تقدم مادة غنية للباحث المهتم باللغة وعلومها وفنونها ، نحوا وصرفا وبلاغة وهلم جرا،ومن أبين الظواهر الصوتية التي يمكن عدها ميسما خاصا بالحسانية يميزها عن العربية الفصحى ما يلي:
ـ تخفيف الهمزة وسط الكلمة ( الغايب / الغائب ماه شيخ اهلو) ، وتخفيفها او حذفها في اخر الكلمة (مبعد السما /السماء من نبيح الكلاب، اللي ما ج / جاء مع العروس ما يج / يجيء مع مها / امها) .
ـ الابدال او القلب/ الاعلال: ومن صوره ابدال الالف ياء في المثل القائل (اللي ما خيط / خاط ما لبس، الى ريت عزوز تروغ غزال الا كط كبظتو) ، او ابدالها واوا في مثل ( اوكل من دربالة ، الي شافك تتلحس ايشك انك توكل/ تأكل).
ـ ظاهرة الساكن المضاعف: فمثلا عند نطق كلمة حك التي تعني بالفصحى حق، نجد أن الكاف المعقودة مشددة في سكونها اكثر من كلمة اركد اي رقد في الفصحى ، من امثلة ذلك (الحك مر فلوذن).
ـ تسكين اوائل الحروف: لخفيف تديه الريح، سمع الرغا وخطف الحويَّا،كل جديد ل بنة كون الشيباني والشنة.
ـ امالة حرف الالف نحو الواو أو ابدالها بها تسهيلا للنطق: (اللي بغا الزين يصبر عل حر لوذنين/ الأذنين)
ـ استخدام الاسم الموصول (اللي) بدلا من الذي أي بحذف الذال مثل :(اللي مرك الراس بلغ الناس، اللي ماهو فالديكة ارجيل).
ـ تنفرد الحسانية بنطق القاف كافا معقودة مثل (كاف الشباب ما يوغد) والضاد ظاءا (لبل ما تعظ ماه الكدامي منها، كيف حلاب ناكتو فالظاية)،والغين عند البعض قافا (مع زين الحس مقني/ مغني، الغبيلة / القبيلة دراعة من الشوك)
ـ فيما يتصل بكتابة الحروف المغلظة منها ، و طبقا لتجارب سابقة تكتب :
الجيم المشددة جيما تحتها ثلاثة نقط مثل : الجيه ( اسم علم )
الزاي المغلظة القريبة من الظاء زايا فوقها ثلاثة أحرف مثل " زدفه أي ضربه
الاسم الموصول "الذي " في الفصحى و يلفظ في الحسانية ال فتكتب اللي في مثل
مالاه يخلك بعد كون **** اللي رايد مولان

2. 2 - ملامح بلاغية في الأمثال الحسانية
الاساليب التعبيرية:
تعد الأساليب التعبيرية من القواسم المشتركة بين الخطاب الفصيح والشعبي الحساني

• أسلوب التقرير والإثبات :
الجورة فتاشة – الغايب حجتو معاه- لمريندفل – غاية ولد آدم تفضحو – لعتمه بكْمه – الويل يعرف أهل – الفظل ما تنبت العظل – المتهدد مغلوب .

• أسلوب النفي :
ما توصي اليتيم على كبر اللكمة/ اللقمة: يفيد الاستنكار والتوبيخ.
ما كنا ركوب ولا طحنا : يفيد التسوية .
ما هو كبش ألا ولد النعجة: الاستنكار .
ميت مشكور ولا حي محكور : يفيد الطلب و الارشاد.
( نظيره : عش عزيزا أو مت وأنت كريم *** بين القنا وخفق البنود)
ما يخرص للرفكة الا اللي عندو فيها بعير : يفيد التقرير .
ما شننا نذوبو : السخرية والاستهزاء .
ما يمترط الا لحمار بووذنين : يفيد التوبيخ والانذار .
من صيغ النهي :
لا تهد بلا رجال : يفيد الارشاد والتوجيه.
لا تحكر من تسال ولا تورد بلا حبال : النصح والارشاد.

• أسلوب الامر :
اخدم تيدم اكعد تندم / اخدم تنشكر اكعد تنحكر .
انده على البل واعرف يمها .
واسي الطيحة ترصيفه
اذكر الجيد وانشر فراشو

• أسلوب الاستفهام :
شنهو ما نابحينو لكلاب واشكال مشرشمينو : يفيد الاستهزاء .
منين يلحك بلبون مع الكارح : يفيد اثبات الفرق .
مندرا كان الشحم ينجبر فْ مبارْك لكلاب : يفيد السخرية.

• أسلوب الشرط :
الى عاد المتكلم جاهل ايعود المصنت عاقل .
اللي لاهي تخليك خليها / أترك الشر يتركك.
اللي حرث شي يحصدو .
اللي خدم شي طاعو .
الى فاضو لكدور كلها يكبض مصعادو .
المحسنات البديعية :
تزخر الحسانية وأمثالها الشعبية على غرار العربية بالعديد من المحسنات البديعية ، ومنها :

• الاستعارة : وهي تشبيه حذف أحد طرفيه:
الهم مشيخ .
اللي سْرّو تحت باطو ماسْمع حدْ عيَاطو .
الليل بوذنيه و النهار بعينيه .

• الطباق والمقابلة :
الطباق: هو الجمع بين معنيين متقابلين سواء أكان التقابل تقابل التضاد أم الايجاب و السلب أم تقابل التضايف كالابوة والبنوة، سواء أكان ذلك المعنى حقيقيا أم مجازيا .
المقابلة : أن يؤتى بمعنيين متوافقين او أكثر ثم يقابل ذلك على الترتيب اللفظي بأن يكون الأول مقابلا للاول والثاني للثاني .
أول النهار ماهُ شيخ اعكابو
ما تنحمد اللول الين تجي التالية .
اللي نفكع وحدو ، يرضَ وحْدو .
الليل بوذنيه ، والنهار بعينيه.

• السجع :
السجع هو توافق الفاصلتين في النثر على حرف واحد في أخرهما، والفاصلة هي الكلمة الأخيرة في جملة مقارنة لأخرى ، وتسمى كل جملة من هاتين الجملتين قرينة لمقارنتها الأخرى ، كما تسمى فقرة
المنتافة تخلي المصوافة ، والعمية تخلي الشوافة .
شطارة العورة من العصر اللورة .
اللي بلا نفع يندفع.
النار تمشي و الكلب يعشي.
اللي ما نافق ما وافق .

• الكناية : وهي لفظ أريد به لازم معناه ، مع جواز ارادة ذلك المعنى :
النار تمشي والكلب يعشي .
اللي نزاد بأكافه ما انزاد.
الحجار عادو يطلعو الكدية .
تلكم تأملات عنت لي في سياق قراءة أولية لطائفة من الأمثال الحسانية التي تحتاج إلى دراسة أوسع وأنفع تبرز مكامن الجمال الأدبي في هذا التراث الشفهي الثري.



* عن: الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 16:17

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى