أيمن مصطفى الأسمر - رجل الأعمال

المال والسلطة وجهان لعملة واحدة، فمن يرغب في أن تفتح له الأبواب الموصدة فيصبح المستحيل خيالا مستبعدا من قاموس حياته، وأن يخضع له الرجال وتتودد له النساء، فعليه بأن يعمل قدر ما في وسعه للاستحواذ على السلطة والمال معا، القناعة لا تصح لمن يسلك طريقهما المشترك، فالمال مهما كثر فهو قليل، والسلطة مهما تعاظمت فهي ناقصة، وعلى المرء أن يسعى للاستزادة منهما في كل يوم .. بل في كل لحظة، وهذا ما أسعى لفعله دائما، وقد يأتي المال بالسلطة أو العكس، وقد يأتيان معا أو بطرق عديدة ومختلفة، المهم أنني ثابرت وضحيت كثيرا كي أحصل عليهما معا .. كي أنميهما وأضاعفهما على الدوام، لا أنكر أن بعض الظروف والملابسات قد خدمتني في تحقيق غرضي، لكن هذا لا ينفى قدرتي أنا على الفعل وتذليل الصعاب التي واجهتني لامتلاكهما، بهما قفزت من المجهول كي تصبح كل الأوراق والخيوط بيدي، أوراق الحكم والسياسة، خيوط الاقتصاد والصناعة والتجارة، فتحولت إلى صانع الملوك ومانح النعم وموزع الأدوار، من أرضى عنه أو عنها أعطيه جانبا من المال والسلطة شريطة أن يظل ولاؤه لي مطلقا وطاعته عمياء، أما من أغضبني أو تحداني وظن أنه قد كبر علي فمصيره الإقصاء والإذلال، هكذا جمعت في يدي كل عناصر القوة والاحتكار، احتكار السلطة والمال معا، لم أسمح لأحد مهما كان أن ينازعني فيهما، فجعلت من الحاكم وأسرته وحاشيته شركاء لي، يعتمدون علي في ترسيخ حكمهم واستمرار تسلطهم على الشعب، وسمتهم ببصمتي فلا يقدرون على إنجاز ما إلا من خلالي، لا يتقدمون خطوة ولا يتأخرون إلا بعد استشارتي، ما أقرره لهم وأشير عليهم به يتبعونه دون نقاش، أصبحت سلطة الحكم الفعلية بيدي بينما هم واجهة يتمتعون بمظاهر وامتيازات لم يكونوا ليدركوها إلا من خلالي، وبالسلطة والمال جعلت من الأمن أيضا سلاحا في يدي، فأصبح رجاله وأجهزته آذانا وعيونا وحواسا لي، أعرف كل صغيرة وكبيرة عن المجتمع قاعه وصفوته، فالمعرفة سلاح آخر ينجح في ما قد يفشل فيه المال أو السلطة، وفى لحظة ما اعتقدت فيها أنني قد رتبت الأمور لتعمل في صالحي فاجأتني أحداث غير متوقعة، وإذا بالشعب الذي غيبناه وشغلناه كثيرا حتى ظننا أنه قد فقد الوعي إلى الأبد يتحرك بصورة فوضوية، أثارت حركته القلاقل في طول البلاد وعرضها، اندفع العامة للسلب والنهب والتخريب، رفعوا شعارات إسقاط النظام وهم لا يدرون كيف سيديرون البلاد إن سقط، طالني كما طال غيري حقدهم وسوء قصدهم، بل تركز أغلب حقدهم وحسدهم علي، تحولت الفوضى التي صنعوها إلى كابوس مفزع، ولعب قادة الجيش لعبة مزدوجة فتم القبض علي وعلى بعض رموز الدولة بتهم متعددة إرضاء للغوغاء، بدت الصورة قاتمة بل شديدة القتامة، حرصت رغم كل ما لاقيته من اتهامات باطلة على التماسك والاحتفاظ بهدوء أعصابي، احتفظت بقدر كبير من الأمل والتفاؤل في أن تنقلب الأوضاع مرة أخرى فأستعيد السيطرة الكاملة على الدولة، وتعود الحياة لسيرتها الأولى.

ديسمبر 2012
نص من كتاب لم يكتمل بعد
بعنوان "شخصيات من كتاب الثورة"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى