ديوان الغائبين ديوان الغائبين : إديت سوذيكرين Edith Södergran - فنلندا - (1892 – 1923م)

ولدت (إديت سوذيكرين) شاعرة الشمال الأولى في (سان بطرسبورغ) وسط عائلة بورجوازية ما لبثت أن غادرت إلى (فنلندا) بسبب الثورة الروسية، واستقرت في منطقة قريبة من الحدود الروسية الفنلندية. توفي والدها بمرض السل عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، ثم انتقل إليها المرض وبقيت تعانيه حتى قضى عليها في سن الحادية والثلاثين. دارت الأم مع (إديت) بلدان أوروبا على أمل أن تتعافى الابنة لكن من دون نتيجة، حتى عادت واستقرت في (رايفولا) وهي منطقة فنلندية نائية، إذ اضطرتها حالتها الصحية إلى أن تعيش هناك حياةً شبه منعزلة.


لقد توفيت (سوذيكرين) وهي في الحادية والثلاثين من عمرها، لكنها استطاعت أن تترك أثراً كبيراً في الأدب الإسكندنافي. ولم يدرك أحد في ذلك الحين، أي في العشرينيات من القرن الماضي، أنَّ مؤلفاتها الشعرية الصغيرة التي خلّفتها ستجعلها في قائمة أهمّ المحدثين في التجربة الشعرية الإسكندنافية.


والبعض يقرن ذِكْرَها بالشاعرة الأمريكية (إميلي ديكنسن)، وقد يعزى ذلك إلى عزلة الشاعرتين وانصرافهما إلى الكتابة وما نجم عن ذلك من شعرٍ طابعه التأمل والتعمق في الدواخل الإنسانية، عدا الموهبة الشعرية المتفردة التي امتلكتها.


تلقت (إديت سوذيكرين) تحصيلاً دراسياً جيداً وكانت تتقن الأسوجية، والروسية، والفنلندية، والألمانية، والإنكليزية والفرنسية، كما درست الإيطالية. وأصدرت أربعة دواوين: (شعر) 1916م، (وتريات أيلول) 1918م، (معبد الوردة) 1919م، (مستقبل الظل) 1920م. وفي عام 1925م، أي بعد وفاتها بعامين، نشرت لها صديقتها ديوان (البلاد التي لا وجود لها). رأى النقاد أن ما كتبته (سوذيكرين) في مطلع العشرينيات ينتمي إلى الحداثة المجددة، فقد انطبعت كتاباتها بالمستقبلية الروسية، والانطباعية الألمانية، والرمزية الفرنسية. ذلك أنها عرفت في مواضع عديدة من شعرها كيف توظّف عاطفتها والعمق الداخلي لمشاعرها ومن ثم تحافظ في الوقت نفسه على شعر في غاية التكثيف واللامباشرة، وكثيراً ما يحرك اللواعج ويبعث على الحزن.

  • منقول

اليوم وهو ينطفىء

1

يحلّ البرد مع تقدم المساء...
إشربْ الدفءَ من يدي
خذ يدي، ذراعي البيضاء
خذ شوق كتفيّ الضيقتين
كم سيكون غريبا أن أشعر
لليلةٍ وحيدةٍ
لليلةٍ كهذه
برأسكَ الثقيل على صدري.

2

رميتَ وردةَ عشقك الحمراء
في حضني الأبيض
أحمل بين يدي المشتعلتين وردة عشقك الحمراء،
ستذبل بعد قليل
آه، أنت تتسيد بعينين باردتين
أقبل منك التاج الذي تسلمني
وهو يحني رأسي تجاه قلبي.

3

رأيتُ مولاي للمرة الأولى اليوم
تعرفت اليه مهتزة من أول وهلة
ها أنا الآن أشعر بيده الثقيلة على ذراعي الخفيفة...
أين ضحكاتي الصبية الرنانة
حريتي وزهوي؟
ها أنا أشعر بقبضته القوية على جسدي المرتعش فأسمع دوي الواقع القاسي
وسط أحلامي الرقيقة الرقيقة.

4

قصدتَ زهرة
فوجدتَ ثمرة.
قصدتَ نبعاً ووجدتَ بحراً
قصدتَ امرأةً ووجدتَ روحا -
يخيب ظنك.

5

أنا غريبة في هذا البلد
الذي يقع عميقا تحت البحر الثقيل،
تطل الشمس بأشعة متموجة
وينساب الهواء بين يدي.
أخبروني بأني وُلدت في الحبس
لا وجه يبدو أليفا لي هنا
هل كنت حجرة رموها في القاع؟
هل كنت ثمرة ثقلت على غصنها؟
أستلقي غافية عند قدم شجرة موشوشة
كيف سأتسلق تلك الجذوع الملساء؟
في الأعالي تلتقي القمم المتمرجحة
لو أجلس هناك
لأرنو إلى الدخان يتصاعد من مداخن بلادي...


sodergran.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى