عثمان محمد صالح - فشار ومفتاح

حين أتيت على ذكر الغائبين جميعا بلغت مجهد الأنفاس مقام (الحجر المقدس) المنصوب في شارع طفولتي، تبسم المجيبون متبادلين النظرات ثم قيل لي عن زواله ما قيل.

انقضت 3 أيام وأنا تائه تماما في أثواب البهجة الفضفاضة والصخب الذي عم البيت: والدتي مستدفئة الكفين على جمر التبريكات بعودتي المتزامنة مع عرس شقيقتي الوسطى الوشيك.

ما بين العتمة والإشراق، مابين شرودي وقعودي، مابين حضور أهالي القرية في ذاكرتي وغياب حسان الأسماء، مابين الموتى والأحياء، مابين بخار الحمى و الهذيان بظهر قائظ و الرقص طليق الروح كما في حلقة ذكر بفناء الدار الغاصة بالخلق على توقيعات الطار المنبوذ. هتف الهاتف: معراج!

المعراج على الباب العالي بلا حاجب يحرسه وبلا قنديل، بلا عرش وبلا أبهة للسلطان: حرم السلطان، مذياع السلطان جهير الحس ببوص وأحطاب وأعشاب سلملكه، حبيبات السكر البني تتغلغل في رغوة حليب السلطان على المائدة الزاهدة وفرمان السلطان لجنود السلـطان الأربعة بأركان الأرض الأربعة، و بلا ساقي لليمونة في ذاك الربع الخالي، وبلا زوار!

في جيبي الأيمن حفنة فشار حديث الولادة في فرن البيت وفي الأيسر مفتاح ظل في حقيبة التطواف عشرين حولا.

المصطبة الأسمنتية المقورة الحواف: طوفي المنتظر على القيف. عبرت ودفعت الباب ذا الضلفتين فأنفتح في يسر دون أن يصدر عنه الصرير المألوف كما لو أن السلطـان الذي في السماء وجنوده الأربعة البعيدين بانتظار جيبي المعبأ بالفشار.

Venray، هولندا
2 أكتوبر2009

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى