محمد المرابط - الجلباب بألف لون.. قصة قصيرة - تر: عبد العزيز جدير

في الصباح الباكر، عندما كنت أذهب للصيد بالقرب من كاب سبارطيل، كنت أحب أن أرتدي جلبابا كنت خطته بيدي من عدد لا يحصى من قطع أثواب ألوانها خلابة. كل مربع من القماش كان يمثل ذكرى قصة. وكنت أحب أن أحكي لنفسي واحدة، وأنا بمفردي، وأنا ألامس بلطف المنسوج، منتظرا أن تعلق السمكة بالصنارة. وذات يوم، لما وصلت إلى شاطئ مرقالة، رأيت في المكان الذي كنت تعودت أن أضع به صنارتي أوربيا يرتدي بذلة نائما، منكمشا على نفسه. أيقظته بنكزة ودية وقلت له:
- يا صديقي، قم فليس هذا المكان للنوم!
بدا مندهشا، نظر حواليه، وشرع ينتحب وهو يتمتم:
-nbsp;أين أنا إذا؟ يا للشيطان، من أنت؟
-nbsp;أنا، المرابط، وأنت في المكان الذي تعودت أن أمازح السمك منه!
-nbsp;مرابط؟ أنت الكاتب؟
-nbsp;أنا، لست شيئا... فذلك ما يقوله الناس، لكن الناس يتحدثون كثيرا جدا... ما الذي تفعله هنا؟ تبدو تعيسا جدا.
-nbsp;أشرب كثيرا؛ ليلة الأمس بالجبل الكبير شربت أكثر مما يجب... ولا أذكر شيئا. أنا أيضا كاتب، لكن لا أفلح في كتابة سطر واحد، وخاصة في طنجة. إنه يأس حقيقي. في الحقيقة، لم أكتب أبدا شيئا جيدا. المرابط ما السر الذي تنطوي عليه؟
- سري؟ أنا لست كاتبا، لكنني أستمع إلى ما تقوله لي السمكة، وأدون قصصها على قطعة من قطع جلبابي. هذا الجلباب شبيه بكتاب صور. كتاب مفتوح. كم تؤلمني. بالله عليك، لا تكن حزينا. إذا أعطيتني بذلتك الجميلة، أتنازل لك عن جلبابي. فهو سيساعدك، بالتأكيد، على العثور على الكلمات الجميلة إذا ما استمعت جيدا لما سيحكيه لك.
خلع بذلته وارتدى الجلباب ذا الألوان المتغيرة وشكرني بحرارة وابتسامته بسعة الهلال. لقد ارتديتُ تلك البذلة طويلا وقد أحدثت أثرا كبيرا في الشارع الرئيسي .
أما هو، المسكين، فقد أصبح كاتبا مشهورا. يبدو حزينا ومزهوا بنفسه؛ لكنني أشك في أنه ما يزال قادرا على الاستماع إلى الجلباب ذي الألوان المتعددة.



* محمد المرابط - قصص من طنجة، قصص قصيرة، عن دار سيروكو بالدار البيضاء، تضم خمسة عشر نصا (متقاطعا) باللغتين الفرنسية والإنجليزية. أسهم في كتابة النص الفرنسي سيمون بيير هاملان، والنص الإنجليزي وليام كوتز، باحث في الجغرافية يتابع دراسته بالولايات المتحدة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى