ديمة محمود - الوردة..

الوردة ثلجٌ ذاب من قمة جبل
تحّلل من أزمةً نقص الأكسجين وانخفاض الضغط
وكردة فعلٍ للكبت تفتح ذراعيها لفكّ الارتباط
واحتضان التمثيل الضوئي ووخزات النحل
*
الوردة لا تعترف بالمطلق
لذا تمارس التناقض مرتين
حينما تذبل وعودها أخضر على أشده
وحينما تكون بلا رائحة وترفع عقيرتها باللون
*
الوردة لا تخضع للمنطق
بالأمس رأيت وروداً صفراء تغلق
بتلاتها عند انحسار الضوء وقت المغيب
وورود جدتي البنفسجية في حديقتها التي كانت يوماً
تتفتح شفاهها ليلاً فقط
*
لن يتجرأ أحد على اتهام الوردة بخدش الحياء
ولو بقدر أنملة
الوردة تمارس الجنس عند احتشاد الناس في الساحات العامة
وفي ظل المهرجانات والكرنفالات
فيلتصق طلع الزهرة الذكر على مياسم الزهرة الأنثى
بينما كل العيون وكاميرات الأبعاد الثلاثية والرباعية
يمكنها أن تتابع هذا بأدقّ تفاصيله على الهواء
*
الوردة حديقة خلفية لواجهات التمدّن أو التبعية والتأميم
قد تستخدم بهيئة أكاليل ضخمة
كطقسٍ برجوازي تتجمهر فيه الوفود والعائلات النبيلة
كما أن وردة واحدةً من قارعة الطريق
تؤدي الغرض عند من هم تحت خطر الفقر
مع أنهم سيدفعون ثمنها لدعم خزينة الدولة
وحماية الاقتصاد من الانهيار وتراجع سعر العملة
بينما تتكوّم في الرطوبة أزماتهم واحتياجاتهم وأحلامهم
فداءً للأوطان
*
لا تعترف الوردة بالبارانويا
ولا بفوبيا المرتفعات والأماكن المظلمة
ولا بالانفصام مابين الأضداد أو النظريات والواقع
فتتأقلم سريعاً وتنمو أياً كان
مبقيةً على جودة الرائحة واللون
*
لا تعاني الوردة من عقدة أوديب
وتقف على البعد ذاته من الجميع
وليس لديها سبق إصرارٍ وترصدٍ للقتل ولا لسواه
وتحتفظ دوماً باتزانٍ يضمن فعاليتها واكتمال ماهيتها
*
الوردة لا تخضع للتمييز للعنصري
ولا تعترف بالهويات
ولا تكيل بمكيالين
الرائحة واللون في الوردة يصلان في نفس اللحظة
بكمالٍ وتساوٍ
للبيض والسود وللمسالمين والعنيفين
رغم ارتفاع وتيرة الزحام
*
الوردة مرحلة الشرنقة في احتشاد الموسيقى
تتمرد على ذاتها بانتفاضٍ حاد
فتنسلخ من حيثيات الترميز وتلد الرائحة أو الروح
وفي الذروة يسيح اللون من جوفها وتغرق فيه
وتعلو الرائحة في سلم الإشباع والأبدية!


[SIZE=6]ديمة محمود[/SIZE]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى