ديوان الغائبين ديوان الغائبين : الناصر قريب الله - السودان - 1918 - 1953

ولد الناصر قريب الله في مدينة أم درمان، وفي مدن السودان عاش، ليعود إلى مسقط رأسه، فيواجه به نهاية رحلته.
تعلّم على والده، ثم انتقل إلى كتاب المعهد العلمي بأم درمان، ومنه إلى المعهد العلمي عام 1934، كما تعلّم على عبدالعزيز الدباغ في مجلسه العلمي بأم درمان.
عمل معلماً بالمدرسة الأمريكية بالخرطوم حتى 1945، ثم بالمدرسة الأهلية بالأبيّض بكردفان، ثم بالمدرسة الأهلية بعطبرة حتى 1951.
انتقل إلى بور تسودان ليعمل بمدرسة الكاثوليك معلماً للغة العربية، وبقي بها حتى وفاته.
الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «الناصريات» طبع مرتين: المجلس القومي للآداب والفنون - الخرطوم 1969، دار البلد - الخرطوم 1999.
عانى الشاعر في حياته القصيرة كثيراً من الآلام والشقاء خاصة بعد فقد والده عام 1936، كما لم يجد من أساتذة المعهد العلمي تفهمًا لنزعته الثائرة التجديدية، وقد عانى شظف العيش والحرمان بسبب توزعه بين حياته وشعره. كان يهرب إلى نفسه طلباً للنجاة من واقع ضاغط، ولكنه يعود إلى مجتمعه، وهو في تعبيره عن ألمه الشخصي الطاغي على شعره يستشعر آلام مجتمعه من خلال آلامه الخاصة، وهو في كل ذلك مجدد في معانيه وأفكاره مع احتفاظه بالجزالة ومتانة الأسلوب، التي اكتسبها من دراسته بالمعهد، وحفظه للشعر القديم.
مصادر الدراسة:
1 - فاطمة القاسم شداد: الناصر قريب الله: حياته وشعره - المجلس القومي للآداب والفنون - الخرطوم 1973.
2 - عبدالقادر الشيخ إدريس: الناصر قريب الله: شعره وحياته - رسالة ماجستير من كلية الآداب - جامعة الخرطوم (مخطوطة).


حيَّا ذكراكِ الخلاّقْ .. الناصر قريب الله

حيَّا ذكراكِ الخلاّقْ = وسقاكِ الوجدَ الدفّاقْ
يا جنّةَ أحلامي الكبرى = طابت في ظلّكِ آفاق
يحويكِ مكانٌ في صدري = بالحبّ الجارف دَفّاق
ويحوزكِ مَسرىً في روحي = لم تسمُ إليه الأطواق
يا منزلَها عند الوادي = لا سافر عنكَ الإشراق
للحسن خُلِقتَ فبينكما = عهدٌ بالحبّ ومِيثاق
حتى شجراتُكَ يغشاها = بالحسن الماءُ الرقراق
كم زرتُكَ في ليلٍ داجٍ = فيه للأنجم تَخْفاق
أَستبطىءُ جهدَ السير ولو = طارت في الجوِّ بِيَ السَّاق
فطفقتُ تُهاديني نجوى = يحلو لي فيه الإطراق
فإذا رعشاتٌ في روحي = تهتزّ لهنَّ الأعماق
ينثرنَ مباهجَ أيّامي = ويسقنَ البشرَ فينساق
سَمَرٌ لِعنان الأُنسِ بهِ = في القول الساحر إطلاق
أفضى بالنشوة لِلْوَلْها = نِ تُدير طِلاها الأحداق
ويلي من حسنٍ أستهدي = بسناهُ وفيه الإحراق
قد عذّبني إذ نعَّمني = أكذلك يَبلى العُشّاق
إن مرّ اليومُ ولم أسعدْ = بلقاهُ بَرَتْني الأشواق
أو عاق اللائمُ لقيانا = أودى بالروح الإملاق


***


ما استقرّ النوى بتلك القوافلْ .. الناصر قريب الله

ما استقرّ النوى بتلك القوافلْ = أو توانتْ عن سيرها المتواصلْ
لم تزل تنهب الفيافيَ حيرى = لا إلى غايةٍ ولا سُؤلِ سائل
مسرعاً بعضُها الخطى إثرَ بعضٍ = حلَّ عالٍ منها لآخرَ سافل
حبّذا في النسيم همسُ طروبٍ = راحلٍ يزجر الغمامَ الراحل
كلما هام فاستراح بروضٍ = داعب الروضَ فانثنى بالخمائل
حمّلتْه رسائلَ الحسِّ سكرى = من تهاديه في الضحى والأصائل
غارقٌ في الندى يقصّ حواشي = هِ ندى الزهرِ أو غناءُ البلابل
وبدا الموجُ يطمئنّ وينزو = ثائراً بعضُه على البعض صائل
تعتلي موجةٌ على ظهر أخرى = كلما ساقها الفتورُ لساحل
يا لَوفدِ السحابِ ريّانَ فيهِ = قبلَ أمطاره من السحر وابل
يتنادى فيضفر الجوُّ ثوباً = فيه نُعمى الهوى ولهوُ المغازل
آيةٌ تحشد المباهجَ في الرُّو = حِ وتُوحي الهوى نديَّ الغلائل
سَحَر النورُ فَهْو إذ يترامى = مُشرِقٌ وهو إذ يُلامس آفل
وَهَجُ الشمسِ لا يُحَسُّ ونورُ الشْ = ــمْسِ عندي ما كان بالمتضائل
وهبتْني الطبيعةُ اليومَ قلباً = فيه للحُسن والجمال منازل




1622142568871.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى