أشرف الخريبي - الأطفال يذهبون الي الحرب..

ماذا سيبقي من المستقبل؟ عندما يكون الحاضر مُفخخا ومُلغما أمام أحلام الصغار

تقضي الحروب علي حاضر الطفولة وطموحها بل وعليهم هم شخصيا ، هذا العنف الذي يولد مكامن الخوف والفزع من الحياة والمستقبل والحاضر، ليعيشوا حالة من التشرد والضياع، ويخلف ماضي سحيق من الشقاء لهؤلاء الأطفال بهذه العبارات القاسية يوجه طفل الحرب الحياة و يشهد الحاضر ويترسخ في ذهنه حالات القتل وصوت القنابل وفزاعة طلقات الرصاص

فهل هذا هو طفل المستقبل ؟

إنه ما يواجههه طفل الحرب وأثنائها ومن خلالها ، ليس أقل مرارةً من واقع أطفال عاشوا ويعيشوا مرارة الحروب، تخلّوا عن حياتهم وحقهم في الاستمتاع بالحياة الي مشاهدة القتل والقصف والدّمار الذي يتردد أمام أعينهم في صور القتلى والجثث، وهدم بيوتهم وصفارات الإنذار وصوت الدبابات

انتقلوا جبرا من حقهم في الاحساس بالأمان والسلام والسكينة الي الاجبار علي الفزع والخوف وسط حصار من أصوات القنابل والمدافع، والطائرات

وإذا كان العالم قد شهد منذ تاريخه القديم والحديث استخدام الأطفال واستغلالهم في الحروب، والنزاعات المسلحة الأقليمية والدولية ، فإنّ هذه الظاهرة تبدو اليوم شديدة الخطورة وتوجّه إلى الإنسانية رسالة بارزة تخلص مسئوليتها الكاملة عن هذا العنف الكامن في الحروب، واستخدام الأطفال بقسوة ومرارة لا حد لها ، ورغم انطلاق العديد من الدعوات لتنظيم معاهدات وتوقيع اتفاقات دولية بهدف وضع حدّ لإشراك الأطفال واستخدامهم في النزاعات والحروب المسلحة وإبعادهم عن ويلات الحروب بكل عنفوانها، ولكنها كلها ذهبت بلا جدوي مع ضياع مصيرهم وهدم مدارسهم وتفخيخ أحلامهم الصغيرة بالحرب ونزاعتها، بنار تحرق الأخضر واليابس لأحلامهم الصغيرة وأملهم في حياة هادئة ومستقبل ممكن ، لقد قام الأطفال بأعمال ومهام عسكرية خلال الحروب، منذ التاريخ القديم وحتي عصرنا الحديث في مختلف دول العالم. ومع ذلك ظلت فكرة تجنيبهم ويلات هذه الحروب بعيدة المنال فقد ظل استخدام الاطفال كدروع بشرية ، أو لأغراض الدعاية السياسية للأطراف المتصارعة حيث يتولّى الأطفال دورًا مشاركا في جبهــات القتــال بتكليفهم بمهام قتالية ،وهذا ينطوي على خطر جسيم وشقاء لا حد له، والأكثر خطورة وأصبح لافتا للنظر أن يستخدم الاطفال في أعمال الإرهاب كانتحاريين وتنفيذ عمليات ارهابية وهذه مأساة دولية وإنسانية بكل المقاييس وتخالف كافة الأعراف والمواثيق الانسانية والدولية والتي لم تستطع علي كثرتها أن تقدم الحماية الحقيقية للطفل، فليست المدارس والأبنية وبيوت الأطفال والملاعب والحدائق هي التي اصبحت أنقاضًا و دمّرتها الحروب فحسب بل نفوس وحياة هؤلاء الأطفال وأحلامهم ووجودهم ومستقبلهم، ومع انتشار العديد من النزاعات المسلحة والتي قامت على أساس قومي أو ديني أو قبلي، حيث يسهل فيها التأثير على الأطفال وإغواؤهم وغسل أدمغتهم وإجبارهم على الانخراط في أعمال القتل والتخريب ،. وبصرف النظر عن كيفية تجنيد هؤلاء الأطفال ولأي أغراض ، قبل بلوغهم سن السادسة عشرة ناهيك عن الأدوار والمهمات التي توكَل إليهم، فالأطفال أول ضحايا في هذه الحرب، لمشاركتهم في النزاع من انعكاساته وتأثيراته علي صحتهم الجسدية والنفسية. وأول ما يخسروه هو طفولتهم، فهم يشهدون أو يشاركون في أعمال العنف، ويخضون حروب ليست لهم وقد تكون موجهة ضدهم بالاساس وضد مجتمعاتهم ، بكل هذا العنف الجسدي والقتل والمذابح التي يرونها إنه وضع مأساوي بكل ما تحمل الكلمة من معني ولقد حذّرت منظّمة الأمم المتحدة للطفولة الـ«يونيسيف» UNICEF من أن نحو 15 مليون طفل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،لا يلتحقون بالمدارس بسبب الصراعات المسلّحة في بلدانهم. ناهيك عن الارقام التي تُفزع من حالات التشرد والتزوح القسري وغيرها من حالات القتل والموت وفقد العائلة بل والمأوي والوطن، رغم اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 ، تنفيذا في 2 أيلول/سبتمبر 1990 ، وفقا للمادة 49 والتي عرّفت الطفل بأنه "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة " غير أن المجتمع الدولي لم يعترف بسن الثامنة عشرة كحد أدنى عالمي. واتخذ من سن الخامسة عشر كسن التجنيد للطفل.. مع هذا التناقض الواضح

ومن المؤسف أن تكون طبيعة النزاعات المسلحة اليوم تحتاج الي بذل المزيد من الجهود الحثيثية من أجل إنقاذ الأطفال من براثن الحروب، فلابد من التدخل الدولي والانساني الحقيقي والفاعل لانقاذ مستقبل وحياة هؤلاء الاطفال ووضع برامج حماية وتمكين الأطفال من أثار النزاعات المسلحة ووضع حزمة من القوانين الدولية التي تجرم حالات القضاء علي مستقبل الاطفال في بلادنا فالارقام مذهلة في كافة الدول العربية التي بها نزاعات مسلحة، ووفقا للعديد من التقارير الدولية فإنّ 3 ملايين طفل في العراق، و2.4 مليون طفل في سوريا، و2 مليون طفل في ليبيا، و3.1 مليون طفل في السودان، و2.9 مليون طفل في اليمن، لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس بسبب الحرب.. هل هذا هو مستقبل أطفالنا ؟


اشرف الخريبي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى