مامون أمين - الماء والخضرة والوجه الحسن

الصباح يختلف هنا يبدو جميلا لانه يأتى بعد ليل طويل... طويل كمد البصر في صحراء ممتده.... رفعت راسي الى أعلى تاركا جسدى على الشوال الذى افترشته خوفا من لدغ العقارب والحشرات..... الأشجار تتحرك بهمة ونشاط... من الشمال الى اليمين... الطيور تخرج منها بأندفاع... كأندفاع رصاصة من بندقية هاوى.... على بعد مائتى متر أرى فرس يصهل بقوة رافع يديه الى اعلى راسماً لوحة يمكن لرسام مبتدئ ان يصل بها الى العالمية.... جواره حصان صغير يبدو من بعيد كماعز حبلى بطنه تبدو أكبر من عمره..... الكوخ الذى خرجت منه في الليل لشعورى بالاختناق اصبح بعيدا بعيدأ ... يبدو اصغر حجما من قبل....

ضغطت يدى على الارض واندفعت الى اعلى متظاهرا بالنشاط ترنحت وقاربت على السقوط لولا شجرة نخيل لم يكتمل ظلها بعد.....الماء الماء.... كلمات قرأتها بداخلى مرت بسرعة ووضوح كبرق في ليلة ماطرة...ارتديت حذائي الضخم الذى تبدو قدمى داخله كقدم طفل في الخامسة يرتدى حذاء والده..... ذهبت مجرجرا حذائي لا اعرف الى أين ...... كما أتيت إلى هنا دون ان ادرى سأذهب الى وجهة اخرى .....

الماء قريب احساس انتابنى فجأة... حيثما توجد الخضره يوجد الماء وما اجمل المكان لو وجدت الوجه الحسن ...لا تكن طماع يا صاح ...

الأشجار مترامية بكثافة من كل مكان اشعة الشمس تتسلل داخلها مثل لص اخطأ في العنوان بالدخول الى بيت ضابط برتبة لواء....لا يمكن ان يخرج من هنا مرة اخرى ....صوت اندفاع الريح مع كثافة الأشجار كقرع البراميل الفارغة........كيف جئت إلى هنا شعرت فجأة بالخوف وانا والخوف متوازين خطين مستقيمين .....

تشجع يا صاح واكمل طريقك اتريد ان تموت هنا وتكون جثتك وجبة غير شهية للذئاب ... اصمت ودعنى اكمل طريقى لا توترنى بكلماتك المملة...

ذهب صوته مع الريح وتركنى اكمل وحدى ....... لمحت ضوء من بعيد تنفست الصعداء ركضت بكل ما اوتيت من قوة... قوة خارت في هذا المكان.... اركض بسرعه وصوت الرياح يعطينى احساس بان شئ ما خلفى يحاول اللحاق بى ... اغمض عينى وامنع عقلى من التفكير.... تعثرت بحجر.... لااااااااااااااااا ارجوك... ليس في هذه اللحظة لم اسقط يبدو ان الخوف جعلنى اتخيل اشياء لا اتمناها.....شعرت بدفء وسكون.... حاولت ان افتح عينى لأنظر تذكرت الذئب ربما يركض خلفى .....

لم اشعر بنفسى الا وانا داخل حفره يبدو ان الصيادين يستخدموها لقنص الحيوانات المفترسة في الغابة ....فرحتى برؤيتى للشمس كفرحتى بتحقيق حلمى الذى تمنيته منذ نعومة اظافرى..... شعرت بألم خفيف أسفل رجلى أردت ان اخلع الحذاء لكن!! لا يوجد في رجلى ..... سقط في الغابة كسقوط اشياء كثيره من قبله.....

لمحت من بعيد بحيرة صغيره او ربما تبدو كذلك .... كل الصور في هذه المرآة لا تبدو بمقاساتها الحقيقية ... لذلك سأترك التخمين إلى بعد التأكيد ..... اقتربت رويدا رويدا اعتب على قدمى التى بدأت تتورم...... حاملا فردة حذائي على يدى .... وأنا أنا الذى في هذا الوقت احتاج الى من يجملنى .. يحملك الى اين يا صاح الم تتب من المجازفة.....

أنت مرة اخرى اغرب عن وجهى واتركنى .....

اريد مساعدتك يبدو انك صغير وجاهل ولا تدرى ماذا تفعل....

لو تفوهت بكملة اخرى سارمى في وجهك هذا الحذاء القذر ..

واتضح لى ايضا انك جبان يا صاحب الخطين المتوازين.....

اغرب عن وجهى يا دميم اللسان ..

مع رمى لحذائي في وجهه طارت الطيور البيضاء التى كانت تتناثر حول البحيره ....ابتعدت بعيدا وتركت لى المكان جلست على ركبتى ببطء وملت بفمى على الماء كقط جائع صدره الصغير يبرز ويختفى مع تنفسه...... شربت حتى ارتويت واكتفيت .... تمددت جوار البحيره من الإنهاك ......

كيف دخلت الى الغابة ؟؟

ومن اين اتى الكوخ الذى تحدثت عنه ؟؟

وذلك الحصان وصغيره ذو البطن المنتفخه؟؟

واين اختفى حذاءك؟؟؟؟

خرجت هذه الاسئلة من صوت شديد الرقه لم اسمعه من قبل ربما هذا اللعين الذى يطاردنى ....قمت مفزوع من جلستى نظرت خلفى فوجدت فتاة غاية في الجمال بيضاء كقطعة ثلج ناعمة مثل حبة فراولة عيناها سوداوين واسعتين يمكننى ان اغرق فيهما...فمها مثل فاكهة توت حمراء.... شعرها اسود طويل مثل ليل حالك في فصل الشتاء.... ترتدى فستان بنفسجى وربطة عنق بيضاء كزهرة برية في بستان نضر.... دعكت عينى بيدي بقوة ...

ربما هى احلام اليقظة التى تراود الجوع بعد الشبع المفاجئ....

الاحلام التى ترتسم على مخيلة فقير ربح كنز في مسابقة يا نصيب....

الاحلام التى تراود فتاة لمحت الشاب الوسيم الذى يأتى على حصانه الابيض في احلامها الورديه....

انت لا تحلم لا تفكر كثيرا وترهق نفسك ..قالتها برقة كنسيم الهواء في فصل الربيع....

سقط قلبى من الخوف والسحر...اول مرة تباغتنى هذه الاحاسيس في آن واحد....

لقد اتيت الى مملكتى هذا المكان الواسع الممتد وتلك الغابة الموحشة المخيفة وكل ما بداخلها من كوخ وذلك الحصان الذى يرفع قدمه للسماء وابنه الصغير ذو البطن المنتفخه حتى هذه البحيرة والطيور التى كانت تشرب منها قبل قليل كل هذا لي ....

وانا ما الذى اتى بى الى هنا ....

انا

كيف لم افهمك؟؟؟

انا الذى اتيت بك تقدم الالاف للزواج منى لكنهم فشلوا للوصول الى هذه المرحلة .....

اذن كل ما تعرضت له كان اختبارات ومعاينة للحصول على يدك...

نعم ونجحت فيها بامتياز...

لكن اوصيك اياك ثم اياك ان تسبح في بحيرتى الا بأمرى

لم اشعر بنفسى بعد هذه الكلمات اصبحت خفيفا مثل ريشه يحملها التيار بدأت اركض في المكان مثل جرو صغير يتبع احلامه الكبيره ... وجدت الخضره ثم الماء واخيرا حلمى الكبير الوجه الحسن لا هذا ليس حسن هذا وجه ملائكى فائق الجمال لا يمكن وصفه.....

يا صاح يا صاح

انت مرة اخرى يا دميم اللسان ماذا تريد ؟؟؟

تلك الجميلة قالت لك استحم فرائحتك الكريهة لم تعجبها...

هى قالت لك ذلك..

نعم احرجت ان تقول لك ووصتنى ان أخبرك...

لكن كيف استحم ولا يوجد غير هذه البحيرة التى منعتنى من السباحة بها...

هنالك بعض المفاهيم الخاطئة يجب ان نكسرها للنجاح لا يضر لو سبحت فيها مرة واحده لأنها بعدها ستحبك ألف مرة ...

اول مرة تبدو عاقلا متزن في كلامك يا دميم اللسان هذا المرة سانفذ طلباتك من اجل اميرتى

خلعت ملابسى بسرعة ثم قفزت في الماء شعرت بعدها ببرد مفاجئ وظلام كثيف يحاوطنى من كل مكان لمحت من بعيد الكوخ الذى يبدو صغير وصوت صهيل الحصان يختلط مع فحيح الرياح...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى