رسائل الأدباء رسالة من شاكر خصباك إلى صالح جواد الطعمة

20/4/1957

أخي العزيز صالح
أرجو لك دوام الصحة والهناءة، كما أرجو أن تكون عمليتك الجراحية قد نجحت مائة في المائة.
لقد سررت لانتهاء عملك، وكنت أود أن تكون أكثر ثقة بحصولك على الدكتوراه! وقبول بحثك، وعلى أية حال فإذا استطعت المرور بلندن فسيكون ذلك فرصة طيبة لي إذ سأستطيع قضاء بضعة أيام معك. هذا إذا كنت ستسافر خلال شهر حزيران. أما إذا سافرت خلال شهر تموز فأخشى ألاّ أكون في انجلترا في ذلك الوقت، حيث أنني أنوي قضاء عطلة في أوربا لشهر على الأقل، إذا أمكن، خاصة وأنني لم أتمتع بأية عطلة حقيقية منذ أن ابتدأت في بحثي.
لقد سألتني في رسالتك الأخيرة إن كنت قد بدأت بالكتابة فعلاً، وأحب أن أقول لك أنني قطعت حتى الآن مرحلة هامة في الكتابة. والحقيقة أنني قد بدأت دراستي للدكتوراه منذ صيف عام 1954، وحسب أنظمة جامعات انجلترا فباستطاعتك أن تقدّم بحث الدكتوراه بعد مضيّ ثلاث سنوات، أي أن من حقّي رسميّاً أن أقدّم البحث في نهاية هذا العام ، ولكن نظراً لاتساع الموضوع الذي اخترته فلن يكون في وسعي الفراغ منه قبل الربيع المقبل أو منتصف الشتاء المقبل على أقل تقدير. وأتوقع أن أقضي السنة القادمة كلها في انجلترا. ولست نادماً على اختيار هذا الموضوع الواسع لأنه في الواقع لم يطرق بصورة علمية من قبل إلاّ قليلاً، وفيه مجال واسع للتجديد والافادة.

لقد تحدثت في رسالتك الماضية عن مشكلة الحوار وتأرجحه بين العاميّة والفصحى. والحقيقة أنها مشكلة مستعصية الحلّ في الظروف الحاضرة، ولا أدري كيف يمكن أن تُحَلّ في وقت قريب. إن استعمال الحوار الفصيح في القصص أو التمثيليات يتضمن اعتداء على الناحية الفنّية ولاشك، إذ أن تحدث شخص من شخوص المسرحية أو القصة باللغة الفصحى وهو عديم الثقة لأمر غير مستساغ لدى الفنّان؛ ولكن عذره الوحيد في ذلك هو أن استخدام اللغة العامية معناه طبع الأدب بطابع محليّ بحت. وهناك مسألة أخرى تبرّر استعمال الحوار الفصيح هو أن الحوار ليس في كلماته فحسب بل في معناه وتعابيره، أي في عرض طريقة تفكير الشخص. فإذا استطاع الكاتب أن يعرف لنا مستوى ونموذج تفكير الشخص وطريقة حديثه بلغة فصحى دون أن يجعل القارئ يشعر بالفارق بين الشخصية الواقعية والشخصية الروائية؛ فلا شك أنه يكون قد كسب المعركة وانتصر على مشكلة الحوار. وهو أمر متعذر للغاية، ولكن لاشك أن من الممكن تحقيقه بالنسبة لبعض الكتّاب.
وفي كلتا الحالتين فلا بد من استعمال أبسط التعابير والكلمات، وأنا أفضل شخصياً استعمال التعابير والكلمات التي تستعمل بالعامية ويمكن كتابتها بالفصحى، أي أنها كلمات فصحى [معمّمة].


خصباك-رسالة-2.jpg خصباك-رسالة.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى