معتصم الإزيرق - رِحلةُ الوصول.. شعر

-1-
رُويدَكمْ،
إِذا تعثّرتْ رَواحِلي علي مَفَارقِ الطُّرقْ،
وإِنْ تَلَكّأَتْ،
وأَثْقلَ الحنينُ خَطْوَها،
وغابَ تحتَ خيمةِ الظّلامِ أُفُقُ نَجمِها،
وقامِ دونَها الحرَّاسُ في مخافِرِ الحُدودْ،
يُعَاظِلُونَها عنِ الوصولِ و المُنَي،
ويُوثِقونَ في الحديدِ ذِكرياتِها،
ويُغرقونَ في غيابةِ الكُحولِ و الدخانِ صَحْوَ كأسِهْا،
غداةَ أَعشَتْ الغُيومُ أَعيُنَ الأُفُقْ،
واخْشَوْشَنتْ أَزهارُ حقلِكُمْ.

رُوَيْدَكُمْ،
فإِنَّ زادَ رِحلْتي القَليلَ قطرةٌ تَسُحُّ من خزائنِ الْمطرْ،
وشمعتي السَّكُوبةَ الدُمُوعِ،
تستضئُ في اشْتِعالِها بأَدمُعٍ أُخَرْ.
وإِنَّ في عَذابِ رحلتِي سعادتِي،
سعادتِي القاسيةِ العُيُونْ،
سَعادتِي التي إِذا اجْترعتُ رَشْفةً من المُدامِ،
أَستبينُ طعْمَها،
وأَسْتَقي مرارةَ السّنِينِ مِن مِزاجِها،
وأَسْتعيدُ كُلَ ليلةٍ عِنانَ سَرْجي،
مُسافراً علي حِصَانِها الطَّعينْ،
مُسافراً يَجوبُ في الآفاقِ و الحُزُونْ،
يُغازِلُ الفراشةَ المُجنْدَلَةْ،
ويقْتِني حنانَ قُبلةٍ بسنْبُلةْ،
وغازياً علي سَواعدِ الضِفافِ يَحترقْ.

-2-

قدْ يشْحُبُ السِّراجُ في مَسالكِ الشِّتاءْ،
وتَعْلَقُ الشِّغافَ حَفْنَةٌ
منَ الصَّقيعِ والخَواءْ،
وتُسْقِطُ اللأَمطارُ في زِقاقِ الخَمْرِ
قطرةً عليلةً صفراءْ،
وقد تضِلُّ خَطوةُ الدَّليلْ،
وقد تزِلُّ في حشائِشِ المُسْتنْقعِ الوبيلْ،
قُبَيْلَ أَن تلوحَ في المَدي.. نُجيمةُ الصَّباحْ،
وتصْطلِي قَوادِمُ الجراحِ بالجراحْ،
وتُسْتطابُ طفلةُ الرَّحيلْ،
تَفُكُّ عَقْدَ شعرِها المُسَبْسَبِ الطَّويلْ،
تُلَمْلِمُ البُذورَ من حَقائبِ الرَّياحْ،
وتسْتدرُّ نبعَ الزَّيتِ في المصباحْ.


-3-

تَصادمتْ خُطايَ حينَ رفرفتْ
زوارقُ الأَحْلامِ في ستائِرِ الغَسَقْ،
وأَفلتْ الفؤادُ من عِقالهِ،
وراحَ كالمجذوبَ يسكُبُ الأَقداحَ للسُمَّارِ والمُنادِمينْ،
ويحضُنُ المُشاةَ في الطُّرقْ،
ويبْتني مراكبَ الإِلهامِ من غَلائِل النَّدَي،
ومن عَرائسِ الشَّفَقْ،
لِيغْتَدي بها إِلي مِليكتِهْ؛
وحينَ أَقلعَتَ بهِ،
ترنَّحَ البَحَّارةُ الَّذينَ أَدمنوا مُدَامةَ الفرحْ،
وأَهملوا المٍجْذافَ حينَ أُولِعوا
بِنشوةِ الحُداةِ و المُراقِصينْ،
فطوَّحتْ عواصفث المُحيطِ بالشِّراعْ،
وأَقبلتْ عَظائِمُ الحيتانِ تنهشُ المتاعْ،
وأَعلنتْ كتائبُ الظَّلامِ بدءَ رحلةِ النُّشوزِ والضَّياعْ،
وجولةَ الإِقلاعِ في ليلِ التَّرَحْ.

ورغمَ قسوةِ الرِّياحْ،
رغمَ حُلكةِ البِحارِ والطُّرُقْ،
رَواحلٌ إِليكُمُ (إِحسانُ) خُفَّقاً بيارقِي وسُفُنِي،
حتَّي ولوْ تناقلَ الوشاةُ والمُنجمونَ أَنها تحطتْ،
أَوأَنَّها وشيكةٌ أَن تحترقْ!.

فإِنَّ ما يسيلُ من دمائِها،
ينزُّ من نَجيعِ شمسِكُمْ،
ويستجيلُ خُضرتاً علي حقولِكُمْ،
وبِركةً علي عُيونِها الضِّياءُ ينْفَلِقْ.
لأَنَّكُمْ:
عريقةٌ جُذوعُ نخلِكُم،
وريقةٌ دُمُوعُ حُزْنِكُمْ،
مُضيئةٌ شُموعُ عُرسِكُمْ،
وأَنَّكُمْ
وأَنَّكُمْ
رُوَيْدَكُمْ!!!.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى