عدنان الفضلي - عقوق المدينة العتيقة.. شعر

لا تخبرني عن المدينة
أنا أول من غفرت لها خطاياها
يوم رميت بأسمالي وسط النهر
وتحوّل بي الإنسان الى شاعر أوسطه زوال
وأنا أول يتاماها الذين تمردوا ..
لحظة أن أبصرت وجهها يبتسم للهامش
ويعبس بوجه الذين ولدوا من صلبها
إنها مدينة : راق لها الذين يذرفون الكلمات
ويتشدّقون بذبح الحمامات البيض ..
على قارعة الرؤية المستديرة عن الشرق
يا صديقي :
أنا اعلم بأجفانها المطبقة ..
لا تحتوي بداخلها أحلامنا الذاهبة الى فوق
وان دمعتها ..
لن تنسكب على من لاذوا بالمنافي ..
طمعاً بعودة تليق بحضن مشتعل
يوماً ما يا صديقي ..
ستأتي الى قبر أشيّده منذ الآن
وستضع هناك اعترافاً أخيراً
وستخبرني بان المدينة ..
مضت تأكل حجارتها الصدئة
ويومها .. لا تذرف دمعة حمقاء
ولا تجعل من طابوق ضريحي ..
حائط مبكى أو مزار نبوءات
فانا لن أكون هناك ..
سيقتادني يا صديقي سيل الهامشيين
الى أصابع السلطان الناقم على الموتى
وسيفعل بي مثل انكيدو متهماً بالزنا
أو مثل الحسين ..!!
يتناقل رأسه الرواة قبل الرماح
ولا يعلمون بأنه دونهم ..
عرّش اسمه في سماء سابعة
يا صديقي :
عظيم أمر هذه المدينة .. !!
تجيد اجتراح العجائب
لكنها تنكر مؤخراً طعم الغناء
أسقطت يا صديقي .. قيثارتها في جب
تلاقفتها منه اذرع السيارة
واجبروها .. أن تصير رخاماً
غريب طبع زقورتها ..
تقول إن الفرات عشق ترابها
ولا تمنح أهل التراب حقّ الغزل
تغمز بعينيها للهنود الحمر ..
وتنهر سائل سومري الطعم
جاء يخطب ودّ الدار العتيقة
يا صديقي :
دع عني وعنك هذا العناء
اني تركت التشبّث بالأرض وجداً
وآمنت باصطباغ العمق ..
يشدّ ذراعي بعيداً ؟؟
الى حيث مقتل أسلافي الأولين
أقيم هناك قدّاساً للنازحين
واشرب نخب عويل المدن الراحلة


*
عدنان الفضلي: عقوق المدينة العتيقة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى