عبد القادر وساط - من أحلام فيرناندو بيسوا

رأى فيرناندو بيسوا، فيما يرى النائم، أنه عاد من الجبهة إلى بيت أسرته، المقابل لبناية الأوبرا، في لشبونة.
كان عائدا بلباس الميدان، بعد غياب طويل.
طرق البابَ ففتحتْ له والدته ماريا ماجدالينا.
كان البيت كعهده به في الزمن القديم.
حتى معطفه القديم كان لا يزال معلقا على الجدار، قرب النافذة.
تقدمَ إلى الداخل فوجدَ والده يواكيم جالسا على كنبة حمراء، يتصفح كتاب الملك لير لشكسبير. كانت ساقه اليمنى ملفوفة بالجصّ.
قال له الأب بلهجة غاضبة:
- لماذا عدتَ، أيها الجندي الجبان؟
في تلك اللحظة دخلت امرأة شابة، بلباس الممرضات. كانت جميلة لكنها بادية السمنة. ابتسمَ الأب حين رآها وسألها:
- ما أخبارك يا أوغستينا؟
أجابته:
- كل شيء على ما يرام. وأنت؟ كيف حالك يا شكسبير؟
نظر بيسوا إلى والده ففوجئ بأنه قد صارت له فعلا ملامح شكسبير.
كانت الأم ماريا ماجدالينا قد دخلت الغرفة عندئذ وشرعت تخاطب الأب بنبرة حانقة:
- أيها الشيخ الهرم، يا شكسبير الزائف، ألن تتوقفَ عن هذه اللعبة؟
عند سماع كلامها، استعاد الأب بسرعة ملامحه الحقيقية. كان واضحا من نظراته أنه يستغيث بابنه، لكن دون جدوى.
لم يكن فيرناندو بيسوا قادرا على فعل شيء. لذلك وقف صامتا، بينما قسمات والده تتغير باستمرار، فتتخذ ملامح شكسبير تارة وملامح يواكيم تارة أخرى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى