رسالة من يوسف إدريس إلى إحسان عبد القدوس

«إحسان يا أرق فنان»..

دهشت أنا والزملاء المفصولون أو المعزولون نفكر فى مقابلتك، دهشت لأنهم أقترحوا عدم ذهابى وحين سألت باستغراب: قالوا: لأنه ضرورى يكرهك.. وضحكت بسخرية كبيرة، فأنا أراك غير قادر على الكره، ربما أنت أيضا لا تريد الحب ولكنك بالتأكيد لا تكره.

غير أنى بعد أن خلوت لنفسى أدركت أن شيئا ما كان وأن هناك بينى وبينك شيئا هو الذى حال أن أصبح صديقك أو نتقارب أكثر، شيئا لا أستطيع تحديده، ولكن هناك ولعلك سوف تعجب لهذه الرسالة وتقول إنها من إنسان يطمع منك فى حاجة، فإذا عرفت أنى لا أطمع منك أو حتى من الصحافة كلها فى شيء، فأرجو اذن ان تأخذ رسالتى بمأخذ آخر ان أحدا لم يحرز مجدا ككاتب قصة كما أحرزت، ونجاحا لم يعرفه أحد مثل ما عرفت، طول عمرك ناجح ورئيس تحرير، طول عمرك سيد نفسك، ورغم هذا فالغريب ان إنسانا بهذا النجاح لا يكمله، وإنما سأبتلع من أجلك ومن أجل مصر ما لحقنى من إهانات. إن بلدى هى كرامتى الكبرى فأنت رمز كرامتها، وأنا يغيظنى أن تشوه صورة بلدى على هذا النحو، وأن تأخذ قضية المعزولين أو المنقولين وما يضر قضيتنا الوطنية نفسها . انى أهيب بك ان تصفح، وان كنت لاتزال غاضبا أن ينفثئ الغضب وما هكذا كنا نرى عهدك، انه لا يمكن أن يكون عهد انتقام أو تنكيل، لا يمكن أن يكون فى قبضة اليمين الرجعى وقد استشرى وأخذ يسحق عظام اليسار الرميم وينكل بها وكنا نراه عهد توازن وطنى وازدهار، فلماذا يريده عهد عداوة ومشاحنات وبغضا، ومعاداة اليسار الوطنى، أننا سواء أردنا أو لم نرد لن نرضى لا بالصهيونية أوالاستعمار.

لا أستطيع أن أزعم بشرف اليسار ولكن أيضا لست يمينيا واذا كنت كما فعلتم سيادتكم بتلغراف ستضربون بخطابى هذا عرض الحائط فانى أكون حينذاك اسف أن يحدث هذا وبسببى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى