عبدالقادر وساط - بيير باولو بازوليني في الفندق

في ليلة صيفية حارة، من سنة 1952، نزلَ بيير باولو بازوليني بفندق آرماني، بمدينة ميلانو.
كان لا يزال شابا في الثلاثين.
سلّمَتْه موظفة الاستقبال مفتاحَ الغرفة رقم 506، الموجودة في الطابق الخامس.
وحين صعد إلى تلك الغرفة، برفقة حامل الأمتعة، وَجدَ مكتوباً على بابها بحروف كبيرة:
" إذا دخلتَ هذه الغرفة فإنك لن تخرج منها حيّاً."
سأل مرافقَه عن معنى ذلك، فقال له متظاهرا بالهدوء:
- لاتحفل بالأمر يا سيدي. جميعُ غُرَف الفندق عليها كتابات من هذا النوع. تعال لترى بعينيك.
كان الأمر كذلك فعلا. فعلى باب الغرفة 505، كُتبَتْ هذه العبارة:
" حتى الشيطان سيكتبُ وصيّتَه، إن هو جاء للمبيت هنا."
أما الباب رقم 504، فكان مكتوبا عليه:
" بقيتْ أمامك فرصة وحيدة، إن شئت النجاة بجلدك: هي أن تصير لامرئيا."
على الباب رقم 503، قرأ المخرج السينمائي:
" لو عرفتَ مَنْ يختبئ هنا، في انتظارك، تحت السرير، لما تجرأتَ على الدخول."
وعلى باب الغرفة 502:
" ها أنتَ قد جئتَ أخيرا، أيها المتعجرف، لطالما انتظرناك."
في الجهة المقابلة، كان باب الغرفة 501 يَحمل العبارة التالية:
" أيها المغامر الأخرق، هل أنت أصمّ؟ ألا تسمع أنينا غريبا خلف هذا الباب؟"
حين وقف بازوليني أمام الغرفة 500 لاحظ أنّ بابها يحمل كلمة واحدة فحسب، هي: "متى؟"
التفتَ إلى حامل الأمتعة وقال له:
- حسنا إذن، سأمضي إلى موظفة الاستقبال لكي تسلمني مفتاح هذه الغرفة بالذات، إن كانت فارغة.
تغيرَ لونُ الرجل عندما سمع ذلك. صار الخوف باديا عليه. اقترب من المخرج وقال له:
- الغرفة 500؟ لا أنصحك بها يا سيدي. لا أنصحك بها بتاتا. اختر لك أي غرفة شئتَ إلا هذه.
ثم مضى باتجاه المصعد، وهو يردد:
- أي غرفة إلا هذه! أي غرفة إلا هذه!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى